لماذا ننجذب للارتباط بشريك حياة يشبهنا؟

2 دقيقة
التشابه
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: التشابه والتكافؤ بين شريكَي الحياة عنصران حاسمان في الاختيار. ثمة دراسات وأبحاث عديدة تؤكد قوة عنصر التشابه في حسم اختيار الشريك؛ لكن ما أبعاد هذا التشابه؟ وما المجالات التي يشملها؟ يقدم المقال التّالي أدلّة علمية على هذه الظاهرة، ويحلّل أسبابها ومستوياتها. إليك التفاصيل.

قد يتبنّى الأزواج أحياناً سلوكيات وأساليب متطابقة سواء في الأذواق أو أشكال التعبير أو وجهات النظر أو أنماط اللباس أو غيرها من الأمور إلى درجة توحي بأنهم ينتمون إلى الأسرة نفسها. فهل يعني ذلك أن العلاقات العاطفية تشجع سلوك التقليد المتبادل بين الزوجين؟

وفقاً للطبيبة النفسية ماري جوزي دي أكويار (Marie-José de Aguiar) في تصريح لموقع سلات (Slate) فإن: "الزواج يجمع شخصين يجد كلاهما جوانب من شخصيته في الآخر". فاختيار شريك الحياة أمر مهمّ يسهم في اكتشاف الذات. إنه تطلّع لا واعٍ إلى العثور على شخص يساعدنا على اكتشاف ذواتنا وتوجيه اختياراتنا العاطفية. تضيف أكويار: "هذا الاختيار ليس نهجاً مقصوداً لكنّه عنصر مؤسّس للعلاقات العاطفية".

التكافؤ الاجتماعي

تُظهر الدراسات التي اهتمّت بزواج الأقارب ميلاً شائعاً لدى الأفراد لبناء علاقات عاطفية مع أشخاص ينتمون إلى أوساطهم الاجتماعية. وتُبرز هذه الظاهرة ميل الناس إلى اختيار شريك من فئاتهم الاجتماعية سواء أتعلّق الأمر بالطبقة أو الأصول أو العرق أو الدين أو المهنة.

وفقاً لأبحاث عالم الاجتماع بالمعهد الوطني الفرنسي للدراسات الديموغرافية ميلان بوشيه فالا (Milan Bouchet-Valat) فإن التكافؤ الطبقي يظل معياراً أساسياً في اختيار الشريك العاطفي على الرغم من أن أزواج اليوم أكثر تنوعاً مقارنة بأزواج سنوات السبعينيات. في الواقع "يرتبط 78% من الأشخاص المنحدرين من الطبقة العمّالية بأشخاص من طبقة العمال أو الموظفين أيضاً، بينما يرتبط 3% فقط منهم بأشخاص من كبار الموظفين التنفيذيين" وفقاً لدراسة أجراها عالم الاجتماع بوشيه فالا.

التشابه الجسدي

كشف بحث أنجزه باحثون من جامعة ستانفورد سنة 2020 ميلاً لدى الأفراد إلى البحث عن خصائص جسدية شبيهة بخصائصهم لدى شركائهم.

تقارب الآراء

وفقاً لدراسة أنجزتها شركة الاستشارات يوغوف (Yougov) لفائدة تطبيق المواعدة بامبل (Bumble) سنة 2023 فإن 59% من الفرنسيين يبحثون عن شريك يتّبع نمط عيش يشبه أنماط عيشهم، بينما أفاد 47% من الأشخاص المستجوبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً أنهم لا يستطيعون الانخراط في علاقة مع شخص ما إلا إذا كان يحمل آراء سياسية تشبه آراءهم.

هل التشابه عفويّ أم مقصود؟

على الرغم من أنّ أوجه التشابه قد تكون قائمة قبل العلاقة، فإنّ الأزواج قد يحرصون أيضاً على بنائها عن قصد لتحقيق الإعجاب المتبادل. تقول الطبيبة النفسية ماري جوزي دي أكويار: "قد يكون الزوجان مختلفين في بداية العلاقات على مستويات عدّة، لكن عندما يحبّ أحدهما الآخر فإنه يحرص على أن يشبهه ويتشارك معه الأذواق والقيم الأساسية، في المقابل يولّد إبراز أوجه الاختلاف مخاوف تخلّي أحد الشريكين عن الآخر"، علماً أن هذا النوع من الدينامية قد يؤدي إلى الشعور بقدر من الاستياء في العلاقة. تشير أكويار إلى ذلك قائلة: "على الرغم من رغبتنا في الشعور بالأمان العاطفي إلى جانب شركائنا فإننا نظلّ أفراداً يتمتعون بخصوصيات نفسية"، لذا فإن الحفاظ على اختلافاتنا أمر ضروري للحفاظ على العلاقة الزوجية.

اقرأ أيضاً: 

المحتوى محمي