كل ما تريد معرفته عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

4 دقائق
اضطراب فرط الحركة

يعرف كثير منّا ذلك الطفل الذي يصعب عليه البقاء هادئاً في مكانه، وكثيراً ما ينسى أدواته المدرسية ومتعلقاته الشخصية. ذلك الطفل الذي يبدو شارد الذهن في كثير من الأحيان ويندفع في حديثه في أحيان أخرى. على الرغم من تلقّيه نصائح من الآخرين بضرورة التركيز والتخلّي عن تلك الاندفاعية، يظل على نفس الحالة المرضية؛ لا يحدث ذلك نتيجة تجاهله لتلك النصائح عمداً، بل لعدم قدرته على اتباعها؛ فهناك دافع أقوى يدفعه لتلك الأفعال وهو إصابته بـ "اضطراب فرط الحركة" وتشتت الانتباه (ADHD).

يُعد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أحد أكثر اضطرابات النمو العصبي شيوعاً في مرحلة الطفولة، وعادة ما يتم تشخيصه لأول مرة في مرحلة الطفولة وغالباً ما يستمر حتى مرحلة البلوغ وقد يصيب أيضاً البالغين.

قد يواجه الطفل المصاب بهذا الاضطراب صعوبة في الانتباه والتركيز والتحكم في السلوكيات الاندفاعية، وقد يكون مفرطاً في النشاط، ما يؤثر على أدائه الدراسي والعمل بعد ذلك، بالإضافة إلى علاقاته الاجتماعية.

في حالة استمرار الاضطراب حتى مرحلة البلوغ، قد تبدو الأعراض مختلفة في الأعمار الأكبر؛ فقد يظهر لدى البالغين على هيئة أعراض قلق أو توتّر شديد.

ما أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

هناك عدداً من الأعراض التي تميّز ذلك الاضطراب عما قد يواجهه الفرد من نسيان بعض الأشياء أو صعوبة التركيز من وقت لآخر في حياته اليومية. فالأعراض في تلك الحالة قد تكون عائقاً وسبباً في عرقلة وتأخر مستوى الطفل في المدرسة أو حياته الاجتماعية في المنزل ومع الأصدقاء. تتمثّل تلك الأعراض في:

  • الاستغراق في أحلام اليقظة كثيراً.
  • تكرار نسيان الأشياء وارتكاب الأخطاء.
  • التشنج أو التململ وصعوبة البقاء هادئاً لبعض الوقت.
  • التحدث كثيراً وباندفاعية والصعوبة في ضبط النفس.
  • ارتكاب الأخطاء نتيجة الإهمال والمجازفة غير المحسوبة.
  • تشتت الانتباه بسهولة وصعوبة الحفاظ على التركيز عند الاستماع أو القراءة أو إجراء محادثة.

هل هناك أنواع لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

تتحدد أنواع هذا الاضطراب بناء على أي نوع من الأعراض هو الأكثر شيوعاً لدى الفرد، وهي تتشعّب لثلاثة أنواع:

  1. الشرود (Predominantly Inattentive Presentation): في هذه الحالة، يصعب على الفرد التركيز على أداء مهمة واتباع التعليمات لإنهائها، وكذلك صعوبة الانتباه إلى التفاصيل حيث يتشتت انتباهه بسهولة. تشير إحدى الدراسات إلى أن هذا النوع أكثر شيوعاً بين الفتيات المصابات باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
  2. فرط النشاط والاندفاع (Predominantly Hyperactive-Impulsive Presentation): تتمثّل هذه الحالة في التململ والتحدّث كثيراً باندفاعية؛ فيصعب على الفرد الجلوس ساكناً لبعض الوقت، على سبيل المثال: الجلوس بهدوء لتناول وجبة أو في أثناء أداء الواجب المنزلي.
  3. كذلك، يمكن للطفل الركض أو القفز أو التسلق باستمرار وانتزاع الأشياء من الآخرين، وقد يقاطع الآخرين كثيراً خلال حديثهم لصعوبة انتظار دوره في الحديث أو الاستماع إلى التوجيهات.
  4. يتمثّل النوع الثالث (Combined Presentation) وهو الأكثر شيوعاً في ظهور أعراض مشتركة من النوعين السابقين بشكل متساوٍ لدى الفرد.

وجدير بالذكر إن تلك الأعراض قد تتغير بمرور الوقت ما يغيّر النوع التي ينتمي له الفرد.

أسباب اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

على الرغم من أن الأسباب المؤدية لهذا الاضطراب غير معروفة بعد، فإنه يُعتَقّد أن الجينات الموروثة تؤدي دوراً مهماً في الإصابة بهذا الاضطراب.

كذلك، يشير أحد الأبحاث إلى أن انخفاض الدوبامين، وهو مادة كيميائية في الدماغ تساعد في نقل الإشارات من عصب إلى آخر وله دور مهم في إثارة الاستجابات والحركات العاطفية، هو أحد عوامل الإصابة بهذا الاضطراب.

أيضاً، تشير نتائج دراسة أخرى إلى أن الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهم حجم أقل من المادة الرمادية في الدماغ والتي تساعد على التحدث وضبط النفس واتخاذ القرارات، بالإضافة إلى التحكم في العضلات.

بالإضافة إلى علم الوراثة، فهناك عوامل أخرى محتملة، تشمل:

  • إصابة الدماغ.
  • التعرض للمخاطر البيئية، مثل الرصاص، خلال فترة الحمل أو في سن مبكرة.
  • التدخين خلال فترة الحمل.
  • الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة.

هل هناك علاج لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

بعد تشخيص الطفل على أنه مصاب بهذا الاضطراب من قبل الطبيب، تبدأ مرحلة العلاج والتي لا تشمل الأدوية فقط، بل هناك دور مهم للآباء وأفراد الأسرة والمدرسين للعمل سوياً في ذلك الأمر لتحقيق أفضل النتائج بالنسبة للطفل.

بالنسبة للأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات، توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) بتدريب الوالدين على إدارة سلوك الطفل باعتباره الخطوة الأولى من العلاج قبل تجربة الأدوية. بينما للأطفال أكبر من 6 سنوات، تشمل التوصيات العلاج الدوائي والسلوكي معاً، كذلك يمكن أن تكون المدارس جزءاً مهماً من العلاج لدعم الطفل في هذه المرحلة.

لا يؤثر اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه فقط على قدرة الطفل على الانتباه أو الجلوس في المدرسة، بل يؤثر أيضاً على العلاقات مع الأسرة والأطفال الآخرين، يمكن أن يكون العلاج السلوكي خياراً علاجياً مناسباً جداً للمساعدة في تقليل تلك السلوكيات التي تؤثر سلباً على علاقة الطفل بالآخرين، كالاندفاعية وعدم القدرة على ضبط النفس وغيرهم.

يعمل هذا النوع من العلاج على تعلّم وتقوية السلوكيات الإيجابية والقضاء على الأخرى غير المرغوب فيها. كذلك، فهو يساعد الآباء والأطفال على تعلم كيفية مراقبة السلوك وإدارته.

7 نصائح للآباء لمساعدة أطفالهم المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

هناك بعض النصائح والاقتراحات التي تساعد الوالدين في إدارة سلوك الطفل جيداً، من هذه النصائح:

  1. اتّباع نظام يومي من وقت الاستيقاظ إلى وقت النوم.
  2. تشجيع الطفل على وضع الحقائب المدرسية والملابس والألعاب في نفس المكان كل يوم؛ سيقلل ذلك من احتمال فقدها.
  3. الحد من الضوضاء وتوفير مساحة عمل نظيفة عندما يؤدي الطفل واجبه المنزلي. يتعلم بعض الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه جيداً إذا كانوا يتحركون أو يستمعون إلى الموسيقى في الخلفية، لذلك يُفضّل تتبّع الطريقة الأفضل للطفل وتوفيرها.
  4. تحديد الخيارات لمساعدة الطفل على عدم الشعور بالإجهاد الذهني من تعددها.
  5. مساعدة الطفل على التخطيط وتقسيم المهام المعقدة إلى مهام أبسط وأقصر، وبالنسبة للمهام الطويلة، قد يساعد البدء مبكراً وأخذ فترات راحة في الحد من التوتر.
  6. تتبع السلوكيات الإيجابية ومكافأة الطفل عليها، وتشجيع الطفل على تكوين تجارب إيجابية سواء كانت في المدرسة أو الرياضة أو الفن أو الموسيقى أو اللعب.
  7. استخدام التوجيهات أو إزالة الامتيازات كعواقب للسلوك غير اللائق بدلاً من التوبيخ أو الصراخ أو الضرب.

اتباع نمط حياة صحي كوسيلة مساعدة

توفير نمط حياة صحي، كالغذاء المتوازن وممارسة النشاط البدني، بالإضافة إلى ساعات النوم الكافي هي عوامل مهمة في المساعدة على منع تفاقم أعراض هذا الاضطراب؛ ذلك لأن التمتع بصحة جيدة أمر مهم لجميع الأطفال ويمكن أن يكون مهماً بشكل خاص بالنسبة لهؤلاء الأطفال.

في نفس السياق، أظهرت دراسة أن ممارسة اليوغا وقضاء الوقت في الهواء الطلق يساعدان على تهدئة العقول مفرطة النشاط، وقد يساعدان على تخفيف الأعراض.

كذلك، فالتأمل اليقظ هو خيار آخر، حيث أشار أحد الأبحاث إلى أن التأمل قد يحسّن الانتباه لدى الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

اقرأ أيضاً: كيف نمارس التأمل بشكل يومي؟

وأخيراً؛ إن تلقي الطفل الدعم المطلوب والمناسب لحالته من محيط أسرته والأصدقاء يؤتي بثماره على المدى القصير والطويل، ويمكن لهؤلاء الأطفال الاستمتاع بحياتهم طبيعياً وعيش حياة مرضية وناجحة ما دام هناك تفهم من الأسرة والأصدقاء مع اتباع تعليمات الطبيب وتطبيق النصائح المذكورة.

المحتوى محمي