ملخص: ليست الحساسية اضطراباً نفسياً بل سمة من سمات الشخصية تتفاوت من شخص لآخر، وحينما تزداد شدتها نكون أمام حالة الحساسية المفرطة، وكل ما يريده منا الشخص الحساس هو أن نفهمه ونقدر احتياجاته ومشاعره من خلال تجنب بعض السلوكات عند التعامل معه، وفيما يلي 5 من أهمها.
قد تبدو ردود أفعال الشخص المفرط الحساسية مبالغاً فيها بالنسبة إلينا، وعلى الرغم من ذلك فإن الحساسية المفرطة سمة من سمات الشخصية وليست اضطراباً نفسياً، وكل ما يريده الشخص الحساس هو أن يفهمه من حوله ويقدروا مشاعره واحتياجاته، وفي سبيل ذلك هناك 5 أمور ينبغي تجنُّبها عند التعامل معه.
5 سلوكات عليك تجنُّبها عند التعامل مع الشخص ذي الحساسية المفرطة
1. إطلاق الأحكام المتسرعة بحق الشخص ذي الحساسية المفرطة
تقول مختصة علم النفس الإكلينيكي، ناتالي كلوبير (Nathalie Clobert): "حينما لا نعي طبيعة حالة الحساسية المفرطة كما يجب، فإننا قد نتسرع بالحكم عليها ونطلق على الشخص المفرط الحساسية صفات اختزالية؛ ما يزيد شعوره بالتناقض مع من حوله".
ومثال ذلك عندما نقول لمفرط الحساسية إنه يضخم الأمور، أو حتى نفترض أنه يعاني اضطراب ثنائي القطب. وتؤكد كلوبير إن الحساسية ليست اضطراباً نفسياً بل سمة من سمات الشخصية الموجودة لدى الجميع؛ لكن شدتها تتفاوت من شخص لآخر، وحينما تزداد نكون أمام حالة الحساسية المفرطة.
2. عدم التصرف معه بصدق وعفوية
حينما تكون مع شخص مفرط الحساسية فإنك قد تتخلى عن عفويتك وصدقك وتحسب ألف حساب لكلماتك؛ لكن المختصة النفسية تؤكد إن هذا السلوك غير صحيح، فالبالغون مفرطو الحساسية يعرفون أنهم كذلك، وبسبب تاريخهم الطويل مع هذه المسألة فإنه باتوا يعرفون أيضاً كيف يتعاملون معها ويحمون أنفسهم منها.
ومن جهة أخرى، سينتبه الشخص ذو الحساسية المفرطة على الفور حينما تتحفظ أمامه أو ترتبك. من الطبيعي أن تشعر بالغضب أو الحرج فأنت بشر؛ لذلك كُن على طبيعتك مع الشخص المفرط لحساسية واعتذر إليه حينما تخطئ في حقه، ولا حاجة إلى الإسهاب في توضيح حسن نواياك وراء تصرفك معه فهو قادر على معرفة ذلك سلفاً.
ناتالي كلوبير
مختصة علم النفس الإكلينيكي والعلاج بالتنويم المغناطيسي ومدربة، تستقبل الأشخاص ذوي الإمكانات الفكرية العالية والحساسية المفرطة يومياً. وهي مؤلفة كتاب "دليلي حول الحساسية المفرطة" (Ma bible de l'hypersensibilité)، وهو بحث شامل يقدم مفاتيح لفهم مسألة الحساسية المفرطة فهماً أفضل وتحويلها من نقطة ضعف إلى نقطة قوة تساعد صاحبها على تطوير ذاته وعلاقاته بالآخرين.
3. غياب التواصل بينك وبينه
كلما كانت العلاقة أكثر حميمية، زادت توقعات الشخص المفرط الحساسية منها. وتقول المختصة: "في الحياة العاطفية، يتسم الشخص المفرط الحساسية بأنه شريك متطلب، ولأنه يتمتع بطبيعة تعاطفية في الوقت ذاته فإنه يولي اهتماماً كبيراً للعلاقة والآخر ويستشف أدنى حاجاته". ولذلك؛ فإن الشخص المفرط الحساسية يتوقع من شريكه التعامل معه بالطريقة ذاتها، وحينما لا يحدث ذلك، تنشأ لديه حالة من التناقض تتجلى في:
- سوء الفهم.
- الخلافات.
- الجفاء بين الطرفين.
لذا إذا كان شريكك حساساً جداً فإن عليك أن تتواصل معه بشفافية لإزالة سوء الفهم بينكما؛ اسأله مثلاً: "هل يمكنك أن تشرح لي سبب غضبك"؟ يتمحور الأمر حول فهم مشاعر الشخص الحساس والاستماع إليه لخلق جو من الثقة والتواصل المشترك.
4. عدم مراعاة مشاعر الشخص ذي الحساسية المفرطة
قد يبدو لك الشخص المفرط الحساسية مصاباً بجنون العظمة أو أنه يحاول إعادة تفسير كل ما حوله من وجهة نظره؛ لكن المختصة النفسية تقول: "على عكس الاعتقاد الشائع، لا يرى الشخص ذو الحساسية المفرطة أن مشاعره هي حقائق لا جدال فيها، وليس انحياز التفسير لديه أعلى من الآخرين ما لم يكن يعاني القلق أو الاكتئاب".
تسمح الحساسية المفرطة لصاحبها بـ:
- تحديد عاطفة الآخر من خلال نبرة كلامه.
- تحديد التناقض (ولو كان صغيراً) بين القول والسلوك.
- الانتباه إلى جملة كبيرة من الإشارات في العلاقة.
يتمتع الشخص الحساس برؤية ثاقبة للعلاقات الإنسانية، وهو ما لا يقدر عليه الآخرون؛ لذا حينما يشعر صديقك الشديد الحساسية بوجود مشكلة في علاقة من علاقاتك، لا تحاول أن تُظهر له بأي ثمن أنه يتوهم بل ابحث عن المشكلة في هذه العلاقة التي دفعته إلى هذا الاستنتاج.
5. عدم احترام احتياجاته
تقول ناتالي كلوبير: "يستهلك الشخص المفرط الحساسية عموماً الكثير من طاقته للتكيف مع العالم من حوله والتوافق مع الآخرين". قد يتجاوز الشخص الحساس قدرته على التحمل لإرضاء الآخرين ويصعب عليه رفض طلباتهم، وهو يعرّض نفسه بذلك إلى ضغط حسي وعاطفي زائد.
لذلك؛ من الضروري أن نحرص على عدم المبالغة في طلباتنا منه، وأن نستمع إليه ليشعر بالثقة اللازمة للتعبير عن حدوده بأريحية. احترم حساسية صديقك الذي قال لك إنه لا يستطيع الذهاب إلى الحفلة معك ولا تشعرْ بالإهانة، فلا شك في أنه يفتقر إلى الطاقة اللازمة لذلك، وكذلك لا تصر على أن يشاهد العرض الذي يتحدث عنه الجميع إذا كان يحتوي على مشاهد عنيفة أو درامية.
ختاماً، قد يكون من الأسهل عليك ترك الشخص الحساس أو الصعب المراس أو المتقلب المزاج وشأنه بدلاً من محاولة فهمه؛ لكن ناتالي كلوبير تقول: "حينما تهمل الشخص ذا الحساسية المفرطة بدلاً من محاولة فهمه وفهم حالته، فإنك تُظهر له صورة سلبية عن نفسه".
للأسف، ينظر مجتمعنا اليوم إلى الحساسية المفرطة بوصفها عيباً مزعجاً وغير مقبول؛ لكن بدلاً من تسليط الضوء على "عيوب" مَن تحب، ساعده على تعزيز نقاط قوته واخلق رفقته لحظات إيجابية، فهذا من شأنه أن يقوي الرابطة بينك وبينه ويساعدك على معرفة ذاتك أكثر ويطور مهاراتك في العلاقات. أما إذا كنت تفضل العلاقات السهلة والسطحية التي لا حاجة فيها إلى بذل الجهد، فاطرق باباً آخر!