ملخص: وجدت دراسة بحثية جديدة نشرتها مجلة ذا لانسيت الطبية البريطانية (The Lancet Psychiatry) في يونيو/حزيران 2024 أن 1 من كل 6 أشخاص يعاني أعراضاً انسحابية بعد التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب، والحقيقة أن نتائج هذه الدراسة تختلف عن نتائج الدراسات السابقة، وإليكم التفاصيل في هذا المقال.
محتويات المقال
توصلت دراسة بحثية حديثة نشرتها مجلة ذا لانسيت الطبية البريطانية (The Lancet Psychiatry) في يونيو/حزيران 2024 إلى نتيجة مفادها أن الأشخاص الذين يتوقفون عن تناول مضادات الاكتئاب قد يعانون أعراض الانسحاب، وأضافت الدراسة أن 1 من كل 6 أشخاص يعاني الأعراض الانسحابية بعد التوقف عن تناول الدواء المضاد للاكتئاب، فماذا تعني نتائج هذه الدراسة؟ وما علاقتها بنتائج الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع نفسه؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
ما الذي توصلت إليه الدراسة؟
أظهرت الدراسة البحثية السابق ذكرها أن 1 من كل 6 أشخاص يعاني الأعراض الانسحابية بعد التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب، وفي أغلب الأوقات، يمكن أن يعاني 1 من كل 35 شخصاً أعراضاً حادة. وبهدف الحصول على نتائج بحثية أكثر شمولاً؛ أجرى الباحثون تحليلاً لـ 79 تجربة شملت أكثر من 21,000 شخص. توقف ما مجموعه 16,532 شخصاً عن تناول مضادات الاكتئاب؛ بينما توقف 4,470 شخصاً عن تناول الدواء الوهمي؛ وهو علاج يبدو حقيقياً لكنه لا يحمل أيّ قيمة علاجية، ويرتكز على إيمان الشخص بفوائد العلاج وتوقعه التحسن.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الأشخاص الذين توقفوا عن تناول مضادات الاكتئاب والدواء الوهمي واجهوا أعراض الانسحاب في غضون أيام قليلة بعد التوقف عن تناول الدواء، وأضافت الدراسة أن تلك الأعراض عادة ما تكون مؤقتة ولكنها يمكن أن تستمر مدة تصل إلى عدة أسابيع أو أشهر في بعض الحالات.
وفي هذا السياق، يؤكد الباحث الرئيس في الدراسة، كريستوفر بيثج (Christopher Baethge)، إن مضادات الاكتئاب؛ مثلها كمثل الأدوية الأخرى، تقدم فوائد مهمة؛ لكنها أيضاً تحمل بعض الآثار الجانبية مثل أعراض الانسحاب، ويضيف بيثنج إن النتائج التي توصلت إليها الدراسة يمكن أن تعرّف الأطباء والمرضى بالمدى المحتمل لأعراض التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب، وأوضحت الدراسة أن التوقف عن تناول أدوية الاكتئاب مثل إيميبرامين، وباروكستين، وديسفينلافاكسين، وفينلافاكسين، ارتبط بأعراض انسحاب أكثر شدة مقارنة بمضادات الاكتئاب الأخرى.
وفي حين أن نتائج هذه الدراسة تؤكد تأثير أعراض الانسحاب في المصابين بالاكتئاب، فإنها تشير أيضاً إلى أن تأثير هذه الأعراض أقل بكثير مما أكدته دراسات سابقة قدرت أن أكثر من نصف الأشخاص الذين يتوقفون عن تناول مضادات الاكتئاب يعاني أعراض الانسحاب، وأن النصف الآخر يعاني أعراضاً حادة.
ويعتقد أستاذ علم النفس بجامعة برلين (Berlin University) والباحث المشارك في الدراسة، جوناثان هينسلر (Jonathan Henssler)، إن مضادات الاكتئاب عادة ما تكون فعالة للعديد من الأشخاص الذين يعانون اضطراب الاكتئاب، إما بمفردها أو جنباً إلى جنب مع العلاج النفسي. وعلى الرغم من ذلك، فإن تأثيرها لا يعمل مع الجميع بالطريقة نفسها؛ حيث يعاني بعض المرضى آثاراً جانبية. لذلك؛ يجب على الأطباء والمرضى أن يتخذوا قرار التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب في الوقت المناسب، ويضيف هينسلر إن أعراض التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب لا يرجع إلى كونها تسبب الإدمان.
اقرأ أيضاً: 5 حقائق مهمة حول مضادات الاكتئاب وتأثيرها في المخ
ما متلازمة التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب؟
يمكن أن تحدث متلازمة التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب (Antidepressant discontinuation syndrome- ADS) حين تتوقف عن الدواء المضاد للاكتئاب وذلك بعد تناوله مدة 6 أسابيع على الأقل، وعادة ما يعاني هذه المتلازمة الأشخاص الذين يتوقفون فجأة عن تناول الدواء بدلاً من التوقف ببطء تحت إشراف الطبيب النفسي المعالج.
ويمكن القول إن هذه المتلازمة غير ضارة جسدياً؛ لكنها يمكن أن تكون مزعجة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إيقاف مضادات الاكتئاب يمكن أن يؤدي إلى عودة الحالة التي كان يعالجها الدواء مثل الاكتئاب أو القلق.
10 أعراض للتوقف عن تناول مضادات الاكتئاب
تبدأ أعراض التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب عادةً خلال يومين إلى 4 أيام من التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب؛ وتشمل:
- الشعور بالصداع.
- الغثيان الذي يصل إلى القيء في بعض الأوقات.
- الدوار.
- تغيرات الحالة المزاجية مثل الانفعال الشديد والعدوانية.
- رؤية الكوابيس.
- التعرق.
- آلام العضلات.
- عودة الإحساس بالاكتئاب.
- الأرق.
- الشعور بالوخز أو التنميل.
ويمكن القول إن وجود أعراض الانسحاب لا يعني أنك مدمن على مضادات الاكتئاب؛ حيث يسبب الإدمان تغيرات كيميائية ضارة طويلة المدى في الدماغ، ويتميز بالرغبة الشديدة في تناول المادة الإدمانية، وعدم القدرة على التحكم في استخدامها، دون التفكير في العواقب السلبية الناجمة عن ذلك الاستخدام، ومضادات الاكتئاب لا تسبب هذه المشكلات.
كيف تعمل مضادات الاكتئاب في الجسم؟
تعمل مضادات الاكتئاب عن طريق زيادة مستويات بعض الناقلات العصبية في الدماغ مثل السيروتونين والنورإبينفرين والدوبامين. وبعد تناول الدواء، تتكيف الخلايا العصبية مع ذلك المستوى الزائد؛ ولكن عندما تنخفض مستويات الناقلات العصبية فجأة، سواء عبر التوقف المفاجئ عن تناول الدواء أو خفض جرعته انخفاضاً كبيراً، يمكن أن تظهر أعراض الانسحاب التي تتراوح من خفيفة إلى مزعجة وفقاً لطريقة التوقف عن تناول الدواء.
وهناك نوعان من الأدوية المضادة للاكتئاب التي يمكن أن تؤدي إلى أعراض الانسحاب؛ وهما مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنوربينفرين (SNRIs). وتجدر الإشارة إلى أن أعراض التوقف عن تناول أدوية الاكتئاب تختلف عن انتكاسة الاكتئاب، ويشمل الفرق بينهما ما يلي:
- مدى سرعة ظهور الأعراض: غالباً ما تظهر الأعراض الانسحابية خلال أيام أو أسابيع؛ لكن أعراض الانتكاس تستغرق وقتاً أطول، وعادة ما تظهر ظهوراً تدريجياً.
- الأعراض الجسدية مقابل النفسية: حين تتوقف عن تناول مضادات الاكتئاب، سوف تشعر بأعراض جسدية تشبه الإنفلونزا مثل الصداع والإحساس بالدوار؛ أما انتكاسة الاكتئاب فإن أعراضها نفسية مثل الشعور بالحزن والإحباط وانخفاض الحالة المزاجية والإحساس باليأس والفراغ وانعدام القيمة.
- مدى تحسن أو سوء الأعراض مع مرور الوقت: عندما يتكيف الجسم مع عدم تناول مضادات الاكتئاب أو تناولها بجرعات أقل، تتحسن أعراض الانسحاب مع مرور الوقت؛ أما انتكاسة الاكتئاب فإن أعراضها تتفاقم. ولهذا؛ إذا استمر الشعور بالحزن وانخفاض الحالة المزاجية دون سبب واضح فترة أطول من أسبوعين، فمن المحتمل أنك تعاني انتكاسة الاكتئاب.
اقرأ أيضاً: هل تؤثر مضادات الاكتئاب على جودة الحياة المرتبطة بالصحة؟
كيف تتوقف عن تناول مضادات الاكتئاب بطريقة آمنة؟
عندما يبدأ الأشخاص بتناول مضادات الاكتئاب، قد تستغرق الأدوية عدة أسابيع أو أكثر حتى تصبح فعالة، وعادة ما يلجأ بعض الأفراد إلى التوقف عن تناول الدواء لأنه شعر بالتحسن فيقرر التوقف من تلقاء نفسه. وأحياناً تلجأ النساء إلى قرار التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب بسبب الحمل، والحقيقة أن قرار التوقف عن تناول الدواء فجأة لا يعد قراراُ صائباً؛ ولهذا عليك اتباع النصائح التالية من أجل التوقف الآمن:
- تعرّف إلى الدواء الخاص بك: قبل أن تبدأ تناول الدواء المضاد للاكتئاب الخاص بك، تحدث إلى طبيبك المعالج عن كيفية استخدامه، وما الآثار الجانبية المتوقعة والمدة التي سوف تستمر عليها.
- تحدث مع طبيبك أولاً: بمجرد أن يعرف طبيبك سبب رغبتك في التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب، تُمكنه مساعدتك، وعادة ما تتمثل الخطوة الأولى في تحديد جدول زمني للتوقف تدريجياً عن طريق تقليل جرعتك بمرور الوقت.
- تذكّر أن خفض جرعات الدواء قد يستغرق بعض الوقت: حين تتبع إرشادات طبيبك الخاص وتخفض جرعات مضادات الاكتئاب بطريقة تدريجية، خذ وقتك ولا تثبط عزيمتك إذا بدا لك أن التخفيض التدريجي للأدوية يستغرق وقتاً طويلاً، أو يستغرق وقتاً أطول من الأشخاص الآخرين الذين تعرفهم والذين خفضوا أدويتهم تدريجياً، وتذكر أن كل شخص مختلف وطريقة تفاعل الأدوية مع الجسم تختلف اختلافاً كبيراً.
- احصل على الدعم من الأهل والأصدقاء: يوضح الطبيب النفسي، عاصم العقيل، إنه عندما يُصاب شخص بالاكتئاب فإنه يؤثر في من حوله؛ ولهذا ينصح العقيل بضرورة تقديم الدعم للمصابين بالاكتئاب ومتابعة خطط العلاج الخاص بهم. وعليه؛ عندما تجد نفسك تعاني أعراض الانسحاب، أو غيرها من التحديات التي تواجهك في أثناء رحلتك مع الاكتئاب، لا تتردد في التحدث إلى صديقك المقرب أو أحد أفراد عائلتك، ويمكنكما الذهاب معاً لممارسة التمارين الرياضية. علاوة على ذلك، فكر في ممارسة تمارين الاسترخاء مثل التأمل واليوغا بهدف تخفيف مشاعر القلق والتوتر.