التلاعب بالعقول بعد الاختفاء المفاجئ (ghostlighting) نتاج دمج سلوكين ضارين في مجال العلاقات؛ سلوك التلاعب بالشريك عن طريق الاختفاء المفاجئ (ghosting) وسلوك التلاعب بعقله (gaslighting). يتمثل أسلوب التلاعب الأول في اختفاء الشريك على نحو مفاجئ دون تقديم أيّ تفسير؛ بينما يشير الأسلوب الثاني إلى تقنية تلاعب شائعة في العلاقات السامة. علاوة على ذلك، يعدّ التلاعب بالعقول بعد الاختفاء المفاجئ إحدى صور العنف النفسي.
محتويات المقال
تخيل شريك حياتك أو شخصاً تحبه وتتحدث إليه يومياً، يختفي فجأة دون سابق إنذار. يتلاعب بك بأسلوب الاختفاء المفاجئ ثم يضع حداً لأي اتصال دون تقديم مبرر، ويغيب تماماً عن الأنظار.
بعد فترة، يحاول من جديد أن يعود إلى حياتك، فيعبر عن إعجابه بصورة لك، أو يتفاعل مع قصة من قصصك على مواقع التواصل الاجتماعي، أو يرسل إليك رسالة نصية قصيرة، وربما يتحاور معك عبر تطبيق من تطبيقات المواعدة، فتسأله عن سبب اختفائه المفاجئ دون ترك أيّ أثر، وتشرح له أيضاً ما شعرت به عندما فعل ذلك. إذا أنكر ما حدث كله وحاول التشكيك في روايتك وحرص على دفعك إلى الشعور الذنب، فقد وقعت إذاً ضحية أسلوب التلاعب بالعقول بعد الاختفاء المفاجئ.
اقرأ أيضاً: كيف تتجنب الاختفاء المفاجئ وتنهي علاقاتك بكل احترام؟
التلاعب بالعقول بعد الاختفاء المفاجئ: آلية خبيثة تؤثر في الثقة بالنفس
وفقاً لاستبانة أُجريت سنة 2016 ونشر تطبيق المواعدة بلينتي أو فيش (Plenty Of Fish) نتائجها؛ فإن 78% من المستخدمين تعرّضوا من قبل إلى التلاعب بالاختفاء المفاجئ. إذا كان التعافي من هذا التلاعب وحده صعباً بما يكفي، فإن التعرّض إلى التلاعب بالعقول بعد الاختفاء المفاجئ يزيد الطين بلة. بدلاً من تحمل مسؤولية اختفائه، يميل ممارس هذا التلاعب إلى التظاهر بعدم فهم ما تقصده الضحية، وتشكيكها في طريقة تفكيرها، بل يمكن أن يصل إلى درجة تحميلها مسؤولية نهاية العلاقة.
يمثل هذا الفعل عنفاً نفسياً من أنواع التلاعب التي تؤثر في التقدير الذاتي والثقة بالنفس. تشعر الضحية بأن الآخر لم يفهم مقصودها، فتبدأ الشك في روايتها الشخصية وقصة الأحداث التي عانَتها، ثم تتساءل حول حقيقة المشاعر التي انتابتها وصدق اللحظات التي قضتها مع هذا الشريك، وتصل إلى درجة الشك في أفعالها، والشعور بالذنب على لوم الآخر الذي يدعي أنه غير مسؤول عن نهاية العلاقة أو أن هناك سوء فهم. هذا كله من أجل إنكار تورطه ومسؤوليته.
اقرأ أيضاً: الاختفاء المفاجئ وعقلية المستهلك بالعلاقات العاطفية
كيف تتصدى لهذا السلوك؟
قد يؤدي التلاعب بعقل الشريك بعد الاختفاء المفاجئ إلى أضرار بالغة. تقول المعالجة النفسية، غابرييل دي كوزمو (Gabrielle Di Cosmo)، في تصريح لموقع كوسموبوليتان الإيطالي: "قد يولد هذا السلوك لدى الفرد شعوراً بالعجز والكآبة والهجر، وإحساساً بالذنب والعدوانية المتنامية، ثم ينتهي به الأمر إلى العزلة لأن مركز تفكيره يصبح هو الشخص المتلاعب وكيفية استعادة إعجابه واهتمامه، وقد يؤدي ذلك أحياناً إلى نقص الشهية وغياب التركيز في مجالات الحياة المختلفة سواء تعلق الأمر بالحياة الاجتماعية أو المهنية أو الدراسية".
لذا؛ إذا تعرضت إلى التلاعب بعقلك من شريكك بعد اختفائه المفاجئ، فركّز على رفاهيتك وصحتك النفسية. لا تصغ إلى هذا الشريك السابق وتريث قليلاً لتأمل الموقف. أخبر أصدقاءك وأفراد عائلتك والمقربين منك، واقض وقتك مع الأشخاص الذين يحبونك ويحترمونك. على غرار ما يحدث بعد الانفصال؛ ستحتاج إلى بعض الوقت كي تتعافى وتتجاوز الأمر.
من الصعب تحمّل عنف كلام المتلاعب، فإذا كانت مراوغاته وتصرفاته السامة ترهقك نفسياً، عليك أن تطلب مساعدة مختص نفسي. وتذكر في النهاية أنك أفضل من هذا الشخص الذي لا يتمتع بالشجاعة الكافية لتحمل مسؤولية أفعاله، وأنك تستحق الحب والاحترام.