ملخص: الخطأ النحوي من الهفوات التي نرتكبها جميعاً في أثناء إلقاء خطاب أو محاورة الآخرين. وعلى الرغم من أن هذا الخطأ يظل وارداً إلا أن بعضنا لا يتقبّله بسهولة ويحرص باستمرار على تصحيح هذه الأخطاء ومحاولة تقويمها. ما الذي تعكسه ظاهرة الميل إلى تصحيح الأخطاء النحوية للآخرين؟ وما علاقتها بالتوتر؟ وكيف يمكن ممارستها بأسلوب ناجع دون أن تؤثر في علاقاتنا؟ إليك الإجابات في المقال التالي.
محتويات المقال
لا أحد معصوم من الخطأ. كلّنا ارتكبنا أخطاء نحوية من قبل، ولاحظنا في المقابل أخطاء نحوية ارتكبها آخرون في أثناء الحديث معنا. ثمة أنماط عدّة من التفاعل مع الأخطاء التي يرتكبها المتحدّثون. إذا كان البعض يميل إلى تجاهل الخطأ ومواصلة المحادثة على نحو طبيعي، فإن آخرين يميلون إلى مقاطعة المتحدّثين لتصحيح كلامهم في حين تواجه فئة ثالثة معضلة اختيار السلوك المناسب.
على الرغم من أن هذه الأخطاء النحوية غالباً ما تكون بسيطة وليست لها انعكاسات عميقة على جوهر الخطاب فقد يكون لها تأثير مباشر في مستوى توتّر الأشخاص الذين يسمعونها.
الأخطاء النحوية مصدر توتّر
اهتمّ باحثون مختصّون في اللسانيات المعرفية وعلم النفس اللغوي في دراسة نشرتها دورية اللسانيات العصبية (Journal of Neurolinguistics) في فبراير/شباط 2024 بالتفاعلات الفيزيولوجية لدى الأشخاص الذين يرصدون أخطاء نحوية في خطابات محاوريهم. لإنجاز هذه الدراسة طلب الباحثون من 41 شخصاً بريطانياً بالغاً ناطقاً باللغة الإنجليزية الاستماع لمقاطع خطابات بلغتهم. ثم قاس الباحثون وتيرة نبضات القلب وتغيّراتها لدى المشاركين طوال عملية الاستماع.
بعد مراقبة وتيرة نبضات القلب وارتباطها بالخطابات المسموعة لاحظ الباحثون زيادة مستويات التوتّر عندما يستمع المشاركون إلى خطاب يتضمن أخطاء نحوية. وعلاوة على ذلك اتّضح أن مستوى التوتر يرتفع وفقاً لعدد الأخطاء. وأشار الباحثون إلى أن الإنسان مبرمج على استخدام بعض القواعد اللغوية وعندما يلاحظ عدم احترامها فإنه يتفاعل سلبياً مع ذلك.
هل نصحّح أخطاء الآخرين أم لا؟
ما العمل إذاً في مواجهة هذا التّوتر؟ هل يجب تصحيح أخطاء الآخرين لتجنّبه؟ من هم الأشخاص الذين يمكن أن نتجرأ على تصحيح أخطائهم؟ يرى أستاذ علم النفس المعرفي روبرت كرافت (Robert Kraft) أن تصحيح خطأ شكلي لشخص ما قد يعطي انطباعاً بأن إصغاءنا إليه كان سطحياً ولم يركز على مضمون خطابه.
وقد تؤدي التصحيحات إلى صرف الانتباه أو اختزال تدخّل المتحدث في العبارة المصحّحة أو قد تكون علامة على استعراض التفوّق المعرفي. لتجنّب الإضرار بتواصلنا مع الآخرين وعلاقاتنا بهم يقدّم أستاذ علم النفس المعرفي في تصريح لموقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) عدّة نصائح حول كيفية التعامل المناسبة مع أخطاء الآخرين.
أولا عليك أن تختار التوقيت المناسب للتدخّل. تجنّب مقاطعة المتحدث واذكر ذلك بعد نهاية تدخّلك. ولكن قبل أن تشير إلى ذلك عليك أن تقيّم أهمية الخطأ وإن كان يستحقّ فعلا أن تثيره. إذا تعلّق الأمر بخطأ وحيد، فلا فائدة من تصحيحه. لكن إذا لاحظت أن هناك خطأً نحوياً يتكرّر فقد يستحق الأمر تدخّلك. وأخيراً حاول أن تتأكد من مدى انفتاح هذا الشخص على هذا النوع من الحوارات.