8 علامات لحدوث انتكاسة بعد التعافي من الاكتئاب وكيفية مواجهتها

6 دقائق
انتكاسة الاكتئاب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: إذا كنت قد مررت بنوبة اكتئاب من قبل، فأنت حتماً تعلم أن الاكتئاب يمكن أن يعود مرة أخرى، وتُسمَّى عودته بـ "انتكاسة الاكتئاب"؛ حيث نعود لنشعر بالأعراض نفسها بعد أن كنا تعافينا. ومن خلال هذا المقال، سنتعرف إلى أهم العلامات التي تخبرنا بأننا نمر بفترة انتكاسة اكتئابية وكيف يمكننا تجاوزها بسلام.

هل عانيت الاكتئاب قبل ذلك في حياتك وسألت نفسك إذا كان يمكن أن يعود مرة أخرى مصطحباً معه أعراض الشعور بالحزن واليأس؟ الحقيقة أننا جميعاً نمر بفترات صعود وهبوط في أثناء الحياة؛ بعض الأيام تكون جيدة وبعضها الآخر صعب إلى درجة أننا لا يمكننا الانتظار حتى نعود إلى المنزل ونختبئ تحت الأغطية.

ولكن حين نتغلب أخيراً على الاكتئاب، قد نتساءل إذا كانت الأيام السيئة ستعود مرة أخرى، والحقيقة إن الانتكاسة بعد الاكتئاب شائعة وتحدث في أغلب الأحوال؛ لكن ليس عليك أن تعيش كل يوم تتساءل متى سيهجم الاكتئاب مرة أخرى؛ حيث إن فهم أسباب الانتكاس ومعرفة ما يجب فعله إذا حدث سوف يساعدانك في التغلب على الانتكاسة، وسنخبرك بهذه الأمور كلها من خلال هذا المقال.

ما هي انتكاسة الاكتئاب؟

تُعرف الانتكاسة بأنها عودة أعراض الاكتئاب إلى الظهور مرة أخرى بعد أشهر أو حتى سنوات من تعافي الفرد بعد النوبة الأخيرة، وهي أكثر شيوعاً خلال الأشهر الستة الأولى من التعافي. والحقيقة أن الانتكاسة لا تعني أن خطة العلاج الخاصة بك قد فشلت؛ بل هي جزء طبيعي من التعايش مع الاكتئاب والتغلب عليه.

ووفقاً لما ذكرته الجمعية الأميركية للطب النفسي (The American Psychological Association)؛ فإن 50-85% من الأشخاص سيعانون نوبة اكتئاب واحدة على الأقل في حيواتهم. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين عانوا نوبتين أو 3 نوبات اكتئابية، فإن فرص عودة الاكتئاب مرة أخرى تكون أعلى بكثير.

ما هي نوبة الاكتئاب؟

هي فترة من الاكتئاب تستمر مدة أسبوعين على الأقل. وخلال هذه المدة الزمنية، عادة ما يعاني الأشخاص مزاجاً سيئاً وطاقة منخفضة ويفقدون الاهتمام بالأنشطة والانسحاب الاجتماعي، بالإضافة إلى أي أعراض أخرى للاكتئاب مثل الشعور بانعدام القيمة واليأس، وانتكاسة الاكتئاب هي جزء شائع من اضطراب الاكتئاب.

اقرأ أيضاً: ما العادات التي تساعدك على الوقاية من الاكتئاب؟

8 علامات تخبرك بأنك تمر بفترة انتكاسة بعد تعافيك من الاكتئاب

وفقاً لدراسة بحثية نُشرت في عدد يوليو/تموز 2017 بمجلة الأبحاث والعلاج السلوكي (Behaviour Research and Therapy)؛ فإن نحو نصف الأشخاص الذين يتلقون علاجاً لنوبة واحدة من الاكتئاب سيعانون نوبة أخرى في غضون عام. وأشار مؤلفو الدراسة إلى أن خطر الانتكاس يزيد إلى 70% بعد نوبتين من الاكتئاب و90% بعد 3 نوبات. وهذه هي العلامات التي تخبرك بأنك تمر بفترة انتكاسة بعد تعافيك من الاكتئاب: 

  • الشعور بالحزن واليأس: يُعد الشعور بالإحباط أو الحزن أو انخفاض الحالة المزاجية إحدى العلامات المميزة لكل من الاكتئاب وانتكاسة الاكتئاب. وعلى الرغم من أن مشاعر مثل اليأس والفراغ والبؤس والرغبة في البكاء يمكن أن تكون استجابات طبيعية إلى أسباب واضحة مثل خسارة الوظيفة أو فقدان أحد أفراد الأسرة أو الطلاق، فإنها حين تغمر أحدهم دون سبب واضح مدة أسبوعين متواصلين وتحدث كل يوم، فهذا دليل على انتكاسة الاكتئاب. وفي هذا السياق، يؤكد استشاري الطب النفسي حسين آل عماد إن الحزن عاطفة طبيعية ويمكن أن يكون عرضاً من أعراض الانتكاسة حين يعوق حياتنا اليومية.
  • اضطرابات النوم: النوم هو جانب آخر من جوانب صحتك الذي يمكن أن يتأثر بسهولة في أثناء انتكاسة الاكتئاب. ولهذا؛ إذا لاحظت تغيرات في نومك مثل صعوبة النوم، أو الاستيقاظ خلال الليل، أو عدم الشعور بالراحة، أو النوم كثيراً، فقد تكون هذه انتكاسة اكتئابية.
  • نوبات الغضب والتهيج: هل تجد نفسك تنزعج على نحو أكبر من ذي قبل؟ هل تهاجم الناس أو تجد أنك تغضب بسهولة حتى من أبسط المواقف؟ إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أنك تعاني أعراض انتكاسة الاكتئاب.
  • فقدان الاهتمام والشعور بالمتعة: حين تفقد الاهتمام بالأشياء التي اعتدت أن تجدها ممتعة؛ مثل الانجذاب إلى شريك حياتك أو ممارسة الجنس أو الاستمتاع بالهوايات أو رؤية الأصدقاء أو أي شيء كنت تستمتع به من قبل، فهذا معناه أنك في فترة انتكاسة بعد تعافيك من الاكتئاب، وإذا أصبحت الأنشطة الممتعة عبئاً عليك أو تتطلب الكثير من الجهد حتى تقوم بها، فهذه أيضاً علامة على الانتكاسة.
  • تباطؤ التفكير: يعاني معظم الأشخاص المصابين بالاكتئاب ما يُعرف باسم "تباطؤ التفكير"؛ وهو يعني أنهم يواجهون صعوبة بالغة في اتخاذ القرارات وحل المشكلات. ويمكن أن يتداخل تباطؤ التفكير مع حياتك اليومية بطرائق عديدة مثل صعوبة التركيز في عملك، أو حين تجد أن إجراء محادثة طبيعية في تجمع عائلي أمر شاق للغاية.
  • الانسحاب الاجتماعي: إذا وجدت نفسك تتجنب المواقف الاجتماعية ولا تملك الطاقة أو الاهتمام للاستماع إلى أحدهم أو الدخول في محادثة، فهذه علامة من علامات الانتكاسة الاكتئابية.
  • اضطرابات الوزن: قد تؤدي انتكاسة الاكتئاب في كثير من الأحيان إلى الإفراط في تناول الطعام أو فقدان الاهتمام بالطعام. ولذلك؛ إذا وجدت نفسك تعاني تغييرات جذرية في عادات الأكل فيجب أن تستشير طبيبك النفسي.
  • الشعور الدائم بالتعب والإرهاق: هل أنت متعب من مجرد التفكير في النهوض من السرير، أو غسل الأطباق، أو حتى طي الملابس؟ حين يداهمك هذا الشعور، فلن تستطيع إنجاز حتى أقل مهمة. ولذلك؛ إذا وجدت نفسك متعباً طوال اليوم ولا يمكنك القيام بأي شيء، فهذا قد يعني أن الاكتئاب عاد مرة أخرى.

ما أسباب الإصابة بالانتكاسة بعد التعافي؟

عادة ما تحدث انتكاسة الاكتئاب بسبب المحفزات، وعلى الرغم من أن تلك المحفزات تختلف من شخص إلى آخر، فإن هناك محفزات عامة يمكن أن تسبب عودة الاكتئاب مرة أخرى؛ مثل: 

  1. أحداث الحياة المجهدة مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو انتهاء علاقة مهمة.
  2. الإصابة بالأمراض المزمنة.
  3. التغيرات الهرمونية مثل انقطاع الطمث أو الحمل.
  4. تغير البنية العائلية مثل الطلاق أو الابتعاد عن المنزل.
  5. وقف العلاج قبل تمام التعافي .
  6. التفكير في التجارب الماضية والذكريات السيئة وصدمات الطفولة.
  7. الضغوط المالية والمهنية.

اقرأ أيضاً: استخدم هذه التقنية اليابانية للتغلب على القلق والاكتئاب

كيف تتعامل مع انتكاسة الاكتئاب؟

توضح الطبيبة النفسية كيمبر شيلتون (Kimber Shelton) إن الانتكاسة جزء من رحلة التعافي؛ ولهذا يجب ألا تشعر باليأس حين يداهمك الاكتئاب مرة أخرى. ولكن شيلتون تضيف قائلة إنه كلما زادت انتكاسات الاكتئاب أصبح من الصعب التعافي بالكامل؛ حيث تتراكم مشاعر اليأس والحزن. لهذا؛ عليك التعامل مع انتكاسة الاكتئاب مبكراً عبر الطرائق التالية: 

  • حدد محفزاتك وحاول تجنبها: إن التعرف إلى الأسباب التي تؤدي إلى اكتئابك يمكن أن يساعدك في محاولة تجنب الانتكاسات المستقبلية. ولذلك؛ يجب أن تكون على دراية جيدة بتلك المحفزات. على سبيل المثال؛ إذا كنت تشعر بأن هناك بعض العلاقات السامة في حياتك التي تسبب لك الإجهاد والحزن، حاول إنهاء تلك العلاقات أو ضع الحدود والتزم بها.
  • تتبع حالتك المزاجية باستمرار: إذا كنت قد عانيت الاكتئاب في الماضي، فمن المهم أن تكون على دراية بحالتك المزاجية باستمرار. على سبيل المثال؛ يمكنك إحضار ورقة مكونة من مربعات صغيرة تمتد مدة شهر وتسمح لك بتظليل المربعات التي تتوافق مع ما تشعر به كل يوم. قيّم حالتك المزاجية من 1 إلى 10 وأضف التفاصيل حول الأحداث المهمة التي تحدث معك.
  • التزم بخطة الدواء: إذا وُصف لك دواء مضاد للاكتئاب بوصفه جزءاً من خطة العلاج، فمن المهم جداً أن تلتزم بجدول الدواء. لا تتوقف فجأة عن تناوله، وإذا شعرت ببعض الأعراض الجانبية غير المرغوب فيها، تحدَّث إلى طبيبك لمناقشة التغييرات المحتملة التي يمكن إجراؤها؛ حيث إن إيقاف تناول الدواء فجأة يمكن أن يؤدي إلى حدوث انتكاسة؛ ولهذا اتبع نصيحة طبيبك قبل التوقف عن تناول أي دواء أو تغييره.
  • تواصل مع العائلة والأصدقاء: إذا شعرت بأنك تنزلق مجدداً نحو حافة الاكتئاب، فتواصل مع أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء لإخبارهم بما تشعر به. يمكن أن يجعلك الاكتئاب ترغب في تضييق علاقاتك الاجتماعية؛ ما قد يؤدي إلى تفاقم أعراض الاكتئاب. ولذلك؛ فإن العثور على شخص يمكنك الوثوق به سوف يُحدث فرقاً.
  • مارس الرعاية الذاتية: وذلك من خلال الاهتمام برعاية صحتك الجسدية والنفسية، وهناك عدد كبير من الأنشطة التي يمكنك القيام بها لممارسة الرعاية الذاتية؛ وذلك مثل:
  1. المشي في الهواء الطلق.
  2. الحصول على قسط كافٍ من النوم.
  3. ممارسة التمارين الرياضية واليوغا.
  4. تناول مكملات الفيتامينات مثل فيتامين د.
  5. حافظ على روتينك اليومي المعتاد مثل الاستحمام وتنظيف أسنانك.
  • طوّر عادة كتابة اليوميات: إذا كنت تواجه انتكاسة اكتئابية، فإن إحدى طرائق المساعدة على إدارة الأعراض هي تطوير عادة تدوين اليوميات التي تسمح لك بالتعبير عن مشاعرك، وتذكر أن الكتابة مفيدة جداً لصحتك النفسية، ففي الكثير من الأوقات، تكون وسيلة جيدة لالتقاط أنماط التفكير السلبية وإعادة صياغتها بنبرة أكثر واقعية. على سبيل المثال؛ إذا كتبت في يومياتك: "كل شيء فظيع وسأشعر دائماً بالسوء"، فتُمكنك إعادة صياغة هذه الفكرة وتذكر دائماً أن التعبير عن مشاعرك بالأبيض والأسود هو أحد أنواع التشوه الفكري.
  • لا تتردد في طلب العلاج النفسي: إذا كنت تعاني أعراض انتكاسة الاكتئاب، فمن أهم خطوات التعامل معها التواصل مع طبيبك النفسي. قد يكون من الضروري إعادة تناول الدواء، أو استئناف العلاج المعرفي السلوكي، أو وضع خطط لنظام علاجي جديد، وتذكر دائماً أن عودة الاكتئاب مرة أخرى أمر طبيعي تماماً؛ لذا لا عيب في طلب المساعدة مرة أخرى.

المحتوى محمي