ملخص: عندما يكون الطفل شخصية مثالية تميل إلى الكمال والحرص على إرضاء الآخرين فقد يشير ذلك إلى احتمال إصابته بمتلازمة الطالب المتميز. هذه المتلازمة التي قد تقود أحياناً إلى الاحتراق الوظيفي أو الأسري لها جذور نفسية في مرحلة الطفولة، ويتطلب التخلّص منها اتخاذ 3 خطوات أساسية. تعرّف في هذا المقال إلى كلّ ما يتعلق بمتلازمة الطالب المتميز وعلاجها.
قد تكون مصاباً بمتلازمة الطالب المتميز دون أن تدرك ذلك. إذا كنت تميل إلى الكمال الذي قد يسبب لك الإرهاق أحياناً وإذا كنت تخشى تخييب ظنون الآخرين وتسعى باستمرار إلى إرضائهم ولو على حساب رغباتك الشخصية وتعوّدت على اتّباع نظام صارم في حياتك فربّما تكون مصاباً بهذه المتلازمة. كيف يمكن التخلص إذاً من هذا العبء الذي قد يقودك أحياناً إلى الاحتراق الأسري أو الوظيفي؟
تعلّمْ كيف تتخلص من الضغط الاجتماعي
في الطفولة، تمثل متلازمة الطالب المتميز، التي قد تصيب الذكور والإناث، ميزة تدفع الطفل باستمرار إلى التفوق وإنجاز واجباته المدرسية بإتقان والحصول على درجات امتحانية عالية تمثل مصدر فخر لوالديه.
لكن من الصعب على الإنسان أن يكبر ويستمر في تحقيق النجاح الذي يرغب الآخرون في رؤيته، فيواجه بعض المراهقين أو الشبان عندما تتضح لهم رغباتهم الشخصية خيبة أمل أسرهم لا سيّما فيما يخص اختيار توجهّهم المهني. يحلم الوالدان على سبيل المثال أن يلتحق الابن بكلية الطب بينما يفضل هو دراسة الفنون الجميلة. ويقرّ الكثير من البالغين أنهم خضعوا إلى ضغوط الأسرة والمجتمع واتّبعوا المسار الذي رُسم لهم، فدخلوا بعض المجالات المهنية مكرهين ما سبب لهم الإحباط.
تؤدي متلازمة الطالب المتميز إلى عوائق عديدة في سن الرشد، حيث يخضع المرء إلى أي شخصية ذات سلطة ويسعى باستمرار إلى الكمال لكن على حساب تطوّره الشخصي. على سبيل المثال: العمل بجدّ للحصول على مكافأة اجتماعية تتمثل في رضا ربّ العمل هو مظهر من مظاهر هذه المتلازمة، لكنّ هذا السلوك يمنعه من التعبير عن طموحاته الشخصية مثل طلب الترقية أو الحصول على منصب ربّ العمل نفسه.
وفيما يخص الإناث، فقد تتحول متلازمة الطالبة المتميزة بسهولة في الحياة الشخصية والأسرية إلى متلازمة الأم المنهكة التي تسعى إلى الكمال في الظروف كلّها.
تشبه هذه المتلازمة أيضاً مشكلة "الأم الهادئة" التي لا تركض ولا تصرخ ولا تتأخر عن مواعيدها أبداً وفقاً للشخصية الخيالية التي جسدتها الفنانة الكوميدية الفرنسية فلورونس فوريستي (Florence Foresti) في أحد عروضها. لم تكن الطالبة المتميزة المطيعة طفلة مشاغبة في صغرها كما أنها أدركت مبكراً ضرورة بلوغ الكمال لتحقيق الرضا.
لا يرفض الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة تنفيذ ما يُطلب منهم أبداً ويمثل هذا القبول الدائم سمة من سمات شخصياتهم، كما أن أولئك الذين يعانون الاحتراق الوظيفي أو الأسري معنيون أيضاً بهذه المتلازمة لأنهم يسعون إلى أقصى درجات الكمال وينسون أخذ قسط من الراحة ورعاية أنفسهم وهذا ما يجعلهم يدفعون ثمناً باهظاً.
انتبه إلى ذاتك ولو خيّبت ظنون الآخرين
لماذا عليك أن تتحرّر إذاً من ضغط الرغبة في الكمال؟ لأن الكمال لا وجود له أصلاً أو لا معنى له على الأقل إلا في نظرة الآخر والمعاناة التي يسبّبها لك. إليك إذاً 3 خطوات تساعدك على التحرّر منه:
- تعلّم الامتنان الذاتي: عندما تسيطر متلازمة الطالب المتميز على حياتنا سنوات عدة فإننا نميل إلى الشعور بالمتعة فقط عندما نحصل على مكافأة اجتماعية ومن ثمّ نتعلق بنظرة الآخرين إلينا، التي قد تكون سلبية أو إيجابية، لذا من المهم بناء التقدير الذاتي وتعزيزه لتكون نظرتك إلى نفسك هي المعيار، الأمر الذي يتطلب تعزيز الرضا عن الذات والامتنان لها والتعاطف معها، عليك إذاً أن تتقبّل شخصيتك كما هي بعيوبها ومزاياها وحماقاتها أحياناً.
- تعلّم إثارة بعض الشغب: حرّر الفتاة الصغيرة الوديعة أو الولد الصغير الوديع الذي يشغل جانباً كبيراً من شخصيتك وتجرأ على تحقيق رغباتك وتحمّل مخاوفك وأعلن رفضك. ببساطة عليك أن تقول: لا.
- خذ استراحة ووقفة تأمل لتميّز بين ما تفعله بناءً على رغبتك الشخصية وبين ما تفعله اعتقاداً منك أنه يمثل توقعات الآخرين. ثم دلّل نفسك بممارسة بعض الأنشطة الإيجابية التي تسعدك.
ثق تماماً بأن إجراء بعض التعديلات البسيطة في تعاملك مع نفسك وتعزيز التواصل مع المقرّبين منك ومدرائك سيكون كافياً لتحقيق تقدم في حالتك. وهكذا ستعزز نظرتهم المختلفة إليك قدرتك على الحفاظ على هويتك.