ملخص: يعاني الكثيرون نوبات الهلع؛ حيث يشعرون فجأة بالخوف وضيق التنفس وصعوبة السيطرة على الموقف، وعادة ما تحدث نوبة الهلع على نحو غير متوقَّع، فإذا حدث ذات مرة وداهمتك في أثناء العمل، يمكنك التعامل معها بالطرائق المذكورة في هذا المقال.
محتويات المقال
إذا كنت في عملك وشعرت فجأة بإحساس عميق بالفزع وخفقان في القلب مع ارتجاف يديك وعدم قدرتك على التنفس، فغالباً سيغمرك الإحساس الشديد بالخوف حينها وتعتقد أنك أُصبت بنوبة قلبية وأوشكت على الموت؛ لكن الحقيقة أنك تعاني من نوبة هلع. وفي حين أن نوبة الهلع قد تبدو مخيفة للغاية إلا أنها ليست خطِرة، وهناك العديد من الطرائق للتعامل معها إذا داهمَتك في أوقات العمل، وفي هذا المقال سنتعرف إلى أهمها.
ما هي نوبة الهلع؟
تعرّف الجمعية الأميركية لعلم النفس (The American Psychological Association) نوبة الهلع بأنها شعور مفاجئ بالخوف الشديد الذي يأتي دون سابق إنذار ودون أي سبب واضح، وتتسم بأنها أكثر حدة بكثير من مجرد الشعور بالتوتر، وغالباً ما تنجم نوبة الهلع عن المرور بالمواقف العصيبة. وعلى الرغم من أن نوبات الهلع لن تتسبب في موتك، فإن شدة تكرارها يمكن أن تكون ذات تأثير كبير في نوعية حياتك.
وتصيب نوبات الهلع واحداً من بين كل 75 شخصاً، وعادة ما تظهر خلال فترة المراهقة أو بداية البلوغ. وعلى الرغم من أن الأسباب الدقيقة للإصابة بنوبات الهلع غير واضحة، فإنها قد تأتي تزامناً مع التحولات الرئيسة في الحياة مثل التخرج في الجامعة أو الزواج أو إنجاب الطفل الأول وما إلى ذلك. وقد تأتي نوبة الهلع أحياناً بسبب العوامل الوراثية، فإذا كان أحد أفراد أسرتك يعاني اضطراب الهلع فأنت معرض لخطر متزايد للإصابة بنوبات الهلع.
ما أعراض نوبة الهلع؟
تؤكد الطبيبة النفسية جميلة الزاكي إن هناك أعراضاً كثيرة تصاحب نوبة الهلع؛ وأهمها:
- تسارع معدل ضربات القلب.
- الشعور بضيق التنفس.
- الدوخة.
- الإحساس بالغثيان.
- التعرق والارتجاف.
- التنميل في أصابع اليدين والقدمين.
- الهبات الساخنة.
- الخوف من الموت المفاجئ.
- فقدان الوعي وعدم شعور الشخص بمحيطه.
اقرأ أيضاً: ما نوبات الهلع عند النوم؟ وكيف تتجاوزها بهدوء؟
أهم أسباب الإصابة بنوبة الهلع في العمل
تؤكد الجمعية الأميركية لعلم النفس إن سبب إصابة بعض الأشخاص بنوبات الهلع غير معروف على وجه التحديد؛ لكن أحياناً يلعب الدماغ والجهاز العصبي دوراً رئيساً في كيفية إدراك الخوف والقلق ومعالجتهما. ويعتقد بعض الباحثين أن الخلل الوظيفي في اللوزة الدماغية المسؤولة عن معالجة الخوف والعواطف الأخرى قد يكون السبب الجذري لهذه الحالات، وأيضاً أن الاختلالات الكيميائية في كل من هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) والسيروتونين (هرمون السعادة) قد تلعب دوراً محورياً في الإصابة بنوبات الهلع.
وهناك بعض المحفزات في العمل التي قد تؤدي إلى الإصابة بنوبة الهلع؛ مثل التحدث أمام الجمهور أو حضور اجتماع مهم أو حدوث خلاف مع المدير أو أحد الزملاء، وأحياناً تحدث نوبة الهلع بسبب الانتقال إلى مشروع كبير أو حضور اجتماع مع عميل مهم. وعادةً ما تبدأ أعراض نوبة الهلع في غضون 10 دقائق ثم تختفي بعد فترة وجيزة، وفي أغلب الحالات تستمر نوبات الهلع من 5 دقائق إلى 20 دقيقة.
ماذا تفعل عندما تُصاب بنوبة هلع في العمل؟
- أخبِر رئيسك في العمل إنك لست على ما يُرام: أخبِر رئيسك فور شعورك ببداية أعراض نوبة الهلع إنك لست على ما يُرام، وإنك بحاجة إلى الابتعاد قليلاً، وخذ 15 دقيقة على الأقل قبل العودة إلى مكتبك، واشرب كوباً من شاي الأعشاب.
- ابحث عن مكان خاص وهادئ: حين تشعر بأنك تمر بنوبة هلع، ابحث عن مكان هادئ وخاص حتى تمر الأعراض بسلام، وإذا كنت في اجتماع أو موقف شديد الضغط، حاول أن تسحب نفسك بهدوء، وبعد ذلك أرسِل رسالة نصية إلى زميلك في العمل تخبره فيها إنك لست على ما يُرام وستعود فور شعورك بالتحسن.
- تنفَّس بعمق وببطء: من أجل التحكم في أنفاسك، أغلِق عينَيك وركز على أخذ أنفاس عميقة وبطيئة من خلال فمك. خُذ شهيقاً وعد حتى 4 واحتفظ به لمدة ثانية ثم ازفر مع العد حتى 4، هذه التقنية ستؤدي إلى إبطاء معدل ضربات القلب وستمنحك شعوراً بأن الأمور تحت السيطرة وستقلل خوفك.
- تخيَّل مكاناً هادئاً وسعيداً: في أثناء الشعور بنوبة الهلع، فكر في مكان مريح بالنسبة إليك؛ شاطئ مفضل أو بحيرة أو نزهة في مكان بعيد. تخيل نفسك هناك وركز على أكبر قدر ممكن من التفاصيل في نمط أقرب إلى تمارين اليقظة، فيمكنك التركيز مثلاً على رائحة الأزهار وشكل أشعة الشمس وهي تتدفق عبر الأشجار أو ينعكس نورها على البحيرة، أو ربما تفكر في إحساسك ورمال الشاطئ تتخلل أصابع قدميك.
- الحصول على الدعم: ربما لا تود أن يعلم أحد في العمل بنوبات الهلع التي تصيبك؛ لكن إذا كان الأمر متكرراً يمكنك أن تطلب الدعم من زملائك، وبخاصة أن ذلك الدعم سوف يساعدك على تخفيف الضغط الذي تشعر به. اطلب من أحد زملائك بهدوء أن يخرج معك للتمشية قليلاً، وبعد أن تنتهي الأعراض طمئنه أن ذلك لن يؤثر في العمل.
- تحدَّث إلى الطبيب المختص: إذا تكررت نوبات الهلع في العمل واحتجت إلى دعم إضافي، قد يكون من المفيد التحدث إلى طبيبك النفسي حول اختيارات العلاج المتاحة، واتباع نصائحه وتوصياته.
اقرأ أيضاً: لا تطلب منه أن يهدأ: 4 عبارات تجنب قولها لما يعاني نوبة هلع
كيف تتجنَّب التعرض لنوبة هلع في العمل؟
في البداية، يجب اتباع عادات وتغييرات صحية خارج العمل لأن ذلك سوف يؤدي إلى إحداث آثار إيجابية طويلة المدى من خلال مهاراتك الاستباقية، وقدرتك على تطوير مهارات التأقلم الوقائي التي ستقلل بدورها احتمالية تعرضك لنوبات الهلع، وفيما يلي بعض الطرائق التي يمكنك من خلالها تجنُّب التعرض لنوبات الهلع في العمل:
- تعرَّف إلى محفزاتك: إذا كنت تعرف المحفزات التي تزيد تعرضك لنوبة الهلع في العمل، فحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان. على سبيل المثال؛ إذا كنت تتعرض لنوبة الهلع جرّاء ضغط العمل، حاول أن تبتعد عن هذا الضغط ورتب أمورك أولاً بأول.
- حافِظ على نشاطك البدني: هناك العديد من الفوائد الصحية والعقلية للتمرينات الرياضية؛ حيث إنها تساعدك على إطلاق هرمون الإندورفين الذي يمكن أن يجعلك تشعر بالهدوء والاسترخاء ما يقلل تعرُّضك لنوبات الهلع.
- لا ترهِق نفسك في العمل: إن قول "نعم" على نحو دائم في العمل يمكن أن يعرّضك لخطر القلق والتوتر؛ لذلك لا توافق على تحمُّل مسؤوليات جديدة في العمل إلا في حالات استثنائية.
- خصّص وقتاً لنفسك: غالباً ما تجعلك المسؤوليات المتراكمة وكثرة الأشخاص من حولك تشعر بالإرهاق والتوتر؛ لهذا من المفيد أن تخصص وقتاً لنفسك تمارس فيه هواية أو تستمع إلى بعض الموسيقا.
في النهاية، على الرغم من أن نوبات الهلع يمكن أن تكون مزعجة فإن إصابتك بها في العمل قد تضع عليك عبئاً إضافياً لأنك ستظل تفكر في الآثار المترتبة على رؤية زملائك في العمل للأعراض التي تنتابك؛ لذا لا تشعر أبداً بالخجل وتذكر أن مشاعر الخوف والقلق والهلع يمكن أن تحدث لنا جميعاً في أي وقت، والمهم أن تضع في اعتبارك استشارة الطبيب المتخصص وتبدأ في تطوير مهارات التأقلم والاسترخاء.