ملخص: الجدال بين الزوجين ملح العلاقة الزوجية. لا يمكن تصور حياة بين شريكين عاطفيين دون نزاعات أو خلافات أو نقاشات حادة أحياناً. المهم ألّا تتحول إلى عادة مرَضية وعنيفة تهدد استقرار العلاقة، والأهم أن يتعلم الزوجان كيفية إدارتها بطريقة بناءة. هذا ما أظهرته دراسة علمية اهتمت بالكيفية المناسبة لحل النزاعات الزوجية. إليك التفاصيل.
لتقييم حالة العلاقة الزوجية نميل عادة إلى التركيز على وتيرة الجدال الذي ينخرط فيه الزوجان. فهل تمثّل هذه النزاعات الزوجية مؤشراً حقيقياً على صحة العلاقة؟
ليس الجدال ضرورياً لنجاح العلاقة الزوجية لكن حدوثه لا يعني أيضاً نهايتها. ومع ذلك من الضروري أن يتعلّم الزوجان كيفية إدارته. تقول المحللة النفسية فابيان كرامر (Fabienne Kraemer): "مشكلة الجدال تكمن في جانبه المضر، لأنه إذا تكرر فقد يقود إلى التعامل مع الشريك باعتباره عدواً وليس صديقاً، بل قد يصل الأمر بأحد الشريكين إلى افتعال المبررات لخوض الجدال أو إيذاء شريكه". قد نميل بعد مرور عاصفة الجدال إلى نسيان ما جرى وعدم العودة إلى التفكير فيه، لكن هناك تمريناً مفيداً قد يمثل الخطوة الأفضل التي علينا اتباعها لحماية علاقتنا الزوجية.
كيف يمكن إدارة الأزمة في العلاقة الزوجية؟
على غرار إدارة النزاعات في المجال المهني يمكن أن نتعلم إدارتها أيضاً في الحياة الزوجية. في هذا السياق نشر الباحثون إيان ماكريغور (Ian McGregor) وإيميلي بريتون (Emily Britton) ودينيس ماريغولد (Denise Marigold) دراسة حول هذا الموضوع في مجلة العلاقات الشخصية (Personal Relations). أنجز فريق الباحثين دراستين شملت الأولى 358 مشاركاً والثانية 411 مشاركاً ينخرطون جميعاً في علاقات زوجية شهدت مؤخراً نزاعات كبيرة بين الأزواج.
طلب الباحثون من المشاركين في الدراسة الأولى وصف النزاع الزوجي الأهم خلال الشهور الأخيرة. ثم قسموهم إلى مجموعتين مختلفتين. تلقت المجموعة الأولى تدخلاً تأملياً بسيطاً للإجابة عن 6 أسئلة حول النزاع، وتحديد أسبابه والحلول الممكنة لإنهائه. بينما أجاب المشاركون في المجموعة الضابطة عن أسئلة استبانة حول الشخصية. ثم قيّم المشاركون جميعاً مدى شعورهم بالفعالية في حلّ النزاع ومستوى الضيق الذي أحسوا به حياله بالاعتماد على أسئلة استبانة إضافية.
في الدراسة الثانية شكّل الباحثون 3 مجموعات: تلقت المجموعة الأولى تدخلاً تأملياً بسيطاً لحلّ النزاع، بينما تلقت المجموعة الثانية تدخلاً تأملياً معدّلاً (يقدم وجهة نظر طرف ثالث ويحدد المعوقات) وتلقت المجموعة الأخيرة تدخلاً تأملياً معزّزاً (من خلال إدراج فكرة التعاطف والتخطيط لإدارة النزاعات المستقبلية).
المحادثة المفيدة أفضل من النزاع
أظهرت نتائج الدراسة الأولى أن المشاركين الذين انخرطوا في التدخل التأملي البسيط شعروا أنهم أكثر قدرة على حلّ النزاعات، وأحسوا بمستويات أقلّ من الضيق حيال الجدال الأخير مقارنة بالمشاركين المنتمين إلى المجموعة الأخرى. وفي التجربة الثانية حققت المجموعات الثلاث كلّها تحسناً ملحوظاً. ولم تكن هناك فروق كبيرة بين نتائج التدخلات الثلاث المختلفة. وقد يعني ذلك أن الأهم هو التعامل بموضوعية وتريث مع النزاع دون تبني استراتيجيات معقدة بالضرورة لتحليله.
تقول الباحثة دينيس ماريغولد في تصريح لموقع ساي بوست (PsyPost): "أخْذ الوقت الكافي للتفكير في النزاع بطريقة بناءة يمكن أن يكون مفيداً لحلّ النزاعات المستقبلية، لذا، يجب على الأزواج أخذ المسافة الموضوعية اللازمة وتأمل ما حدث بدلاً من اجترار مشاعر الحسرة أو التركيز على لوم الشريك لأن هذا السلوك ليس بنّاء". كما يمكن أن يخصّص الشريك الوقت الكافي لتحليل موضوع النزاع ومعرفة أسباب الجدال كتابةً قبل كشف مضامين هذا التحليل لشريكه، والمهم ألّا يصرّ الطرفان على كبت مشاعرهما أو استيائهما وفقاً لفابيان كرامر.
اقرأ أيضاً: