كيف أتعامل مع أهل زوجي؟

5 دقائق
التعامل مع أهل الزوج

يقول المثل: «أنت لا تتزوج من شخصٍ واحدٍ فقط؛ بل تتزوج من عائلته» إن جاز التعبير. من غداء العائلة، إلى الخلاف في الرأي وقضاء يوم العطلة مع أهل الشريك... الزواج يعني أيضاً تعلّم التعامل مع "قبيلتين" مختلفتين جداً في بعض الأحيان. تقدّم كريستين برونيه؛ المعالجة النفسية، نصائح حول كيفية التعامل الصحيح مع أهل الشريك.

لا يمكنك اختيار عائلتك، وكذلك لا يمكنك اختيار أهل زوجك. بعضنا يشعر بالحرج من أهل الزوج، أو قد يجدهم متطفلين للغاية، أو على العكس من ذلك؛ قد يبدون لنا غير مبالين بنا تماماً؛ لكن علاقتنا بشريكنا تفرض علينا تعلم كيفية التعامل معهم. نحن نبتعد عن أهلنا لنبني حياتنا العاطفية الخاصة؛ لكننا نقترب ونتفاعل مع أهل الشريك كما لو أننا نتبناهم، لأننا نعيش بقية عمرنا مع ابنهم. في الواقع؛ تؤثر قصص حب الآخرين في عوائلنا على قصص حبنا الشخصية، ونعتبرها قدوةً لنا، ونعتمد عليها في بناء علاقاتنا الدقيقة مع أهل الشريك. التحدي بالنسبة للمعالجة النفسية كريستين برونيه هو كما تقول: «أن تكون علاقتك مع الشريك مستقلةً عن تأثير الأهل، وأن تبني عائلتك أنت، وتحول تراث الأسرة من خلال إعادة تشكيل التقاليد والطقوس العائلية بما يتفق مع ما ترغبانه معاً، وابتكار عاداتٍ وتقاليد جديدة».

الانفصال عن عائلتك

لكي تكون قادراً على الحب؛ يجب أن تكون قادراً على الاستقلال عن عائلتك الأصلية - كما يؤكد المعالجون مراراً وتكراراً. تشرح كريستين برونيه: "لا يمكنك أن تظل طفلاً لوالديك مدى الحياة؛ ولكن أن تصبح شخصاً بالغاً لا يعني  أن تحتفظ بخصائص طفولتك وذكرياتها وحسب؛ بل وأن تبني تفكيرك وحياتك، وتطور استقلاليتك الخاصة، وتكون نظرتك الخاصة عن تحقيق الذات. لذلك يجب أن تكون أولوية أي زوجين تكوين عائلةٍ جديدة مستقلة، خاصةً وأن هناك مخاطرَ كبيرةً عندما يكون أحد الزوجين لا يزال تحت تأثير عائلته الأصلية، أو عندما يتدخل الأهل بتحديد خيارات الزوجين. «تدخل الأهل مؤذٍ جداً؛ إذ لا يُسمح للزوجين بتكوين نفسيهما أو التخطيط لمشاريعهما بشكلٍ مستقل؛ الأمر الذي يخلق مشاكلَ ونفوراً بينهما، ويؤثّر سلباً على رغبة كل شخص تجاه شريكه، وعلى تربية أبنائهما، وسيكون مصدراً للعديد من الصراعات في المستقبل».

ينبغي التعامل مع العائلة، بعد الانفصال عنها، بطريقةٍ "بنّاءة". "من المهم أن يتمكن كل فرد من الزوجين من حمل جزءٍ من نموذج عائلته معه؛ ولكن كي تتمكن من الاستقلال عنها؛ يجب أن تكون قادراً على القول لعائلتك: «لقد فهمت ذلك؛ لكني أريد أن أفعله بطريقتي الخاصة»".

ابحث عن المسافة الصحيحة

لكن الاستقلال عن عائلتك لا يعني قطع جسور التواصل معها؛ بل على العكس تماماً، فالأمر لا يتعلق بإهمال عائلتك أو إقصاء نفسك عنها؛ بل بمحاولة خلق مسافة مناسبة بينك وبينها مع مراعاة رغبتك ورغبة شريكك الذي سيكون حليفاً جيداً لمساعدتك في هذا الشأن. على كل منكماعا أن يحدد مسافةً مناسبةً - أن يبتكرها إن اضطُر لذلك. إنها تُبنى بمرور الوقت، وقد تتعرّض للانتهاك أحياناً؛ ولكن ذلك لا يعني أن تسوء العلاقة الأسرية بالضرورة! وتظل الأوقات التي نقضيها مع العائلة مهمةً، حتى لو تركت العشّ منذ وقتٍ طويل. إنها أوقاتٌ للاحتفال، لِلم شمل العائلة مجدداً، وتبادل الأحاديث الودية، وثروة لأطفال الزوجين أيضاً؛ والذين يمكنهم بالتالي معرفة من هم ومن أين أتوا؛ لكن يجب ألا نشعر بأن هذه اللقاءات مجرّد التزامٍ أو واجبٍ يُثقل كاهلنا ونقوم به للتخلّص منه.

اقرأ أيضا:

إعادة اختراع التقاليد

غداء العائلة يوم العطلة الأسبوعية في منزل العائلة، والمكالمة الهاتفية اليومية من حماتها... لكل زوجين عادات عائلية خاصة به؛ والتي يمكن أن تصبح في بعض الأحيان عبئاً حقيقياً. دعونا نحاول أن نتقبل هذه الأشياء بروحٍ مرحة، إنها جزء من الحياة، ومن المفيد للأطفال أن يروا أن هناك التزامات؛ ولكن من المهم ألا تكون مملةً ومتكررة. المفتاح: تجنب الالتزام بروتينٍ صارم؛ مثل زيارة العائلة إلى منزل الجد والجدة أيام السبت. حاول تنويع هذه النشاطات؛ كأن تغيّر وقت ومكان اجتماع العائلة في كلّ مرة، وأن تزورهم بشكلٍ غير متوقع في بعض الأحيان، وخطط من وقتٍ لآخر للمّ شمل كامل أفراد العائلة في وقتٍ محدد... "هناك جانبٌ مفيد لتغيير الطقوس، أنت تجدد العادات وتنشئ طقوساً عائليةً جديدةً بهيجةً في كلّ مرة». إنها طريقةٌ جيدة إلى حدّ ما لتغيير الطقوس الصارمة. «الشيء المهم هو ألا يكون لديك انطباع بأنك مجبر على ذلك، وألا تطغى عليك المشاعر السلبية".

إدارة عائلتين مختلفتين

لكن في بعض الأحيان تصعب مقاومة الشعور بالخضوع. "كل فرد في مكانه" و "كل فرد سيد منزله"؛ قاعدتان أساسيتان حتى لا يتحول وقت العائلة إلى معركة ضارية.  يمكن أن يكون توزيع الالتزامات ليس فقط بين الزوجين؛ ولكن أيضاً بين العائلتين، قاعدةً ثالثة؛ وهذا يشمل موضوع تقاسم الوقت بين عائلتيّ الشريكين؛ والذي يُعتبر مصدراً متكرراً للتنافس بين العائلات. «دعونا نفكر في إعادة تنظيم الجدول الزمني والتقاليد في هذه الحالة أيضاً. يمكننا الاحتفال بعيد الميلاد بوجبة خفيفة أو وجبة فطور أو غداء؛ لكن الشيء المهم في النهاية هو عدم المقارنة كثيراً - سواء بين الوقت الذي نقضيه مع عائلة كلّ منا أو مقارنة عائلاتنا مع بعضها. إنها مسألة تثير الكثير من الخلافات بين الزوجين، ومن الأفضل التحدث إلى الشريك الآخر عن عائلته - أن نخبره بما يسوؤنا وما يروق لنا؛ ولكن لنتذكر أيضاً أن عائلتنا الأصلية ليست مثاليةً، وأن أقاربنا، وخاصة حماتنا، لا يحاولون بالضرورة افتعال المشاكل معنا.

اقرأ أيضاً:

الأقارب: تجنب الصور النمطية

قد يحدث أن يعتبر أهل الشريك زوجة ابنهم أو صهرهم عدواً أو منافساً لهم؛ وذلك ينطبق خصوصاً على الحموات. "تعتبر بعض الأمهات أن زوجة ابنها قد أخذته بعيداً عنها؛ ولكن هناك أيضاً أمهاتٍ يشعرن بالغيرة من سعادة بناتهن؛ ما يعقّد العلاقة مع أزواجهم، وهناك الآباء الذين يرون زوج ابنتهم دخيلاً على العائلة… ".

لكن بالنسبة لكريستين برونيه: "لا يعني ذلك بالضرورة أن العلاقات مع أهل الشريك يجب أن تكون سيئة؛ عليك محاربة هذه الصورة النمطية. التحدي الصعب هو فهم عادات هذه "القبيلة" الأخرى والتكيف معها. إنها مسألة تفاوض: «هل أنت على وشك قضاء أسبوعين مع عائلة زوجتك؟ لماذا لا تشرح لأفراد عائلتها ما هي عادات أطفالك - على سبيل المثال؟». من الجيد إجراء نقاشٍ مسؤولٍ معهم، بحيث تتجنّب إغضابهم أو إرسال إشاراتٍ سلبية لهم، فإذا حدثت مشكلةُ ما في إحدى المرات، فهذا لا يعني أنها ستحدث مرة أخرى. من المهم هنا البحث عن الإيجابيات دائماً، والحديث عما تشعر به هو أفضل طريقة للتغلّب على المشاكل. قد لا يعجب شريكنا الذي اخترناه عائلتنا أحياناً؛ ولكن بما أنك تتحمل مسؤولية اختيارك، فمن المنطقي أن تدعم شريكك دائماً. لا تدع النقد يؤثر عليك، يمكن لهذا الدعم أن يغير وجهة نظر عائلتك تجاه شريكك بشكلٍ إيجابي".

الأجداد: وضع الحدود

عندما ينجب الزوجان الأطفال، يجد الزوجان أنفسهما أمام صورةٍ جديدة لوالديهما، لقد أصبحا الآن أجداداً. "يجب على أهل الزوجين التصرف بحذر، وفهم رغبات واحتياجات الأسرة الجديدة، وقبل كل شيء، احترام التربية التي يريد الزوجان منحها لأطفالهم. على سبيل المثال: يجب أن يدرك الجدان أنه لا يُسمح للأحفاد بتناول الحلوى قبل العشاء، أو لعب ألعاب الفيديو أثناء تناول الطعام، أو ركوب الدراجة إذا منع الوالدان ذلك. بالمقابل؛ يجب على الزوجين أن يقررا معاً متى يضعان حداً لتدخل الأجداد، أو يمكنهم أيضاً أن يقررا التغاضي عن بعض الجوانب. على سبيل المثال: قد لا يكون قضاء الأطفال وقتاً زائداً مع جديهما وتأخرهما عن موعد النوم قليلاً ذا أهمية، طالما يقضيان أوقاتاً سعيدةً معهما، إنهم هناك لتدليلهم في أوقات العطل والأعياد. لن يتم احترام القواعد تماماً بنفس الطريقة، لذلك احرص على عدم المبالغة في مطالبتهم بالتمسك بها، "فذلك يؤذيهم بشدة. يجب على الآباء أن يظلوا حازمين، فهم يقومون بتربية أطفالهم، ويجب أن يقتنعوا بذلك. حتى لو كانوا أحياناً يحسدون دور الأجداد الذين يبدون فرحين باللعب مع أطفالهم، في حين يرهقون أنفسهم في نهرهم وتوعدهم بالعقاب".

حلفاءُ قيمون

يمكن أن يكون الأجداد حلفاء حقيقيين للزوجين، فهم يريحون الوالدين في بعض الأحيان؛ حيث يمكن للزوجين ترك أطفالهما بعهدتهم، ليجدوا لأنفسهم بعض الوقت، لقضاء أمسية أو عطلة نهاية أسبوعٍ بمفردهما بعيداً عن صخب أطفالهما. وتبقى العائلة دعامةً لأسرة الزوجين الجديدة مهما كانت المحن التي تواجهها، وتساعدهم على تحملها. من المهم للغاية أن يكون لديك شعور بأن لديك فروعاً تتكئ عليها، وذراعاً تمتد إليك وقت الحاجة.

اقرأ أيضا:

المحتوى محمي