ما الذي يحدث لك عندما تبقى مستيقظاً لساعات طويلة من الليل؟ ما هو معدل ساعات النوم الذي تحتاجه لتستيقظ بحالة نشاط؟ هل يمكن أن يؤثر عدد ساعات نومك على معدتك و رغبتك في تناول نوع معين من الطعام؟ كيف تكون حالتك النفسية عندما تنام عدد ساعات أقل من احتياجاتك؟ وما هي آثار الحرمان من النوم على صحتك؟ هل يؤثر ذلك على شهيتك؟
أطلق لخيالك العنان إذاً وفكر في الأمر.
هل فكرت يوماً في إحساس الجوع؟ ما الذي يحدث في معدتك لتشعر بالجوع؟ تساعد العديد من الإشارات داخل الجسم على التحكم في كمية الطعام الذي نتناوله، والسبب يعود إلى الغريلين (Ghrelin Hormone)؛ والذي يسمى أحياناً هرمون الجوع.
يُفرز الغريلين في الجزء العلوي من المعدة، وهو هرمون تزيد نسبته في الدم عند الشعور بالجوع. عندما تكون المعدة فارغة، ينتقل الغريلين عبر مجرى الدم ويطلب من الدماغ أن يشير إلى الجوع، وهنا تبدأ التفكير في الطعام، وبمجرد تناول الطعام تتوقف المعدة عن إفراز هرمون الغريلين. تتغير مستويات الغريلين على مدار اليوم وتكون مرتفعة قبل تناول الوجبة مباشرة؛ ما يتيح لك الشعور بأنك جائع، ثم تنخفض بعد الأكل مباشرة؛ ما يتيح لك الشعور بالشبع.
هل فكرت يوماً أن عدد ساعات نومك يمكنه أن يتحكم في وزنك ويؤثر في شهيتك؟
بحسب توصيات مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن متوسط عدد ساعات النوم التي يحتاجها البالغون هي 7 ساعات؛ لكن في عالمنا اليوم انخفضت مدة النوم اليومية بمقدار ساعة ونصف. وارتبط ذلك ارتباطاً وثيقاً بارتفاع حاد في معدلات الإصابة بالسمنة، وقد أعطى مصداقية للفرضية القائلة بأن اضطراب النوم يمكن أن يغير الإيقاعات البيولوجية لسلوك التغذية؛ ما يؤدي بدوره إلى زيادة الوزن والسمنة.
اقرأ أيضاً: ما هو سبب الحاجة الغريبة للسبات؟
وفي بحث لدراسة تلك العلاقة بين النوم والسمنة، أفاد العديد من المشاركين أنه عندما يكون متوسط مدة النوم اليومي أقل من 7.7 ساعة، فإن الأفراد من جميع الفئات العمرية يُظهرون متوسط مؤشر كتلة الجسم أعلى، بالإضافة إلى انخفاض الليبتين (الهرمون المسؤول عن الشبع) وزيادة هرمون الغريلين. هذه التغيرات الهرمونية تشبه تلك التي تحدث مع قلة تناول الطاقة أو فقدان الوزن، وتؤدي إلى زيادة الأكل. هذه آلية مقبولة بيولوجياً لزيادة مؤشر كتلة الجسم المصاحبة لقلة النوم.
لكن السؤال هنا، لماذا يحدث هذا الارتباط؟
إن ليلة واحدة من قلة النوم تعطل بشدة توازن الطاقة الطبيعي؛ ما يتسبب تدريجياً في ارتفاع مخاطر الإصابة بالسمنة. هناك علاقة قوية بين التمثيل الغذائي والآليات العصبية أيضاً، وتظهر جلياً في تأثير كل من أنماط التغذية والنوم على بعضهما البعض. مثال على ذلك الشعور بالجوع أثناء النهار، والشعور بالشبع والنعاس بمجرد حلول الظلام.
كما أن الاستيقاظ لعدد ساعات أطول يعني الحاجة لمزيد من الطعام لتناوله، وهنا يبدأ المخ في اشتهاء أنواع معينة من الأطعمة، وخاصة المليئة بالسكريات والنشويات، بطريقة أوتوماتيكية تماماً. تريد السهر لوقت متأخر؟ إذاً المخ يريد هذه الأطعمة، حضرها له!
يبدأ مستوى سكر الدم في الانخفاض مساء، وتبدأ الحاجة في تناول أطعمة تحتوي على المزيد من السكريات في نفس الوقت، وكلما زاد عدد ساعات السهر والحرمان من النوم، زادت رغبة المخ في المزيد من السكريات.
لكن ما تأثير ذلك على الصحة النفسية؟
إن آثار الحرمان من النوم كثيرة، وخاصة إذا تحول الموضوع لطبيعة جديدة، وتتراوح هذه الآثار من الإجهاد في ساعات الصباح إلى البطء العقلي والشعور بالتعب لفترات طويلة. النتيجة النهائية هي عدم الرغبة في الانخراط في العمل البدني أو ممارسة الرياضة، لا يتوقف الأمر هنا وحسب؛ لكن يرتبط ذلك بزيادة غير مرغوبة في الوزن؛ ما قد تؤثر في مدى قبولنا لأجسادنا.
إذاً النتيجة الفعلية هي زيادة في الوزن وإجهاد وتعب مزمن وشعور بعد الرضا عن الوزن، هل هذا ما تطمح إليه من مجرد السهر لمشاهدة برنامجك المفضل؟
الحل بسيط؛ احرص على أخذ كفايتك من النوم لوقف تلك الحلقة المفرغة من زيادة الوزن والإجهاد وعدم الرضا، وفي حالة واجهتك صعوبة في ذلك يمكنك اللجوء إلى مختص نفسي.
اقرأ أيضاً: 5 مفاهيم خاطئة عن النوم