كيف تنفصل عن شريكك بلطف؟

5 دقائق
الانفصال عن الشريك بلطف
shutterstock.com/fizkes

بصرف النظر عن مدى صحة القرار الذي تتخذه بالانفصال عن الشريك، فإن إبلاغه بهذا القرار ليس بالمهمة السهلة. ليس من السهل أن تبلغه أنك لم تعد تحبه وأن تتركه يعاني، ولا يوجد "وصفة سحرية" من أجل الانفصال عن الشريك بلطف ولكن عالمة النفس ومؤلفة كتاب "الفراق في الحب" ( La rupture amoureuse) ليزا ليتيسيير، تجيبنا عن بعض الأسئلة التي قد تخفف على الآخر وطأة قرار الانفصال.

تقول هناء: "أخبرت حبيبي السابق أنني أريد الانفصال عنه... دون أن أعلم". تناولنا العشاء مع أختي التي كانت قد أنجبت للتو ووضعت جهاز مراقبة الأطفال في غرفة مولودتها، وعندما ذهب كلانا لرؤيتها، قلت لأختي: "لم أعد أحبه بعد الآن، أود الانفصال، وسمع حبيبي السابق كل ما قلته عبر جهاز مراقبة الأطفال". قد تكون حكاية هناء مناسبةً لإحدى سيناريوهات الأفلام الكوميدية التي تدعو للابتسام؛ لكنها بالتأكيد لم تكن كذلك بالنسبة لحبيبها السابق؛ إذ لابد أن الصدمة كانت عنيفةً بالنسبة له.

من المؤكد أن إبلاغ شريكك بأن "الأمر انتهى"، وأنك لم تعد تحبه، ليس بالأمر السهل أبداً. إذاً كيف يمكن لك أن تنفصل عنه دون إفساد كل شيء، وتخفف معاناته إلى أدنى حدودها؟ يقول أحمد: "يمكن تشبيه العلاقة بالخيط المرن الذي سيؤدي إفلاته من أحد الأطراف بالضرورة إلى لسع يد الطرف الآخر".

إذاً هل "الانفصال عن الشريك بلطف" وهم أم ممكن بالفعل؟ تقول عالمة النفس ليزا ليتيسيير: "ستكون صدمة الآخر بسبب هذه اللحظة التي يرفض تخيلها وقبولها عنيفةً بالتأكيد؛ لكن بعض النصائح قد تجعل من الممكن الانفصال عن الشريك بلطف وبشكل صحيح".

نصائح تجعل من الممكن الانفصال عن الشريك بلطف

تخلص من شعورك بالذنب وأبلغه قرارك بالانفصال وجهاً لوجه

مع وجود شبكات التواصل الاجتماعي والتقنيات الجديدة، تتم العديد من حالات الانفصال بنقرة واحدة. تقول ليزا ليتيسيير: "إن الانفصال عن الآخر عن طريق إرسال رسالة نصية إليه أو تجاهله، عادةً ما يكون بسبب نقص الشجاعة اللازمة لمواجهة الشعور بالذنب وتحمل مشاعر الآخر". القاعدة الأولى لترك الشخص بلطف: "تحمل المسؤولية وأبلغه قرارك وجهاً لوجه"، فحتى لو بدا خيار الانفصال واضحاً وضرورياً ولا مفر منه، فإن طي صفحة العلاقة يتطلب شجاعةً، ورغم أن مشاعر الحب تجاه الآخر قد تكون انتهت؛ إلا أنه يمكن للمودة أن تبقى.

يقول محمد: "لقد كان هذا القرار صعباً جداً بالنسبة لي، لقد أحببت زوجتي السابقة حقاً؛ لكنني لم أشعر بإثارة حب ناشئ ودائم. لقد بكت كثيراً، وشعرت بالحزن بسبب الضرر الذي ألحقته بها، ولأنني لم أتمكن من الشعور بمزيد من الحب تجاهها". بالنسبة لمن يرحل؛ يكون الشعور بالذنب أكبر إذا علم أن الآخر لا يتوقع هذا القرار على الإطلاق.

تقول عالمة النفس: "إنه شعور غير سار للغاية، يجعلنا نتساءل عن تصورنا لذاتنا، التصور الذي سيتدهور بعد هذا الموقف. سيتعين علينا أن نتحمل هذه المشاعر وأن نقبل أننا لسنا كاملين، ورغم أننا لم نقصد إيذاء الآخر؛ إلا أن ألم الانفصال لا مفر منه".

تقول إسراء التي تركت شريكها بعد عامين على علاقتهما: "أقول لنفسي أحياناً أنه من الأفضل أن أكون الطرف الذي يتعرض للترك وليس العكس؛ إذ إن الشعور بالذنب يبقى ملازماً. لقد رأيت الألم الذي سببته له، كان حزيناً جداً. حاولت تهيئته قبل فترة من الانفصال بالإشارة إلى أن العلاقة لا تسير على ما يرام؛ لكن كان علي في النهاية أن أكون صريحةً معه وأقول له أنني لم أعد أشعر بأي شيء تجاهه، وحاولت أن أفعل ذلك بلطف".

اشرح أسباب الانفصال

كم عدد الذين عادوا إلى المنزل ذات يوم ووجدوا زوجاتهم يحزمن حقائبهن قبل أن يغلقن الباب ويرحلن؟ أو حتى عادوا ووجدوا البيت فارغاً؟ كم عدد الذين تُركوا دون كلمة، دون تفسير؟ يقول بلال: "لا يوجد انفصال جيد على الإطلاق؛ ولكن الأسوأ هو الرحيل دون قول أي شيء. من الأفضل دائماً قول الأسباب بأمانة قدر الإمكان، فالاحترام يأتي من هنا".

تؤكد ليزا ليتيسيير: "كلما تم شرح أسباب الانفصال، كان من الأسهل على الآخر المضي قدماً". يقول بعض الناس لأنفسهم- على سبيل المثال- إنه من الأفضل تجنب الاعتراف بأنهم التقوا بشخص ما، لأن ذلك سيؤذي الآخر كثيراً؛ لكن ما يؤلم أكثر هو عدم الفهم، والوقوع في شرك الاستجواب المستمر. وضح لشريكك لماذا لم تعد سعيداً ومكتفياً بالعلاقة بناءً على حقائق ملموسة، وقل الحقيقة دون الخوض بالضرورة في الكثير من التفاصيل- خاصةً في حالة وجود علاقة جديدة- تكلم وكأنك تحدث نفسك واستحضر ما تشعر به، دون اتهام الآخر، وتجنب اللوم… هنالك العديد من الطرق لإنهاء العلاقة، مع احترام الحب الذي مضى.

اقرأ أيضا:

هل أنتظر اللحظة المناسبة لإبلاغ الشريك بقرار الانفصال؟

متى نقول للآخر أننا نريد تركه؟ قد يفكر البعض: "سأخبره بعد الأعياد، أو بعد عيد ميلاده أو عيد ميلاد الأطفال". يؤجل كثيرون هذه اللحظة المصيرية. توضح ليزا ليتيسيير: "نجد دائماً عذراً للقول إن هذا ليس الوقت المناسب أبداً". من الخطأ التفكير بهذه الطريقة، فليس هنالك وقت مناسب أو غير مناسب عند اتخاذ القرار بالانفصال. من ناحية أخرى، فإن التسويف في قرار الانفصال يمكن أن يسبب العديد من المشاكل. "من المجازفة الاستمرار بعلاقة غير صحية تسبب لك الشعور بالتعاسة؛ إذ قد ينتهي بك الأمر إلى خيانة الشريك، ناهيك عن مشاعر الغضب الناجمة عن استمرار هذه العلاقة وعدم امتلاك الشجاعة لإنهائها".

تقول كندا التي انتظرت لسنوات قبل أن تترك زوجها: "ذات يوم، أخبرته ببساطة أنني لم أعد أحبه بعد الآن، وأنني أريد الرحيل؛ لكنه لم يتقبّل الأمر، وعرض عليّ بعد ذلك تنفيذ المشاريع التي حلمت بها منذ سنوات؛ والتي لطالما رفضها، توسل إلي، ثم بدأ يهددني، وتبع ذلك معركة طلاق عنيفة استمرت لعامين".

وقد نقوم بتأجيل قرار الانفصال لفترة طويلة عندما نرى الآخر ضعيفاً أو مريضاً أو مكتئباً أو عاطلاً عن العمل؛ إذ قد يكون لهذا الانفصال تأثير مدمر في حياته. وتعلّق الأخصائية النفسية: "في هذه الحالة؛ لا توجد إجابة واضحة". الأمر متروك لكل شخص لتقييم إلى أي مدى يمكن أن يكون مستعداً لتحمل البقاء؛ وبالتالي بمعنى ما للتضحية بنفسه، وإلى أي مدى يمكن للآخر أن يتحمل هذا الفراق في مرحلة ما من حياته المليئة بالمعاناة أصلاً".

كيف تختار المكان المناسب لإبلاغ شريكك قرارك بتركه؟

إن سؤال "متى أقول ذلك؟"، يضيف سؤال "أين أقول ذلك؟ هل أخبره بقرار الانفصال في حديقة، أو في مطعم، أو ربما مقهى، أو في المنزل...؟". تنصح ليزا ليتيسيير بأنه من الأفضل أن يكون المكان محايداً، فالمنزل مكان مشحون عاطفياً، كما أنها ستكون ذكرى سيئة لك في حال بقيت في هذا المنزل. يمكن الجلوس في مقهى هادئ حيث يمكنكما التحدث والاستماع إلى بعضكما البعض، كما يوفر المكان العام قليلاً من الحياد؛ ولكن المكان العام أيضاً له عيوب. "قد تشكل ردود أفعال الآخر عدم راحة لنا؛ إذ إن الكثيرين قد ينهمرون بالبكاء في مثل هذه المواقف، وعليك التفكير في المساحة التي يوفرها المكان العام للشخص الذي يتعرض للترك للتعبير عن مشاعره، فإذا كان ذلك معقداً بالنسبة له؛ من الأفضل اختيار مكان أكثر حميميةً".

واجه رد فعل الآخر

هل سينفجر أو تنفجر بالبكاء؟ هل سيبقى صامتاً؟ هل سينزعج؟ يخشى الكثيرون من ردة فعل الشريك خلال هذا الموقف. توضح ليزا ليتيسيير: "الشيء المهم هو أن يكون لديك تعاطف تجاه الآخر"، فإذا كان غاضباً؛ قل له على سبيل المثال: "أنا أفهم غضبك؛ لكني لا أستطيع أن أجبر نفسي على البقاء"، أما إذا كان حزيناً فقل له: "لم أرغب في إيذائك؛ ولكني أفضل أن أكون صادقاً معك"، أما إذا لم يقل أي شيء فقل له: "أفهم ذلك في الوقت الحالي، فأنت لا تريد التحدث؛ ولكن إذا غيرت رأيك، سأظل تحت تصرفك". ويتمثل التحدي هنا في تهدئة رد الفعل العاطفي لدى الآخر. "إذا لم يشعر أن رد فعله هذا مفهوم ومقبول، فسوف يشتد أكثر". وماذا نفعل عندما نرى الآخر يحاول إقناعنا بالعدول عن قرارنا بشتى الوسائل؟ "عليك أن تظل حازماً للغاية: قل إنك كنت تفكر منذ مدة طويلة، وأنك اتخذت قرارك ولن تتراجع عنه".

كن واضحاً ولا تدع مجالاً لآمال وهمية

تقول ليزا ليتيسيير: "من المهم أن تكون واضحاً قدر الإمكان عند الانفصال عن شخص ما، وإلا فإنك تبقي الأمل لديه بعودة العلاقة، وتمنعه من أن يبدأ حزنه ويقلب الصفحة. قد يصعب في بعض الأحيان تحمل معاناة الشخص الآخر؛ إلا أنه لا يمكن للمرء أن يكون جلاداً ومنقذاً في نفس الوقت؛ لا يمكنك أن تكون الشخص الذي يتسبب بالألم والراحة في نفس الوقت". ومع ذلك؛ لا ضير من اقتراح أنك ستظل متاحاً لفترة لتمنح الآخر الوقت الكافي لطرح جميع أسئلته.

تقول إيناس: "لقد وعدت زوجي السابق بأن نظل صديقين، وهذا ما كان الحال عليه بالفعل". وتتابع: "لقد أوفيت له بوعدي، وكنت دائماً موجودة بجانبه، ويمكن القول أن طلاقنا؛ الذي جاء حفاظاً على سعادة أطفالنا، كان طلاقاً ناجحاً بعد 14 عاماً من العيش معاً".

المحتوى محمي