ملخص: الفوضى جزء من حياتنا اليومية في المنازل وأماكن العمل بل حتّى في حقائبنا الصغيرة. لكنّ النظرة إليها تختلف من شخص إلى آخر، فبينما يحرص البعض على التنظيم إلى درجة الهوس يتجاهل آخرون هذه الظاهرة ويتعايشون معها. وإذا كانت درجة هذه الفوضى تعكس أحياناً بعض المشكلات النفسية، فهل العكس صحيح أيضاً؟ إليك الإجابة.
عندما يتعلّق الأمر بموضوع ترتيب فوضى المنزل وتنظيمها فإنّنا غالباً ما نميل إلى تصنيف الأشخاص بنوع من التشدّد، فنميّز بين الشخص المهووس بالتنظيم والشخص الفوضوي. تعتمد طريقتنا في ترتيب منازلنا (أو عدم ترتيبها) على طبيعة شخصياتنا وحالات صحّتنا النفسية والعضوية أيضاً.
لكنّ العكس صحيح أيضاً. فالنظام أو الفوضى التي تعمّ بيوتنا قد تؤثّر أيضاً في صحّتنا النفسية.
كيف تؤثر الفوضى في صحتك النفسية؟
تقول المختصّة في علم النفس شيري بورغ كارتر (Sherrie Bourg Carter) في مقال لها على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today): "قد تؤدي الفوضى دوراً مهماً في تحديد طبيعة نظرتنا إلى منازلنا أو أماكن عملنا أو حتّى أنفسنا، فالمنازل وأماكن العمل التي تعمّها الفوضى تثير مشاعر القلق والعجز والإرهاق". يأتي القسط الأكبر من القلق والتوتر الناجمين عن الفوضى من عبء المعلومات الزائد الذي يتلقّاه الدماغ. يفضّل الدماغ النظام والترتيب لتجنّب العبء المعرفي الزائد من خلال تقليل الضغط على مستوى انتباهنا وفقاً لما أورده موقع نوروساينس نيوز (Neuroscience News).
يشكّل كلّ عنصر من عناصر الفوضى المحيطة بنا مثيراً إضافياً وزائداً. كما تمثّل الفوضى في نظرنا عملاً ينتظر الإنهاء، لكنّنا لا ندرك إذا كنّا سنجد الوقت والطاقة الكافيين لترتيبها فنقع في فخّ الشعور بالذنب بسبب عدم فعل المطلوب ويؤدي ذلك أيضاً إلى الشعور بالإحباط. إنها تركيبة من المشاعر السلبية التي يمكن أن تؤدي بمرور الوقت إلى زيادة التوتر بل حتّى القلق.
لكنّ هذا الأمر لا ينطبق على الجميع طبعاً. توضّح المعالجة النفسية المختصّة في قضايا التنظيم سيندي غلوفينسكي (Cindy Glovinsky) في تصريح لموقع هاف بوست (HuffPost): "بعض الأشخاص يعجبه قدر معيّن من الفوضى في بيئته، لأنّه يشعر بمزيد من الحرية والقدرة الإبداعية، بينما يشعر آخرون بالعجز والارتباك أمام أقلّ قدر من الفوضى، وهؤلاء الأشخاص الذين يشعرون بهذا العجز هم المعرّضون إلى القلق والاكتئاب". وتؤثّر الفوضى عموماً في الصحة النفسية للنساء أكثر من الرجال، بسبب الضغط الاجتماعي الذي يفرضه التوزيع النّوعي للأدوار.
هل يمكن أن تصيبك الفوضى بالاكتئاب؟
يمكن أن تُدخلنا الفوضى بسرعة في دورة نفسية خبيثة. إذا تسبّبت في التوتر والقلق فإنها قد تكون أحد أعراض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب. تشمل الأعراض الكثيرة لهذا الاضطراب النفسي ضعف الحافز أو غيابه المطلق أو انخفاض الطاقة أو الشعور بالتعب والإرهاق، وقد تؤدي كلّها بمرور الوقت إلى السقوط في حالة الفوضى.
تشرح المعالجة غابي تيريزا (Gaby Teresa) هذا الأمر في تصريح لموقع سايك سنترال (PsychCentral): "قد يعقّد الشعور بالاكتئاب إنجاز الكثير من الأعمال، وقد يكون الحفاظ على نظافة المنزل وترتيبه أحد هذه الأعمال الصعبة، فروتين الأعمال المنزلية اليومية الذي يعدّ واجباً طبيعياً بالنسبة إلى البعض، قد يبدو مستحيلاً بالنسبة إلى شخص يعاني الاكتئاب". لذا؛ إذا كان علينا إيلاء أهمية خاصة للفوضى لتجنّب التوتر أو القلق، فعلينا أن نتذكّر أيضاً أنها قد تكون إشارة تحذيرية من مشكلة نفسية كامنة وأكثر عمقاً.
اقرأ أيضاً: