ما هو الطلاق الرمادي؟ وكيف يؤثر في علاقة الأطفال بوالديهم؟

2 دقيقة
الطلاق الرمادي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

عندما يحدث الطلاق في سنّ متأخرة، يعتقد الكثيرون أنه لن ينعكس على الأطفال لأنهم بلغوا مرحلة الرشد، ولم يعودوا في حاجة إلى الوالدين. قد يكون ذلك صحيحاً فيما يتعلّق بالتربية والتنشئة؛ لكن ماذا عن تأثير هذا الطلاق في العلاقة بين الآباء والأبناء؟ كيف ينعكس الطلاق الرمادي على ارتباط الأبناء البالغين بالوالدين؟

للإجابة عن هذين السؤالين، يقدّم المقال التالي نتائج دراسة حديثة اهتمت بالطلاق الرمادي وانعكاسه على هذه العلاقات. قد تفقد الحياة الزوجية طعم السعادة، ومع ذلك، يظلّ قرار الطلاق صعباً، بصرف النظر عن المدّة التي قضاها الزوجان معاً. وعندما يكون لديهما أطفال صغار أو في طور النموّ، يزداد هذا الخيار صعوبة. وقد نعتقد أن الطلاق الرمادي؛ أي الذي يحدث بعد سنّ الخمسين؛ لا يطرح مشكلة تربية الأطفال؛ لكنّ مسألة العلاقة بين الوالدين والطفل لا تقلّ أهمية حتّى في هذا النوع من الطلاق.

وخلافاً لما نعتقده، ليس من السهل حتّى بالنسبة إلى الأبناء البالغين تقبّل فكرة انفصال الوالدين. تقول المعالجة النفسية، نيكول بريور (Nicole Prieur): "سواء أكان الوالدان متفاهمين أم لا، فإنهما يمثّلان ركيزة تاريخ الأسرة، وأصل الأجيال اللاحقة، وعندما ينفصلان فكأنّ أسس الأسرة تنهار، ويولّد هذا الانهيار سؤالاً مؤلماً: على أيّ أساس سترتكز هذه الأسرة الآن؟".

الطلاق الرمادي ومشكلة العلاقة بين الآباء والأبناء

تضيف بريور: "من المؤكد أن هذا الانفصال سيعقّد هذه العلاقات؛ لكن القيم لن تنهار. عندما نصل إلى سنّ البلوغ، نكون أصلاً قد تجاوزنا قيم الوالدين وأعدنا تفسيرها وتحويلها وربّما رفضها، وأنشأنا منظومة قيمنا الشخصية".

اهتم باحثان في دراسة نُشرت في يناير/كانون الثاني 2024 بموضوع إعادة هيكلة العلاقات بين الأبناء والآباء بعد طلاق متأخر. جمع الباحثان بيانات 9,092 شخصاً كان آباؤهم وأمهاتهم متزوّجين في بداية الدراسة. وبعد 13 عاماً، انفصل آباء 606 من المشاركين. درس الباحثان 3 جوانب أساسية في موضوع العلاقة بين الوالدين والطفل: جانب الارتباط (وتيرة الاتصال) والجانب العاطفي (التقارب العاطفي) والجانب الوظيفي (تقديم الدعم).

العلاقة المرتكزة على جنس الوالد والطفل

أظهرت نتائج الدراسة أن الطلاق يؤدي إلى تراجع وتيرة الاتصالات بين الأبناء البالغين وآبائهم؛ بينما تزيد بين الأبناء وأمهاتهم. في المقابل، كشف الباحثون تراجعا طفيفاً في مستوى التقارب العاطفي مع الآباء؛ بينما ظلّ هذا التقارب مستقراً أو زاد أكثر مع الأمهات. وكانت هذه التأثيرات أوضح في العلاقة بين الأب والابنة؛ بينما تعزّزت في المقابل العلاقة بين الأم وابنتها. وخلُص الباحثان إلى ما يلي: "يدفع الطلاق الرمادي الأبناء والبنات البالغين إلى التضامن مع أمهاتهم، ويزيد احتمالية تعرّض الآباء إلى العزلة الاجتماعية، عاوة على لأن ديناميات النوع التي لاحظناها تؤكد التأثير المستمر لأدوار النّوع في تفاعلات الأسرة بعد الطلاق الرمادي".

المحتوى محمي