هل يؤثر العنف في التربية في دماغ طفلي؟

2 دقائق
العنف ضد الأطفال

الطفل الذي يتعرض للعنف غالباً لن يميّز نوعه أو يفهم سببه؛ ولكن من المؤكد أنه لن ينساه ما دام حياً، لذا يجب أن نعرف ما معنى العنف ضد الأطفال أو سوء معاملة الأطفال، وكيف يؤثر العنف على أدمغة أطفالنا.

ما هو العنف ضد الأطفال؟

يُنتج عن العنف ضد الأطفال أيًّا كان مسماه -حتى التربوي- عدداً من الآثار الجسدية والعقلية والسلوكية الضارة، فالعنف ضد الأطفال أو سوء معاملة الأطفال بحسب منظمة الصحة العالمية هو "جميع أشكال سوء المعاملة الجسدية و/أو العاطفية، والاعتداء الجنسي، والإهمال أو الاستغلال التجاري أو غيره من أشكال الاستغلال؛ ما يؤدي إلى ضرر فعلي أو محتمل لصحة الطفل أو بقائه أو نموه أو كرامته في سياق العلاقات التي تحكمها إما المسؤولية، أو الثقة، أو القوة".

وعلى سبيل المثال؛ نقتبس من صفحة "العنف في التربية تأديب، أم إيذاء؟" التابعة لمنظمة اليونيسيف (UNICEF): "فالضرب يزيد من احتمالات المشاكل العقلية والنفسية، والسلوك الإجرامي، وتعرض الطفل للانتهاك الجسدي من قبل الآخرين في المستقبل، والآثار السلبية على نمو دماغ الطفل، وتدني احترام الذات والثقة بالنفس". ويتمثّل الضرب أو العنف البدني لغرض التربية في المدارس (والبيوت)، في استخدام شخص بالغ لقوته الجسدية رغبة في تصحيح سلوكٍ ما غير لائق لدى الطفل، أو السيطرة عليه. ويكون الهدف الرئيسي للضرب أو العنف البدني؛ والذي لا يزال استخدامه مسموحاً به قانونياً واجتماعياً في العديد من البلدان، هو التسبب في الألم دون إيذاء الطفل جسدياً. وتشير الإحصاءات إلى أن ما يقدر بنحو 17% من المراهقين في جميع أنحاء العالم قد تعرضوا للعقاب البدني إما في المدرسة أو في المنزل، وأن حوالي 300 مليون طفل أو ما يقارب من 75% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين إلى 4 أعوام يعانون بشكل منتظم من العقاب البدني أو العنف النفسي على أيدي الوالِدين ومقدمي الرعاية لهم أو كليهما.

كيف يؤثر العنف على أدمغة أطفالنا؟

يسبب العنف ضد الأطفال أو سوء معاملة الأطفال مجموعة من الضغوط المرتبطة بعدد من الاضطرابات التي تهدد عملية نمو الدماغ لدى الأطفال في سن مبكر. وفي نفس الوقت، فمن الممكن أن يتباطأ نمو الجهاز العصبي وجهاز المناعة نتيجة القلق المفرط الذي يأتي نتيجة العنف وسوء المعاملة. وعلى ضوء ذلك، فإن الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة يكونون في مرحلة البلوغ أكثر عرضة لمشاكل الصحة السلوكية والجسدية والعقلية؛ مثل: ارتكاب العنف، أو الوقوع ضحية للعنف، والاكتئاب، والتدخين، والسمنة، والسلوكيات الجنسية التي تهدد حياتهم، والحمل غير المقصود، وإساءة تعاطي الكحول والمخدرات. ففي دراسة حديثة تطرقت للفروق بين الجنسين في آثار العنف أو سوء المعاملة في مرحلة الطفولة على الاكتئاب والقلق لدى البالغين، وجد الباحثون أن العنف أو سوء المعاملة في مرحلة الطفولة أو المراهقة من عوامل الخطر للاكتئاب و القلق في مرحلة البلوغ مع زيادة في حدة هذه الآثار على الإناث.

وهذا يتماشى مع نتائج دراسة أُجريت في الصين وضمّت أكثر من 1,500 طفل كانوا قد عانوا من العنف أو سوء المعاملة؛ والذي بدوره أدى لمستويات أعلى من أعراض الاكتئاب والقلق. إضافةً إلى ما سبق؛ وجد الباحثون في دراسة أسترالية نُشرت العام الماضي 2021 أن العنف ضد الأطفال أو سوء معاملة الأطفال يرتبط بالتغييرات الهيكلية والوظيفية في بنية الدماغ التي تؤثر بشكل سلبي على الوظائف الإدراكية العصبية، والتحصيل التعليمي، وإيذاء النفس، والأفكار الانتحارية أو الانتحار.

ختاماً؛ يُنتج العنف وسوء المعاملة أثراً لا يمكن تجاهله على الأطفال، لذا يجب أن يتعلم الوالِدان ومقدمو الرعاية طُرقاً أكثر إيجابية تتخلى في صميمها عن أي شكل من أشكال الضرب أو العنف أو إساءة المعاملة.

المحتوى محمي