ملخص: بمجرّد انتهاء مرحلة المراهقة يصبح بناء الصداقات عملية صعبة على الرجال. هذا ما تُظهره الدراسات التي اهتمّت بالصداقات الذكورية بعد سنّ المراهقة. المقال التالي يحلّل هذه الظاهرة ويفسّر أسباب تراجع الصداقات بين الرجال كلّما تقدموا في السنّ.
تكوين الصداقات القوية والحفاظ عليها تحدٍّ يواجه العديد من الرجال. وفقاً لاستقصاء أميركي فقد أفاد أقلّ من نصف الرجال المستجوَبين أنهم راضون عن صداقاتهم بينما صرّح 20% فقط بأنهم تلقّوا دعماً عاطفياً من طرف صديق في الأسبوع الذي سبق استجوابهم. يبدأ تراجع الصداقات في حياة الرجال عموماً في مرحلة المراهقة وتتراجع أكثر بعد سنّ الرشد. في هذا السياق كشفت أستاذة التطوّر النفسي لدى الأولاد بجامعة ستانفورد جودي يي شونغ شو (Judy Yi-Chung Chu) في تصريح لقناة سي إن إن (CNN) أن الصداقات بين الرجال تنطوي على مستوى أقل من الحميمية العاطفية مقارنة بالصداقات بين النساء.
ما السر وراء تراجع الصداقات بين الرجال؟
لا يزال العديد من الرجال متأثّرين بفكرة أن إظهار الضعف والحميمية علامة ضعف. هكذا تُسهم الضغوط الاجتماعية والثقافية في عرقلة بناء صداقات متينة بين الرجال. تقول الدكتورة والأستاذة الباحثة المختصّة في علم النفس التطبيقي بجامعة نيويورك نيوبي واي (Niobe Way): "لا يسعى الأولاد في البداية إلى الانفصال العاطفي بل يتعرّضون إليه لاحقاً".
وتضيف: "يتلقّى الأولاد خلال تنشئتهم رسائل تفيد أن البلوغ والرجولة يعنيان ضرورة التخلّص من هذا الجانب اللطيف من شخصياتهم، وهي عقلية مؤذية لهم وفق ما يؤكده علماء الأعصاب والعلوم الاجتماعية وعلم النفس التطوّري". كما أن التوقعات الاجتماعية السائدة مثل ضرورة التمتّع بالقوة البدنية والاستقلالية وعدم إظهار الضعف، تمنع الرجال من تبادل الحميمية العاطفية مع الأقران.
العلاقة مع الزوجة لا تملأ فراغ الصداقة
عندما يجد الرجال صعوبة في بناء صداقات ذكورية فإنهم يعودون إلى زوجاتهم من أجل سدّ هذا الفراغ. لكن ذلك يحد أكثر من تفاعلاتهم مع الأقران ويحمّل العلاقة الزوجية عبئاً زائداً. لا بدّ من وجود عدد من الأصدقاء الذين يمكن الاعتماد عليهم للحصول على دعم عاطفي متنوع.
وليس من الضروري الاعتراف فوراً بشعور الضعف لبناء صداقات مع رجال آخرين، إذ إن البدء بطرح بعض الأسئلة والتعبير عن الاهتمام الصادق بالآخر يمثل خطوة أولى في مسار بناء علاقات أصيلة. كما تمثل المشاريع أو الاهتمامات المشتركة (الرياضة على سبيل المثال) عاملاً مساعداً على خلق هذه الصّلات. ويعزّز العمل على بناء صداقات حقيقية وطيدة الصحّة النفسية والعاطفية للرجل.