ملخص: الوسواس القهري هو نمط من الأفكار والمخاوف غير المرغوب فيها التي تقودك إلى فعل سلوكيات متكررة تسمى أيضاً "الأفعال القهرية". هذه الهواجس والأفعال القهرية تعوق الأنشطة اليومية وتسبب الكثير من الضيق. وخلال شهر رمضان، تتفاقم أعراض الوسواس القهري، ففي أثناء الصيام، تراود المصاب بالوسواس القهري أفكار مثل احتمالية إفطاره نتيجة بلعه ريقه! ومن خلال هذا المقال، سنتعرف إلى كيفية التعامل مع أفكار الوسواس القهري المتصلة بالصيام.
محتويات المقال
يواجه العديد من الأشخاص بعض التحديات والصعوبات النفسية في أثناء شهر رمضان؛ إما بسبب اضطرابات النوم، وإما بسبب التوقف عن تناول الكافيين صباحاً، وإما بسبب تغير الروتين اليومي واختلاف مواعيد تناول الطعام. وقد تؤثر تلك التحديات في الحياة اليومية للأشخاص؛ لكن بالنسبة للشخص الذي يعاني أفكار الوسواس القهري، فالأمر شديد الصعوبة؛ حيث يواجه أفكاراً وسواسية تتعلق بالصوم على نحو مكثف وبلا هوادة. وكلما ثابر هذا الشخص على مقاومة أفكاره، زادت حدة القلق الذي يشعر به ما يجعله يدور في حلقة مفرغة لا تنتهي. ولذلك؛ إذا كنت تعاني أفكار الوسواس القهري المرتبطة بالصيام، تُمكنك معرفة كيفية التعامل معها من خلال قراءة هذا المقال.
ما هو الوسواس القهري ذو الطابع الديني؟
توضح المختصة النفسية مرفت معشي إن الوسواس القهري يندرج تحت مظلة اضطرابات القلق، ويتجسد عادة في العديد من الأفكار والهواجس غير منطقية، وعادة ما تتداخل تلك الأفكار على نحو كبير مع التفاعلات الاجتماعية وأداء المهام اليومية، وتدفع الأشخاص إلى فعل تصرفات نمطية متكررة. وأحياناً يكون المريض على علم بأن تلك الأفكار والوساوس غير منطقية فيحاول تجاهلها؛ ما يؤدي إلى تفاقم الشعور بالقلق والاكتئاب.
وعادةً، يمارس معظم الأشخاص شعائرهم الدينية ثم يمضون قدماً في ممارسة حيواتهم اليومية مقتنعين بأنهم أوفوا بالالتزامات الدينية؛ لكن بالنسبة إلى المصابين بالوسواس القهري، فإنهم يخافون خوفاً شديداً من أن كل ما يفعلونه لا يكفي أبداً، وبمجرد أن تترسخ هذه الفكرة في أذهانهم لا شيء يمكن أن يجعلهم يهدؤون! وعادة ما يخاف أصحاب الوسواس القهري ذو الطابع الديني من فعل المحرمات عمداً أو حتى دون قصد؛ ولهذا فإنهم ينخرطون في أفعال قهرية من أجل تهدئة تلك الأفكار الوسواسية؛ مثل إعادة الصلاة عدة مرات والمبالغة في الخوف من الإفطار خلال نهار رمضان.
اقرأ أيضاً: كيف تستفيد مش شهر رمضان في التمرس على ضبط النفس؟
كيف تظهر أفكار الوسواس القهري في رمضان؟
يؤكد استشاري الطب النفسي، إبراهيم حمدي، إن حالات الوسواس القهري من أكثر الحالات النفسية عرضة إلى الانتكاسة خلال شهر رمضان؛ وذلك بسبب التغير المفاجئ في الروتين اليومي الذي ينتج منه تغيير مواعيد تناول الدواء، وعادة ما تظهر أفكار الوسواس القهري خلال شهر رمضان بالطرائق التالية:
- تكرار الصلاة أو الشك في عدد الركعات.
- تكرار الوضوء بسبب الخوف من نسيان أحد الأركان.
- توهم الشخص بأنه ابتلع ماء الوضوء.
- الأفكار الوسواسية والتوهم من تناول الإفطار قبل أذان المغرب أو بعد أذان الفجر.
- تجنب بلع الريق في نهار رمضان خوفاً من الإفطار.
- الخوف الشديد من غسل الأسنان بالمعجون حتى لا يتسلل إلى الجوف ويسبب الإفطار.
ما أسباب معاناة مريض الوسواس القهري في رمضان؟
يواجه أغلب الأفراد أفكاراً وسواسية من وقت إلى آخر. كم مرة خرجت من منزلك ثم سألت نفسك إن كنت أغلقت موقد الغاز أو تركت باب المنزل مفتوحاً؟ الحقيقة أن الوسواس القهري أكثر تطرفاً؛ حيث يمكن أن يستغرق ساعات طويلة من يوم الشخص؛ ما يعوق حياته اليومية على نحو كبير. وفي نهار رمضان، يقضي وقتاً طويلاً في تكرار الوضوء وتوهم الإفطار في نهار رمضان؛ الأمر الذي يُبقيه في حالة كبيرة من الصراع النفسي طوال الشهر. وعلى الرغم من أن الأطباء لا يعرفون سبباً محدداً للوسواس القهري، فإن هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى تطوره؛ مثل:
- العوامل الوراثية: تشير الأبحاث الطبية إلى أن الأشخاص الذين لديهم أقرباء من الدرجة الأولى مصابون بالوسواس القهري أكثر عرضة إلى الإصابة بهذا الاضطراب.
- تغيرات الدماغ: أظهرت الدراسات التصويرية وجود اختلافات في القشرة الأمامية للدماغ لدى الأشخاص الذين يعانون الوسواس القهري، علاوة على أن استجابة الدماغ إلى للناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين تلعب دوراً في حدوث هذا الاضطراب.
- يؤدي الصيام إلى تفاقم أعراض الوسواس القهري: يعاني الأشخاص المصابون بالوسواس القهري في رمضان؛ حيث يؤدي الصيام إلى تفاقم الأعراض على نحو كبير لأنه يؤدي إلى زيادة الهواجس والأفعال القهرية. وفي أثناء رمضان، قد تتمحور الأفكار حول الخوف من إفساد الصيام أو حول الطعام وتناول الوجبات، وقد يعاني هؤلاء الأشخاص من هواجس مرتبطة بالدين أيضاً.
اقرأ أيضاً: علاج الوسواس القهري دون أدوية
5 إرشادات فعالة للتعامل مع أفكار الوسواس القهري في رمضان
يوضح استشاري الطب النفسي، جمال فرويز، إن مريض الوسواس القهري يعاني خللاً في كيمياء المخ، ويضيف إن صيام رمضان يؤدي إلى تفاقم المشكلة، وهذه أهم الإرشادات للتعامل مع أفكار الوسواس القهري:
- الالتزام بتناول الأدوية: توضح المختصة النفسية نجلاء الفهد إن وجود الأجواء الروحانية الرمضانية والرغبة في استغلال الشهر الكريم في العبادة؛ عوامل تؤدي إلى تفاقم حالة القلق وشدة إلحاح الأفكار الوسواسية. ولهذا؛ يؤكد استشاري الطب النفسي سعيد عبد الوهاب عسيري ضرورة تناول الأدوية في مواعيدها، مشيراً إلى أنه بعض الأحيان يرفع جرعة الدواء قبل رمضان استعداداً للصيام والأفكار الوسواسية التي تحيط به.
- عدم الانسياق وراء الأفكار الوسواسية: يرى الطبيب النفسي جمال فرويز إن عدم الانسياق وراء الأفكار الوسواسية واستكمال الصيام يمكن أن يعمل على تهدئة القلق.
- العلاج بالتعرض: يُنصح بتعريض الشخص المصاب إلى الأفكار التي تسبب الخوف والقلق، وبمرور الوقت، ومن خلال عملية التعود، سيؤدي التعرض المتكرر إلى انخفاض القلق أو اختفائه.
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يعد أفضل نهج لعلاج الوسواس القهري؛ ولكن بمراعاة اختيار النوع المناسب، فالعلاج بالكلام على سبيل المثال لن يكون ذا فائدة كبرى؛ حيث إن مراجعة الأحداث الماضية في حياتك، أو محاولة معرفة الأخطاء التي ارتكبها والداك في تربيتك، لن تخفف أعراض الوسواس القهري؛ بينما توجد أنواع أخرى للعلاج المعرفي السلوكي أكثر جدوى مثل التدريب على الاسترخاء أو إيقاف التفكير.
- العلاج القبول والالتزام (ACT): يساعدك هذا النوع من العلاج على تعلم قبول الأفكار الوسواسية باعتبارها مجرد أفكار؛ ما يسلبها قوتها وسيطرتها عليك. ومع مرور الوقت، سيساعدك هذا العلاج على تعلم كيفية عيش حياة ذات معنى على الرغم من أعراض الوسواس القهري التي تعانيها.