دراسة حديثة: الراقصون أكثر هدوءاً من غيرهم، فكيف تدمج الرقص في يومك؟

3 دقيقة
الراقصون
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: إلى أي حد يؤثر الرقص في شخصية المرء؟ في الواقع، بالإضافة إلى أن الرقص يحسن الحالة المزاجية ويعزز وظائف الدماغ ويزيد السعادة ويقي من الاكتئاب، فإنه أيضاً قد يغيّر شخصية المرء بطرائق فريدة؛ إذ وجدت دراسة حديثة أن الراقصين يتمتعون بمستويات أعلى بكثير من الانفتاح والانبساط والودّ، ومستويات أقل من العصابية مقارنة بغير الراقصين. فما الذي توصلت إليه الدراسة بالضبط؟ وما معنى هذه السمات؟ ولماذا يؤثر الرقص في شخصية الإنسان؟ إليك الإجابات.

كشفت دراسة علمية حديثة أجريت على راقصين محترفين وهواة، ونُشرت في دورية الشخصية والاختلافات الفردية (Personality and Individual Differences) في مايو/ أيار 2024، أن الراقصين يكونون أكثر هدوءاً وانفتاحاً ووداً مقارنة بغير الراقصين؛ ما يشير إلى أن المشاركة في الرقص تؤثر إيجابياً في سمات الشخصية. فما الذي توصلت إليه الدراسة بالتحديد وكيف يمكنك استغلال هذه النتائج من أجل تنمية سمات شخصية إيجابية؟ 

اقرأ أيضاً: ما هو دور العلاج بالرقص والحركة في تعزيز الصحة النفسية؟

ما السمات التي يتمتع بها من يمارسون الرقص؟

شملت الدراسة بيانات نحو 625 مشاركاً من راقصين محترفين وهواة من السويد وألمانيا، وقارنتهم ببيانات 185 شخصاً غير راقص؛ حيث أكمل المشاركون قائمة السمات الخمس الكبرى؛ وهي مقياس معترف به على نطاق واسع لتحديد سمات الشخصية؛ إذ تقيّم الانفتاح والضمير والانبساط والود والعصابية، وتوصلوا إلى النتائج التالية:

  • تمتّع الراقصون بمستويات أقل من سمة العصابية مقارنة بغير الراقصين؛ حيث ترتبط المستويات المنخفضة من هذه السمة بكون الشخص أكثر استقراراً عاطفياً وأقل قلقاً وأكثر هدوءاً.
  • سجل الراقصون درجات أعلى في الانفتاح مقارنة بغير الراقصين؛ حيث تشير هذه السمة إلى الانفتاح على التجارب الجديدة، وتشمل خصائص مثل الفضول والخيال والإبداع. بكلمات أخرى، غالباً ما يكون الأشخاص الذين يحصلون على درجات عالية من هذه السمة ذوي عقول منفتحة وصدور رحبة وأكثر تقديراً للفن والمغامرة والأفكار غير العادية.
  • أظهر الراقصون أيضاً درجات أعلى من الانبساطية، وهي سمة تتميز بالقدرة على الاختلاط مع الآخرين ومستويات عالية من التعبير العاطفي.
  • حقق الراقصين درجات أعلى في سمة الود أو الوداعة مقارنة بغير الراقصين، وهي سمة تتميز باللطف والتعاطف والتعاون والاهتمام العام بالتناغم الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: كيف تساعدك ممارسة البيودانزا في مكافحة الاكتئاب بالاعتماد على الرقص؟

لماذا يتمتع الراقصون بهذه السمات؟

يمكن القول إن متطلبات الرقص وطبيعته تجذب الأفراد الاجتماعيين والمنفتحين على التجارب الجديدة، حيث تساعدهم هذه السمات على النجاح في البيئة الديناميكية والاجتماعية للرقص، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن طبيعة الرقص نفسه وما يتطلبه من تفاعل اجتماعي ونشاط بدني وتعبير إبداعي تساعد على الأرجح في التخفيف من الميول العصابية؛ أي تساعد على التحلي بالهدوء والتعامل مع التوتر على نحو أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، قد توفر المتطلبات الجسدية والتعبيرية للرقص منفذاً علاجياً يمكن أن يقلل القلق وعدم الاستقرار العاطفي، كما أن البيئة المنظمة لممارسة الرقص قد تساعد الراقصين على تطوير قدراتهم على التنظيم العاطفي وتحسين مهاراتهم الاجتماعية.

اقرأ أيضاً: رقصة الفرح: سلسلة من الحركات تعزز حالتك المزاجية في 8 دقائق

كيف ينعكس الرقص على الصحة النفسية؟

تقول المعالجة النفسية، وفاء شلبي، إن الرقص تنفيس انفعالي عن الغضب والضغط النفسي، يمكن استخدامه للتعبير عن المشاعر المكبوتة والشفاء منها. إذاً، ومن خلال الجمع بين النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي والتعبير العاطفي، فإن الرقص يحقق فوائد عدة، مثل:

  • تحسين الحالة المزاجية: هذا ما تؤكد عليه شلبي؛ إذ يزيد الرقص إفراز هرمون الإندروفين الذي يساعد على تحسين الحالة المزاجية وتقليل أعراض الاكتئاب والقلق.
  • تخفيف التوتر: يسمح الرقص للأفراد بالتعبير عن أنفسهم إبداعياً ما قد يشتت الانتباه عن الضغوط اليومية.
  • تحسين احترام الذات: قد يعزز اكتساب مهارات الرقص الجديدة وأدائها الثقة بالنفس وتحسين الصورة الذاتية عن الجسم.

اقرأ أيضاً: هل يمكن معالجة المشاكل النفسية عن طريق الفن؟

  • تعزيز المرونة النفسية: يمكن أن يحسّن الرقص المنتظم آليات التكيف النفسي، ما يسهّل التعامل مع تحديات الحياة وزيادة القدرة على التحمل.
  • تقوية العلاقات الاجتماعية: العديد من أشكال الرقص هي أنشطة اجتماعية تسهم في تعزيز الشعور بالانتماء وتقليل الشعور بالوحدة، ثم إن الارتباط الاجتماعي أمر بالغ الأهمية للرفاهية العاطفية.
  • منع التدهور المعرفي: يمكن لتعلم الرقص أن يوقّد الذهن ويحسن الذاكرة ويزيد الوعي المكاني، ما قد يمنع التدهور العقلي المرتبط بالعمر والخرف.

عموماً، سواء من خلال الرقص الحر الفردي، أو الفصول المنظمة، أو الرقصات الجماعية، فإن الرقص نشاط متعدد الأوجه يدعم الصحة النفسية والجسدية، فكيف يمكنك دمجه ضمن روتينك اليومي؟ هذا ما سنعرفه في الجزئية التالية.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى القوة العلاجية للإبداع الفني

6 نصائح لدمج الرقص في روتينك اليومي

في البداية، من المفهوم أنك قد تشعر بالخجل في حال لم تجرّب الرقص سابقاً، خصوصاً أمام الآخرين؛ لكن عليك أن تعلم أنه أمر طبيعي، فالناس معظمهم قد يشعرون بالغرابة عند الرقص لأول مرة؛ لكن بمجرد أن ترقص، ستجد أنه نشاط ممتع ومفيد فعلاً، وإليك كيف تفعل ذلك:

  1. ارقص بمفردك: يمكن أن يكون الرقص مع نفسك ممتعاً ومفيداً وأقل ترويعاً، فقط شغّل بعض الموسيقا وتحرك على إيقاعها في مساحتك الخاصة.
  2. سجل في دورة رقص: سواء على الإنترنت أو على أرض الواقع؛ إذ تقدّم هذه الفصول التعليم المنظم وتعزز الشعور بالانتماء.
  3. استخدم ألعاب الفيديو المخصصة للرقص: ثمة العديد من ألعاب الفيديو المخصصة لتعلم الرقص وممارسته، وهي تجعل الرقص ممتعاً وتقدّم ملاحظات وأهدافاً فورية.
  4. ارقص مع الأصدقاء: لأن الجمع بين النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي يجعل الرقص طريقة ممتعة لتحسين مزاجك.
  5. لا تنتقد نفسك كثيراً: حافظ على الإيجابية وركز على متعة الرقص وليس على الكمال، وتذكر أنه ليس من الضروري أن تكون موهوباً لترقص، ارقص لأنك تشعر بالسعادة أو لأنك ترغب في ذلك فحسب.
  6. استشر متخصص إذا لزم الأمر: يجب على كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون إعاقات جسدية ما العمل مع متخصصين معتمدين أو معالجين بالرقص لضمان السلامة ومنع الإصابة.

المحتوى محمي