ملخص: تأثير الرياضة والنشاط البدني في الصحة النفسية لم يعد في حاجة إلى إثبات. فقد أظهرت دراسات علمية عديدة أن للرياضة فوائد عديدة تساعد على الحدّ من الأمراض النفسية وتخفيف أعراضها. لكنّ الكثيرين يتساءلون: ما هو القدر الكافي من النشاط البدني لتعزيز الصحية النفسية والوقاية من اضطراباتها؟ يجيب المقال التالي عن هذا السؤال بالاعتماد على رأي خبير مختصّ ودراسة علمية حديثة.
محتويات المقال
ما تأثير النشاط الرياضي في الصحة النفسية؟
الطبيب النفسي غيوم فوند (Guillaume Fond) الذي يدير مركزين مختصّين في الصحة النفسية، وقسم أبحاث الصحة النفسية في المستشفى الجامعي بمدينة مرسيليا الفرنسية (APHP) ينشر بانتظام في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام ووسائل الإعلام المختصّة منشورات تركّز على التأثير الهائل للنشاط الرياضي في الصحة النفسية. "غالباً ما نتجاهل أهمية النشاط البدني في ميدان الصحة النفسية، علماً أنّ فوائده لا تقتصر على الصحة العضوية فحسب، بل تشمل الحدّ من أعراض القلق والاكتئاب والعدوانية وتعزّز التواصل الاجتماعي والرفاهية النفسية والجسدية، علاوة على زيادة التقدير الذاتي" وفقاً لما ذكره غيوم فوند في كتابه الإلكتروني المنشور في موقعه الرسمي.
وقد كشف الطبيب النفسي مؤخراً بالاعتماد على تحليل تلوي شمل أكثر من 28,000 شخص في الولايات المتحدة الأميركية أنّ هناك تأثيراً مباشراً للنشاط البدني في تذبذب مستوى الطاقة النفسية والنوم وقابلية التعرّض إلى التوتر. وأظهرت الدراسة التي أوردت هذا التحليل أنّ ضعف النشاط البدني يرتبط بأربعة أعراض من أعراض الاكتئاب على وجه التحديد: فقدان الاهتمام والمتعة، والشعور بالقنوط واليأس، والإرهاق ثم تغيرات الشهية. في المقابل أظهرت عدّة دراسات سابقة التأثير الوقائي لممارسة النشاط البدني ابتداء من سنّ المراهقة وطوال الحياة، ولا سيّما في الوقاية من تدهور الوظائف المعرفية للدماغ. هذا يعني أن ممارسة الرياضة فكرة إيجابية لا بدّ من الحرص عليها بانتظام.
كيف نحسب عدد ساعات الرياضة التي نحتاج إليها في الأسبوع؟
وفقاً لغيوم فوند فقد أظهرت الأبحاث أنّ "هناك قدراً مناسباً من النشاط البدني اللازم للوقاية من الاكتئاب، ويمكننا تحديد هذا القدر من خلال منحنىً على شكل حرف U لتحليل وتيرة نشاطنا البدني باستخدام وحدة قياس المكافئ الأيضي التي يُرمز لها عادة برمز (MET)". تتيح لنا المكافئات الأيضية حساب مستوى إنفاق الطاقة في نشاط بدني معيّن ومدى كثافته. كما أنها تمثّل اليوم أفضل مؤشّر على متوسط العمر المتوقع. ووفقاً لدراسة نشرتها مجلة ميديسن (Medicine) سنة 2022 فإنّ القدر المناسب من النشاط البدني الذي يرتبط بأدنى مستويات الاكتئاب يعادل إنفاق 25 وحدة من وحدات المكافئ الأيضي في الأسبوع.
يعادل هذا الرقم 7 ساعات من المشي أو 3 ساعات من الركض أو 5 ساعات من السباحة في الأسبوع بوتيرة معتدلة، أو 6,25 ساعة من رياضة ركوب الدراجات بسرعة بطيئة أو 3 ساعات في الأسبوع من الرقص العصري أو رقص زومبا اللاتيني. وللوصول إلى إنفاق معدّل 25 وحدة في الأسبوع يمكنك أولاً البدء بزيادة مستوى حركاتك اليومية المعتادة. على سبيل المثال؛ بإمكانك أن تزيد مدّة الركض المعتادة أو تضيف حصة ركض أسبوعية، كما يمكنك قطع بعض مساراتك اليومية باستخدام الدراجة الهوائية أو مشياً على الأقدام، وهي أنشطة بسيطة يمكنها إحداث فارق كبير.
وإذا لم تكن قادراً على ممارسة 3 ساعات من الركض في الأسبوع فلا داعي للقلق، إذ بإمكانك أن تعوّض ذلك من خلال ممارسة ساعتين من اليوغا وساعتين من ركوب الدراجة لضمان صحة عضوية ونفسية جيّدة. وينصح غيوم فوند أيضاً بممارسة تمارين التقوية وتمارين القلب بالتناوب لاستكمال النشاط البدني الضروري. كما أنّ الحرص على التغذية الصحية والمضادة للالتهابات يساعد على زيادة فعالية نشاطك البدني وفقاً لما ذكره الطبيب النفسي في مقابلة حديثة حول التغذية النفسية.