دراسة حديثة: المرونة العقلية تقلل خطر الوفاة بنسبة 53%، فكيف تتمرن عليها؟

4 دقيقة
المرونة العقلية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

أظهرت دراسة بحثية حديثة نُشرت بالاشتراك بين جامعة صن يات صن في الصين (Sun Yat-sen University) ومعهد كارولينسكا في السويد (Karolinska Institutet) بالمجلة الطبية البريطانية (The BMJ) في سبتمبر/أيلول 2024 أن المرونة العقلية قد تقلل خطر الوفاة بنسبة 53%؛ حيث أكد الباحثون المشاركين في الدراسة إن كيفية تعاملك مع تحديات الحياة يمكن أن تحدث فرقاً في عمرك،  فكلما كنت أكثر مرونة في مواجهة تقلبات الحياة مع تقدمك في العمر، انخفض خطر وفاتك، وإليك أهم تفاصيل الدراسة عبر هذا المقال.

كيف توصلت الدراسة إلى هذه النتيجة؟

أكدت الدراسة البحثية السابق ذكرها، إن الأشخاص الذين يتمتعون بأعلى مستويات المرونة العقلية لديهم فرصة أقل للوفاة بنسبة وصلت إلى 53%، وقد شملت هذه الدراسة 10,569 مشاركاً تجاوزت سنّ كل منهم 50 عاماً، وقد تابع الباحثون مستوى المرونة العقلية لدى المشاركين مدة 12 عاماً، وقاسوا مستوى المرونة العقلية وسجلوه على مقياس من 0 إلى 12 بناءً على إجابات المشاركين عن استبانة حول هدوئهم ومثابرتهم واعتمادهم على ذواتهم ومواجهتهم التحديات بمفردهم.

بعد ذلك، قسم الباحثون المشاركين إلى 4 مجموعات اعتماداً على مدى مرونتهم العقلية، وقد كان كبار السن الأكثر مرونة أقل عرضة إلى الوفاة بنسبة 53% في السنوات العشر القادمة. ووفقاً لما أكده الباحثون؛ فإن المرونة العقلية يمكن أن تتأثر بعوامل مثل جنسك والهرمونات والجينات التي تنظم استجابة الجسم للتوتر، بالإضافة إلى أن وجود معنى لحياتك والعواطف الإيجابية والرضا عن الدعم الاجتماعي يمكن أن يؤثر أيضاً في مرونتك.

وذكر الباحثون إن المشاعر الإيجابية تعزّز التأثيرات الوقائية للمرونة العقلية، وتخفف التأثير السلبي للشدائد المتراكمة في الصحة النفسية. من جهة أخرى، يعتقد الباحثون أن المرونة العقلية تساعد على التعافي الجسدي بعد الإصابة بالأمراض والتعرض إلى الصدمات النفسية؛ حيث إن مهارات التأقلم الجيدة قد تفيد في مواجهة التأثيرات السلبية للأوقات الصعبة.

اقرأ أيضاً: كيف تعزز المرونة في بيئة العمل المشاعر الإيجابية والإنجاز؟

ما هي المرونة العقلية؟

تعني المرونة العقلية القدرة على التعامل مع الانتكاسات والتعافي منها، ويمكن القول إن الشخص المرن هو شخص يتمتع بمهارات تأقلم قوية، وقادر على طلب المساعدة عند الحاجة، وإيجاد طرائق لإدارة الموقف الذي يواجهه. ويتمتع الأشخاص الذين يمتلكون المرونة العقلية بالقدرة على استخدام مهاراتهم وقوتهم للاستجابة لتحديات الحياة مثل:

  1. فقدان أحد أفراد الأسرة.
  2. الطلاق.
  3. فقدان الوظيفة.
  4. الإصابة بالمرض.
  5. التعرض إلى الكوارث الطبيعية.
  6. المشاكل المالية.

وبدلاً من الوقوع في اليأس أو الاختباء من المشكلات باستخدام استراتيجيات التكيف غير الصحية، يواجه الأشخاص المرنون صعوبات الحياة مواجهة مباشرة.

5 علامات تخبرك بأنك شخص مرن عقلياً

غالباً ما يتمتع الأشخاص المرنون بعدد من الخصائص المختلفة التي تساعدهم على التغلب على تحديات الحياة. ويشمل بعض علامات المرونة العقلية ما يلي:

1. عقلية الناجي

عندما تكون شخصاً مرناً على الصعيد العقلي، فهذا يعني أنك تنظر إلى نفسك بصفتك ناجياً وليس ضحية؛ أنت تدرك جيداً التحديات الصعبة التي تواجهك لكنك، على الرغم من ذلك، تتمكن من تجاوزها.

2. التنظيم العاطفي الفعال

تتميز المرونة بالقدرة على إدارة المشاعر في مواجهة الإجهاد، وهذا لا يعني بالطبع أنك لا تعاني مشاعر قوية مثل الغضب والحزن والخوف؛ لكن يعني إدراكك أن هذه المشاعر مؤقتة وستمر في نهاية الأمر؛ وذلك لأنك ستتمكن من إدارتها على نحو فعال.

3. مهارة حل المشكلات

عندما تحدث المشكلات، فأنت تنظر إلى الموقف بعقلانية وتحاول التوصل إلى حلول من شأنها أن تُحدث فرقاً.

4. التعاطف مع الذات

علامة أخرى على المرونة هي إظهار قبول الذات والتعاطف مع الذات، فأنت تعامل نفسك بلطف، خاصة عندما تكون الأمور صعبة.

5. الدعم الاجتماعي

وجود شبكة قوية من الأشخاص الداعمين علامة أخرى على المرونة؛ وهذا يعني معرفتك الجيدة بأهمية الدعم ومتى تحتاج إلى طلب المساعدة من الآخرين.

اقرأ أيضاً: المرونة: ما نتعلمه من مختصي الأعصاب

كيف تتمرن على المرونة العقلية؟

يؤكد الطبيب النفسي، محمد اليوسف، إن المرونة العقلية لا تعني عدم الشعور بالضغوط، أو الخلو التام من التوتر والقلق؛ لكنها تعني القدرة على العودة سريعاً لاتزانك النفسي وهدوئك الذهني بعد المرور بالضغوط؛ ما يعني باختصار القدرة على النهوض أسرع بعد كل سقوط، وهذه أهم النصائح التي يمكن أن تساعدك على تمرين مرونتك العقلية:

1. طوّر وعيك الذاتي

إن عملية فهم كيفية استجابتك عادةً للتوتر والشدائد هي الخطوة الأولى نحو تعلم استراتيجيات أكثر تكيفاً. من أجل بناء مرونتك العقلية، يتضمن الوعي الذاتي أيضاً فهم نقاط قوتك ومعرفة نقاط ضعفك.

2. تعلّم مهارات التأقلم وتقليل التوتر

يعد الحفاظ على تركيزك في مواجهة التوتر والشدائد أمر مهم ولكنه ليس سهلاً، يمكن أن تساعدك تقنيات تقليل التوتر؛ مثل التصور الموجه وتمارين التنفس وتدريب اليقظة، على تنظيم عواطفك وأفكارك وسلوكياتك. علاوة على ذلك، تُمكنك الاستعانة بمهارات التأقلم مثل ممارسة الرياضة والمشي في الهواء الطلق والحصول على قسط كافٍ من النوم.

3. أعِد صياغة أفكارك السلبية

تمكنك المرونة العقلية من النظر إلى المواقف السلبية على نحو واقعي؛ لكن بطريقة لا تركز على اللوم أو التفكير فيما لا يمكن تغييره، فبدلاً من النظر إلى الشدائد على أنها لا يمكن التغلب عليها، أعِد صياغة أفكارك للبحث عن طرائق صغيرة لمعالجة المشكلة وإجراء التغييرات التي ستساعدك.

4. ركّز على رعايتك الذاتية

عندما تكون متوتراً وتواجه المواقف الصعبة، قد يسهل عليك إهمال احتياجاتك الخاصة؛ حيث إن فقدان شهيتك وتجاهل التمارين الرياضية وعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم؛ كلها ردود أفعال شائعة لموقف الأزمة. ولكن بدلاً من التركيز على ذلك، ركز على بناء مهارات رعاية الذات، حتى عندما تكون مضطرباً، خصص وقتاً للأنشطة التي تستمتع بها، فمن خلال الاهتمام باحتياجاتك الخاصة ورعاية نفسك يمكنك الصمود والاستعداد الكامل لمواجهة تحديات الحياة.

5. آمن بقدراتك

يمكن أن تؤدي الثقة في قدرتك على التعامل مع ضغوط الحياة دوراً مهماً في بناء المرونة العقلية؛ حيث إن زيادة الثقة في قدراتك؛ بما فيها قدرتك على الاستجابة للأزمة والتعامل معها، هي طريقة رائعة لبناء المرونة للمستقبل. وحتى تتمكن من ذلك، استمع إلى التعليقات السلبية داخل رأسك واستبدل بها على الفور أخرى إيجابية.

6. غيّر رؤيتك لما جرى

عندما تواجه الأحداث السلبية، فأنت غالباً ما تعيد إحياء الحدث مراراً وتكراراً داخل رأسك، وتعيد صياغة الألم. يشبه الأمر دوران العجلات ولكنه لا يدفعك إلى الأمام نحو الشفاء والنمو. في هذه الحالة، يمكن لممارسة الكتابة أن تدفعك إلى الأمام، وذلك بمساعدتك على اكتساب رؤى جديدة حول التحديات التي تواجهك؛ لذا جرب أن تكتب مدة 20 دقيقة كتابة حرة حول حدث ما واستكشف أعمق أفكارك ومشاعرك، وحاول تغيير رؤيتك للأمر.

المحتوى محمي