ما هي الآثار النفسية للتمييز ضد المرأة في بيئة العمل؟

3 دقائق
التمييز ضد المرأة في بيئة العمل

يحتل تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين قلب أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة وتسعى لتحقيقها بحلول عام 2030؛ لكن على الرغم من ذلك، فلا يزال التمييز ضد المرأة في بيئة العمل إحدى المشكلات التي تحول دون مشاركتها بفعالية وتحقيق أهدافها التي تصبو إليها.
هناك عدة أنواع وأشكال يمكن أن يتخذها التمييز في العموم؛ على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو السن، وفي كل حالاته؛ يمكن أن يكون ذو آثار نفسية سلبية بعيدة المدى على الشخص الذي يُمَارَس التمييز ضده. وفي بيئة كبيئة العمل؛ حيث يمكن أن يحقق النجاح والترقّي عائداً قوياً على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للفرد وأسرته ككل، يكون تأثير ذلك التمييز أكثر عمقاً.

عوائق أكثر للنساء في بيئة العمل

في دراسة نُشرت في شهر فبراير/شباط للعام 2021 تم فيها استطلاع رأي طبيبات في مستشفيات جامعية بالولايات المتحدة، أشرن إلى أنهن يواجهن تمييزاً قائماً على النوع الاجتماعي، وكذلك التحرش الجنسي؛ حيث أبلغن في كثير من الأحيان عن اللمس غير اللائق والإيماءات الجنسية وغيرها من المضايقات، كما أضافت الطبيبات أن جنسهن قد أثّر سلباً على فرصهن الوظيفية.

كذلك؛ وجدت دراسة أخرى أن النساء المتفوقات، واللاتي لديهن شغف غير محدود في وقت مبكر من حياتهن الأكاديمية، لديهن فرص أقل للقيادة في مكان العمل؛ حيث يواجهن عوائق أكثر مقارنة بالرجال ذوي المناصب الأدنى؛ والذين يستمرون بدورهم في الترقّي والحصول على مناصب قيادية أعلى منهنّ، ولا يواجهون نفس الحواجز والعوائق التي تواجهها النساء في تأمين فرص قيادية أكبر.

أشكال التمييز ضد المرأة في العمل

إن التمييز ضد المرأة هو أمر غير قانوني يتخذ أشكالاً عدة؛ مثل المعاملة المتحيزة في عمليات التوظيف أو الفصل، أو التفاوت في الأجور على الرغم من أداء نفس المهام، أو تحديد المزايا؛ مثل الإجازات أو الترقيات.

كما قد تواجه النساء اللاتي يعملن في أماكن عمل يهيمن عليها الذكور تحديات أكبر، وقد يتعين عليهن في بعض الأحيان التعويض عن وضعهن كأقلية؛ قد يقضين ساعات عمل أكثر، أو يعملن بجهد أكبر، أو يشعرن بالحاجة إلى إثبات أنفسهن أكثر من الرجال من حولهن.

يمكن أن يؤدي ذلك التمييز بين الجنسين في مكان العمل إلى آثار بعيدة المدى على صحة المرأة الجسدية والنفسية والعاطفية؛ قد يكون من المزعج حقاً الشعور بعدم القدرة على التحكم في كيفية معاملة أو نظرة الآخرين لك بسبب جنسك، ويؤثر على جميع جوانب التوظيف، من الشعور بالسلامة في بيئة العمل إلى القدرة على أداء مسؤوليات الوظيفة بشكل كامل وإبراز القدرات.

قد يؤدي ذلك بدوره إلى انخفاض الإنتاجية، وتدني احترام الذات، والشعور بالإحباط أو الغضب، بالإضافة إلى الشعور بعدم الأمان أو الخوف، والعزلة عن زملاء العمل الآخرين.

رسائل خفية وأخرى واضحة

كشف بحث عن بعض الطرق التي يتم بها تهميش النساء في العمل، خاصة عند العمل في مؤسسات أو أماكن يسيطر عليها الذكور، وكيف أنها قد تجعل النساء يشعرن بالإحباط الشديد لدرجة تركهن وظائف مُستحقَّة للحصول على فرص بديلة توفر مزيداً من الدعم، وتهميشاً أقل.

أوضح الباحثون أن أنواع التهميش تلك قد تتجسد في رسائل خفية واعتداءات دقيقة؛ كاستخدام الإيحاءات، بينما تتصاعد إلى اعتداءات كبيرة أو رسائل وسلوكيات فاضحة وخبيثة كالتحرش الجنسي في أوقات أخرى.

كذلك؛ تُظهر الأبحاث أن الكلمات والأفعال اليومية في مكان العمل يمكن أن تؤثر سلباً على إحساس المرأة بالرفاهة والنجاح. أوضحت دراسة كندية حول الفجوة بين الجنسين وتأثيرها على الصحة العقلية، زيادة انتشار الاكتئاب بين النساء اللاتي يتعرضن لعدم المساواة في العمل؛ حيث أبلغت أكثر من واحدة بين كل 10 نساء مشاركات في الدراسة عن تعرضها للتمييز، وحصلت اللاتي تعرضن للتمييز على درجات اكتئاب أعلى؛ ما يشير بقوة إلى أن ذلك الأمر هو عامل مهم في الصحة العقلية للمرأة.

علاوةً على ذلك؛ أكدت نتائج دراسة أخرى أجراها باحثون من كوريا الجنوبية على علاقة التمييز ضد المرأة في بيئة العمل والاكتئاب؛ أوضحت النتائج أن النساء اللاتي عانين من التمييز، واللاتي تقل أعمارهن عن 40 عاماً، كان لديهن احتمالات أعلى من أعراض الاكتئاب، بغض النظر عن نوع التمييز؛ بما في ذلك التوظيف، والترقية، وتكليفات العمل، والأجور المدفوعة، والفصل من العمل.

كيف يمكن تقويض التمييز ضد النساء في العمل؟

إن العمل في بيئة آمنة خالية من التمييز، وتكافؤ الفرص في التوظيف والترقيات، هو حق لا يجب التنازل عنه، لذلك يجب على الأفراد امتلاك الوعي بحقوقهن جيداً لكي يتخذن القرار الصحيح عند التعرّض للمضايقات أو التمييز.

يتحقق ذلك على مستوى الأفراد عن طريق:

  • المعرفة الجيدة بالحقوق والتعرف على سياسة الشركة فيما يتعلق بذلك الأمر.
  • التعبير عن قلقك بطريقة حازمة إلى الشخص المسؤول مباشرة عن التمييز، أو إبلاغ مسؤول الموارد البشرية أو المشرف أو المدير بتلك المضايقة.
  • الاحتفاظ بسجل للأحداث وكتابة وصف دقيق للحدث وشرح كيف تعارض ذلك مع قدرتك على أداء وظيفتك.

بينما تتمثل الخطوات التي يمكن للمدراء وموظفي الموارد البشرية اتخاذها في:

  • إنشاء ثقافة في مكان العمل لا تتسامح مع التمييز بين الجنسين.
  • توفير جداول زمنية مرنة لاستيعاب المواعيد الخاصة والحالات الطارئة؛ مثل ما قبل الولادة والحالات الطبية المتعلقة بالحمل.
  • الحفاظ على قنوات المعلومات مفتوحة مع الموظفين فيما يتعلق بمزايا العمل والأسرة والإجازات، وكذلك إبقاء الحوار مفتوحاً مع الموظف حول نوع الدعم الذي قد يحتاجه إذا تعرض للتمييز.
  • إجراء دورات تدريبية في مكان العمل لتثقيف الموظفين حول التمييز بين الجنسين وآثاره وكيفية منعه.

يأتي التمييز ضد المرأة في مكان العمل بنتائج سلبية عديدة على صحتها النفسية، وكذلك ما يمكن أن تقدمه للعمل. لذلك، فإن ردع ذلك التمييز هو أمر ضروري لمنحها الثقة والدعم المستحَقين؛ ما يساعد في تحقيقها لأهدافها جنباً إلى جنب مع أهداف المؤسسة.

المحتوى محمي