ملخص: يُطلق على الخوف الشديد من الألوان اسم "الكروموفوبيا"؛ وهو مصطلح يوناني مشتق من كلمتين هما "Chromos" و"Phobos" اللتان تعنيان على التوالي "اللون" و"الخوف العميق". والحقيقة أن الأشخاص المصابين بالكرموفوبيا قد يخافون لوناً واحداً أو لونين، وفي بعض الأحيان، قد يشعرون بالفزع من الألوان كلها؛ لكن ما سبب ذلك الخوف؟ وكيف يمكن التعامل معه؟ الإجابة في هذا المقال.
محتويات المقال
ما اللون المفضل لديك؟ هل تحب فصل الربيع لأنه يعد أحد الفصول الملونة المليئة بالألوان الطبيعية، أم تفضل الخريف الذي يطغى عليه لون أوراق الشجر الصفراء والبرتقالية؟ الحقيقة أن معظمنا يحب الألوان لأنها تنبض بالحياة؛ ولكن تخيل معي أن بعض الأشخاص يشعرون بالخوف الشديد من الألوان أو ما يمكن أن نُطلق عليه اسم "الكروموفوبيا" (Chromophobia). ونظراً إلى أنه من الصعب جداً تجنب الألوان في العالم، فقد يبقى الأشخاص الذين يعانون رهاب الألوان في المنزل ويتجنبون التفاعل مع الآخرين، فما قصة الكروموفوبيا؟ ولماذا يخاف المصابون به الألوان؟
ما الرهاب المحدد؟
الرهاب هو خوف شديد وغير عقلاني، وغالباً ما يشعر الأشخاص الذين يعانون الرهاب بالذعر عندما يواجهون مخاوفهم، ويمكن أن يرتبط الخوف بمكان أو موقف أو شيء معين. وعلى عكس اضطرابات القلق العامة، عادة ما يرتبط الرهاب بشيء محدد. وفي الكثير من الأحيان، يدرك الأشخاص الذين يعانون الرهاب أن مخاوفهم غير عقلانية؛ لكنهم يعجزون عن تغييرها.
ويؤكد الطبيب النفسي ليث العبادي إن الرهاب أو الفوبيا هو اضطراب نفسي يحتاج إلى العلاج، خاصة إذا كان يؤثر في حياة الأشخاص اليومية بوضوح، ويتداخل تداخلاً كبيراً مع العلاقات الشخصية والتفاعلات المجتمعية. ويضيف العبادي إن الرهاب ينقسم إلى قسمين؛ رهاب بسيط مثل رهاب المرتفعات أو الطيران، ورهاب معقد مثل الرهاب الاجتماعي.
ماذا يُقصد بمصطلح "الكروموفوبيا"؟
"الكروموفوبيا" (Chromophobia) مصطلح مشتق من اللغة اليونانية ويتكون من مقطعين: "Chromos" التي تعني اللون و"Phobos" ويُقصد بها الخوف الشديد أو النفور العميق. والكروموفوبيا أو رهاب الألوان اضطراب محدد يعني الخوف الشديد وغير المنطقي من الألوان، ومعظم الأشخاص الذين يعانون هذا الاضطراب يخافون لوناً واحداً أو لونين على وجه الخصوص. ويعاني البعض الآخر فوبيا الألوان كافة، أو قد تكون لديه حساسية تجاه الألوان الزاهية فقط.
7 أعراض للإصابة بالكروموفوبيا
يؤثر رهاب الألوان أو الكروموفوبيا في حياة الأشخاص على نحو بالغ، فالمصابون به يرغبون في أن تكون حيواتهم خالية تماماً من الألوان؛ ما يجعل روتين حياتهم اليومي أكثر صعوبة، وهذه أهم أعراض الكروموفوبيا:
- تسارع دقات القلب.
- ضيق التنفس
- الشعور بالغثيان والإغماء.
- الاضطراب الشديد في المعدة أو عسر الهضم.
- التعرق الزائد.
- الارتعاش.
- الإصابة بنوبات الهلع.
اقرأ أيضاً: رهاب اللمس: حين تصبح اللمسة الحانية مصدراً للخوف
ما الألوان التي يخافها المصابون بالكروموفوبيا؟
على الرغم من أن المصابين برهاب الألوان أو الكروموفوبيا يمكن أن يخافوا الألوان كافة، فإن بعضهم يخاف لوناً واحداً أو لونين. ويشمل رهاب الألوان المحدد الأنواع التالية:
- كريسوفوبيا (Chrysophobia): الخوف من اللون البرتقالي أو اللون الذهبي.
- السيانوفوبيا (Cyanophobia): الخوف من اللون الأزرق.
- كاستانوفوبيا (Kastanophobia): الخوف من اللون البني.
- رودوفوبيا (Rhodophobia): الخوف من اللون الوردي.
- الميلانوفوبيا (Melanophobia): الخوف من اللون الأسود.
- الزانثوفوبيا (Xanthophobia): الفزع من اللون الأصفر.
- براسينوفوبيا (Prasinophobia): الخوف من اللون الأخضر.
- لوكوفوبيا (Leukophobia): رهاب اللون الأبيض.
ما أسباب الإصابة بالكروموفوبيا؟
على غرار اضطرابات الرهاب المحددة الأخرى؛ لا يعرف الأطباء السبب الحقيقي للإصابة بهذا الرهاب. ربما يرجع الأمر إلى مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية؛ لذلك تتزايد حدة خطر الإصابة برهاب الألوان إذا كان لديك قريب مصاب به، ومع ذلك، هناك بعض الأسباب الأخرى التي تحفز الإصابة بالكروموفوبيا؛ مثل:
- الثقافة المجتمعية: في بعض الأحيان، قد ترتبط ثقافة الفرد المجتمعية بالألوان. ونتيجة لذلك؛ ينشأ هذا الرهاب منذ الطفولة. على سبيل المثال؛ يرتبط اللون الأسود في الكثير من الثقافات بالشر والظلام والحداد.
- أحداث الحياة الصادمة: كثير من الأشخاص الذين عانوا المآسي في حيواتهم قد يربطون لوناً معيناً بها، وقد يتذكرون هذا الحدث المأساوي كلما رَأَوا هذا اللون. على سبيل المثال؛ إذا تعرض شخص ما إلى حادث غيّر حياته في أثناء قيادة سيارة خضراء، فقد يشعر بالقلق والخوف الشديدَين من اللون الأخضر.
اقرأ أيضاً: النوموفوبيا: رهاب فقدان الهاتف الذي لا يفارق يدي
من الأكثر عرضة إلى الإصابة بالكروموفوبيا؟
من الصعب أن نعرف عدد الأشخاص المصابين بالكروموفوبيا؛ وذلك لأن الكثير من هؤلاء الأشخاص يحتفظون بهذا الخوف لأنفسهم أو لا يدركون حجم المعاناة التي يعيشون معها. والحقيقة أن هناك بعض الأشخاص الأكثر عرضة إلى الإصابة برهاب الألوان؛ وهم الذين يعانون:
- اضطراب طيف التوحد (ASD).
- اضطراب المعالجة الحسية.
- اضطرابات القلق مثل اضطراب القلق العام (GAD).
- اضطراب الوسواس القهري (OCD).
- اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب.
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- تعاطي المخدرات.
كيف يمكن التعافي من الكروموفوبيا؟
هناك بعض أنواع العلاج التي يمكن أن تساعد الأشخاص المصابين بالكروموفوبيا أو رهاب الألوان على التحكم في أعراضهم؛ وذلك مثل:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): الذي يساعد الأشخاص المصابين برهاب الألوان على التفكير في مخاوفهم على نحو مختلف، واكتساب منظور جديد، والتحكم في الاستجابات تجاه رؤية الألوان.
- العلاج بالتعرض: يعد العلاج بالتعرض أحد أكثر طرائق علاج الرهاب شيوعاً، ويهدف بالأساس إلى تغيير موقف المريض تجاه المحفزات الرهابية، ويتضمن هذا العلاج تعريض المريض إلى الألوان تدريجياً، ويُعرف هذا أيضاً باسم "إزالة التحسس".
- العلاج بالتنويم المغناطيسي: يمكن أن يساعد العلاج بالتنويم المغناطيسي على علاج رهاب الألوان لأنه يساعد على تقليل التوتر المرتبط بالتعرض إلى ألوان معينة. والحقيقة أن العلاج بالتنويم المغناطيسي أسلوب آمن وفعال من العلاج الذي لا يحاول السيطرة على عقلك أو جسدك؛ بل فقط يساعد على السماح لك بالتعمق في عقلك الباطن للعثور على جذر خوفك.
- العلاج السلوكي الجدلي (DBT): يهدف إلى تقليل ردود الفعل العاطفية الشديدة تجاه الأحداث أو المواقف المؤلمة، ويمكن أن يساعد المصابين برهاب الألوان على الحد من حساسيتهم تجاه ألوان محددة.
- تناول الأدوية النفسية: بالنسبة إلى البعض، وخاصة أولئك الذين يؤثر رهاب الألون في حيواتهم على نحو كبير، قد تكون أدوية القلق أو نوبات الهلع ضرورية؛ ولهذا يجب عليهم التحدث إلى الطبيب المختص من أجل تحديد العلاج المناسب.