ملخص: التواصل السلبي مع الأطفال دائرة من الممارسات السامة التي لها انعكاسات خطرة على تربيتهم وتنشئتهم، ويخطئ الآباء والأمهات عندما يستخدمون عبارات سامة تدمر شخصيات الأطفال وتقديرهم لذواتهم. يتضمن هذا المقال قائمة العبارات التي يتعين على الوالدين تجنّبها خلال التواصل مع طفلهما لحماية شخصيته، ويقترح بعض البدائل الممكنة.
هذه العبارات يتعين عليك تجنّبها كي لا تدمر تقدير طفلك لذاته، وإليك أسلوب التواصل اللطيف الذي يتعين عليك اعتماده في التحاور معه.
لا يوجد والدان مثاليان لكن هناك آباء وأمهات شجعان يحبون أبناءهم. نحن نتعلّم ممارسة الأبوة أو الأمومة مع أطفالنا وقد نتواصل معهم أحياناً بأسلوب سيئ أو قاسٍ. لا داعي للارتباك أو الشعور بالذنب بسبب ذلك، ولنحّلل العبارات التي يتعين علينا تجنّبها خلال الحديث مع أطفالنا.
"إذا لم ترتدِ ملابسك سأذهب دونك"
التهديد سلاح فتاك نوظّفه لدفع الأطفال إلى الاستجابة. من السهل أن نستخدمه في مواقف مألوفة مثل حثّهم على ارتداء الملابس عند الاستعداد للخروج على سبيل المثال. لكن يجب الحذر من بعض انحرافات هذه العبارة التي قد تولّد في خيال الطفل خوفاً من النبذ أو التخلّي عنه. عبارتان مثل: "إذا لم تستجب فسأذهب دونك" أو "إذا واصلت فعلك هذا فسأتوقف عن حبّك" تُعدّان جملتين سامتين. سيتلقّى الطفل هاتين العبارتين باعتبارهما موقفين خطرين وسيستبطن في نفسه خوفاً من النبذ وفقدان الحبّ على نحو قد يكون صادماً بالنسبة إليه أكثر ممّا نتصور.
البديل الأفضل: اشرح الموقف لطفلك كأن تقول له مثلاً: "من الأفضل أن ترتدي ملابسك الآن وإلا سنصل متأخرين كثيراً عن موعد الغداء، وسنُحرج أصدقاءنا بسبب ذلك ولن تجد وقتاً كافياً للعب".
"لا بأس، توقف عن البكاء"
الزلّة الثانية التي ينبغي لك تجنّبها هي العبارة الشهيرة: "لا بأس" والجملة الشهيرة التي ترافقها أحياناً: "توقف عن ادعاءاتك". لا تقلّل من أهمية عواطف ابنك لأنه يعيش مرحلة اختبارها. عندما تقول له على سبيل المثال: "يجب ألّا تبكي بسبب هذا الأمر أو ذاك" فأنت توحي له بأن هناك أسباباً للبكاء محددة مسبقاً ومواقف أخرى يُمنع البكاء فيها، وهذا أمر يضر كثيراً بفهمه لعواطفه.
يجب عليه أن يفهم أن من حقه أن يبكي ويحزن ويخاف. عندما يسقط ابنك على الأرض مثلاً ويؤذي نفسه ويبكي في الوقت نفسه بسبب الخوف أكثر من بكائه بسبب الألم، فمن غير المجدي أن تقول له: "لا بأس"، لأنه سيدرك ذلك بنفسه بسرعة. ما يحتاج إليه ابنك في هذه اللحظة هو التعاطف الذي ستعبّر عنه إذا حاورته وسألته قائلاً على سبيل المثال: بِمَ تشعر؟ ما مصدر ألمك؟ شعرتَ بالخوف، أفهم ذلك. دعني أرى إن كان معصمك بخير".
لا تنس أن دورك هو طمأنته باستمرار وفقاً للمبدأ الذي يسميه الخبراء "شخصية الارتباط". فأنت في نظره الشخص المرجعي الذي يلجأ إليه كي يشعر بالأمان والارتباط. بعبارة أخرى: أنت تمثل الشخص المفضّل بالنسبة إليه للحصول على الدعم العاطفي والمواساة.
البديل الأفضل: ساعده على التعبير عن عواطفه. إذا فعلت ذلك ستعِينه على تخفيف معاناته من خلال تعليمه تقبّل عواطفه بدلاً من إنكارها، لأنه في حاجة إلى الشعور بالأمان العاطفي كي يعيد بناء الذات وإثباتها بهدوء.
"لقد أتعبتني، أشعر بالغضب بسببك"
من الصعب أحياناً الحفاظ على الهدوء خلال التعامل مع كائن صغير لا يُحتمل. لذا؛ قد يدفعنا الغضب أحياناً إلى استخدام أيّ نوع من الردود بما فيها العبارات المؤذية من قبيل: "لقد أتعبتني، أشعر بالغضب بسببك" أو "هل رأيت كيف جعلتني تعيساً؟" أو "أنا أبكي بسببك".
إنها عبارات قد تصدر عنك في لحظة غضب لأنك تريد تحسيس طفلك أنه تجاوز الحدود وكان عليه أن يتوقف عمّا يفعله قبل أن تنهار، وهذا أمر طبيعي. لكنّها عبارات تُولد لديه شعوراً بالغاً بالذنب؛ ومن ثمّ فإن ذلك الوعي الذي ترغب في تشكّله لدى طفلك لن يحدث حيث تريده وستولّد لديه في المقابل قلقاً من الشعور بالذنب، وهذا يقود أيضاً إلى مواقف تُعكس فيها الأدوار.
البديل الأفضل: انعزل قليلاً حتّى تتخلّص من غضبك وإذا لم تستطع فتوقف عن الكلام. هذا الصمت المقصود يمكن أن يهدئ الطفل بسرعة.
"هذا دأبك دائماً"
الطفل الذي يسمع من والديه باستمرار أنه لا تمكن السيطرة عليه ينتهي به الأمر إلى تصديق ذلك؛ مثل الطفل الذي يُقال له باستمرار إنه لطيف فينتهي به الأمر أيضاً إلى تصديق ذلك. الطفل يكون في أوج بناء شخصيته وأنت (أو أنتِ)، بصفتك أحد الوالدين، أهم عنصر في بنائها، فالنظرة التي تحملها عنه مهمة بالنسبة إليه؛ لكنّنا نميل عادة، باعتبارنا آباء، إلى التركيز على ما هو سلبيّ وتكرار ذكر أخطاء أبنائنا وعيوبهم مئات المرات بينما نتجاهل محاسنهم. وعندما نصرّ أيضاً على التعبير عن استيائنا لطفل يتخذ أصلاً موقفاً مزعجاً، فغالباً ما نُفاقم سلوكه.
البديل الأفضل: تراجع وجرّب موقفاً معاكساً: عبّر عن سعادتك الغامرة بأقلّ سلوك إيجابي يصدر عن طفلك حتّى إن كان تافهاً وتجاهلْ سلوكه المزعج.
عليك في النهاية أن تنتبه إلى أحاسيسك، فإذا شعرت مثلاً بعواطف سلبية تجاه طفلك فتوقف لحظة وناقش الأمر مع شريك حياتك أو طبيب نفسي.