مَن منّا لا يشكو من صداع في الرأس أو آلام في الظهر أو في البطن؟ وماذا لو كان الألم شعوراً هشّاً و ضعيفاً؟ ماذا لو كان بإمكاننا أن نربط بيننا وبينه علاقة أفضل؟ إنها فكرة مغرية للغاية لا يمكن مقاومة تجربتها. ولذلك ذهبت الصحفية أوغوغ إمْليه لاكتشاف طريقة "آوغا" (Aora).
في أروقة غرفة التحرير، تروَّج بعض الأنباء التي تفيد أن هناك طريقةً بسيطةً للغاية للتغلب على الألم. ما اسمها؟ إنها طريقة "آوغا". تبدو الكلمة وكأنها مصادفة طيبة (فاسمي أوغوغ قريب منها نطقاً)، لذلك اتخذت قراري، سأجرّب هذه الطريقة؛ لكن أولاً، ماذا تعني كلمة "آوغا"؟ على الغلاف الخلفي للكتاب المرجعي لهذه الطريقة (1)، اكتشفت أن الدكتور لوك بودان؛ مؤسس هذه الطريقة، استوحى التسمية من الكلمة العبرية "أوغ" التي تعني "النور"، ومن الكلمة المصرية القديمة "رع"، في إشارة إلى إله الشمس. دلالة هذه التسمية إذاً هي «تسليط الضوء على مشكلتك»؛ وهي فكرة تبدو في الواقع بسيطة للغايةً - على الأقل نظرياً.
لقد أعجبني هذا الطبيب بسرعة، فهو يتمتع بالدفء الإنساني؛ ولكن دون مبالغة. بدايةً؛ إنه يكشف سرّه دون أن يطلب منك حضور تدريب لمدة أسبوعين (إلا إذا نصحك بشراء كتبه (2)؛ وهي مهمة جداً، وسأكتشف ذلك لاحقاً ...). والأهم من ذلك هو ما قاله هذا الطبيب في إحدى المقابلات العديدة المتوفرة مجاناً على الإنترنت: «لم أخترع شيئاً! هذه الطريقة ليست لي، أنا أتمنى فقط تقاسُمها». وبالنظر إلى ما نعيشه اليوم وانتشار حشود المعلّمين الروحيين الذين نصّبوا أنفسهم لبيع العلاج السحري للناس، فإن رأي الدكتور بودان يُشعرك على الأقل بالارتياح!
استشعرْ ألمك لتخفِّفه
استمعت إلى عرض عن طريقة "آوغا" ثم قرأت الشروحات، واكتشفت النظرية التي تعتبر أن التركيز على الألم سيقلل من شِدّته. ما هي مشكلتك اليوم؟ قد لا تكون لديك مشكلة! وبغض النظر عن جوابك؛ يقترح لوك بودان على الجميع القيام بتجربة أولى كما يلي: «أغمضي عينيكِ، وتوغّلي في جسدكِ، وركزي على كتفكِ الأيمن»، ويمزح الدكتور بودان وهو يقول إن الكتف ستكون سعيدةً بهذه الزيارة القصيرة والفريدة. كتفي ها أنا ذا! أركز لمدة دقيقتين إلى ثلاث دقائق، ثم أقارن حال الكتف الأيمن بالكتف الأيسر، وهذا ... غريب! أشعر جيداً كأن شيئاً ناعماً ودافئاً يحل بكتفي الأيمن؛ ولكن ماذا عن اختباري العملي للألم؟ أنا أطمئن نفسي. بصفتي امرأةً؛ لن أضطر إلى الانتظار طويلاً قبل أن أتعرض للألم (شهر كحد أقصى ...). وفي انتظار ذلك اتصلت بلوك بودان، وبدأت أحكي له ما كنت أسمعه خلال طفولتي: «هل تتألمين؟ توقفي عن التفكير في الأمر، وسوف يتوقف الألم!» وأنت أيها الطبيب، هل تقول العكس إذاً؟ هل تقصد أن علينا أن نفكر في الأمر؟ بدا لي أنه يبتسم من وراء سماعة الهاتف قائلاً: «نعم فأنتي تفكرين في الألم لأنك تريدين جعله يختفي!» وهذا لا علاقة له بأسلوبه الذي يقوم على التركيز على الألم دون نية محددة.
إن الفكرة المركزية في تصور بودان إذاً هي القبول، وهذا يذكّرنا بمبدأ الوعي الكامل أو الموجة الثالثة من العلاجات المعرفية والسلوكية؛ إذ يعتبر بودان أن الناس «يميلون إلى الهروب من الألم أو محاربته». ولكن ماذا سيتغير لو رحّبنا به بحفاوة؟ ويضيف بودان جواباً على ذلك: «الألم مجرد رسالة من الجسد تخبرك أن هناك شيئاً ما ليس على ما يُرام. وإذا لم تستمع إليها، فلن يطلق الجسم سيرورة الشفاء الذاتي الطبيعية. وإذا تلقيتَ الرسالة، فلم يعد الجسد في حاجة إلى تنبيهك. إنها مثل ظرف مرسل إليك؛ إذا فتحته واطلعت على مضمون رسالته، فلن تحتاج إليه بعد الآن». وفي حال لم تفعل ذلك، فستتلقى الرسالة ذاتها بالبريد المضمون ... ويعتمد لوك بودان أيضاً على إحدى المبادئ القديمة لتقاليد الطاقة الآسيوية التي تفيد أن: «الطاقة تتْبع التركيز». باختصار؛ حيثما ذهب الفكر تتبعه الطاقة، ويبدو لي أن توجيه كل قواي نحو النقطة التي تؤلمني، أمر منطقي جداً بالنسبة لي.
حسناً! لدي الآن كل المعلومات، وكما توقعت ذلك سابقاً، فإن أوجاع الطمث المعروفة عند كل قارئاتنا، أو عند جلِّهن حان وقتها، ولأول مرة أنا سعيدة بعودة هذا الوجع، لأنتقلَ إلى التطبيق العملي لما تعلّمته. ألغيت كل ما يربطني بالعالم الخارجي، أوقفت تشغيل الهاتف المحمول، وأغلقت الكمبيوتر، وركزت لبضع دقائق على هذا التوتر المألوف الذي لم يحظَ إلا بالقليل من الملاحظة حتى الآن. أين يتركّز الألم بالضبط؟ هل هو حادّ، كثيف، عامّ أم موضعي؟ والأهم في هذه العملية أنني لا أعلّق على ما يحدث، ولا أتوقع أي شيء؛ لكنني أعترف بأنني أجد صعوبةً بسيطةً في البقاء مركِّزةً، فأنا لست متأمِّلةً بارعة، لذلك بدأت أتخيل ما يشبه الكرة المستديرة، وأجسِّد الألم. أنا أرى هذه الكرة، وأنا منتبهة لها بنسبة 100٪، وهذا مثير للدهشة. إنّ الألم يخِفّ، وأشعر وكأنه يتلاشى. إنه لا يزال موجوداً ولكنه أقل حدّةً، كما لو أن الكرة تنفث ناراً أقل. وهنا بدأت أتقدّم أكثر، لقد انتابني إحساس بأنني أصبحت "آوغية" إن جاز لي التعبير كذلك.
تركيز طريقة "آوغا" على مشاعرنا
تحت تأثير الدهشة مما رأيت، كررتُ التجربة بعد أسبوع؛ لكن هذه المرة مع المشاعر، لأنني علِمت أن هذه الطريقة فعّالة أيضاً ضد التوتر والقلق، واخترت أن أوظفها في مواجهة شعور الغضب. وتطبيق ذلك أمر سهل، لأنني لست مضطرةً إلى الانتظار لمدة شهر من أجل ذلك. استغللت حالة الانزعاج التام الذي نشعر به خلال التّسوق في المراكز التجارية الكبرى. قمت بإجراء مسحٍ جسدي كامل مع تركيز شديد وانفصال تام عن المحيط، لأستشعر ضيق الحلق واهتزاز الصوت وتسارع التنفس، وأدركَ ما يجري في داخلي، وبعد ثلاث دقائق، خفَتَ كل ذلك.
كانت الأسئلة الأخيرة التي طرحتها على لوك بودان تهُمّ وتيرة استعمال هذه الطريقة وموانعها. ووفقاً لبودان فإن الطريقة فعالة جداً ضد «شكاوى الحياة اليومية»؛ لكنّه يلاحِظ أن لهذه الطريقة أيضاً آثار مفيدة على أمراض أكثر خطورةً - عضوية كانت أو وظيفية. كما أن بودان يبقى حذراً في كلامه، فهو لا يدّعي أنه يشفي بهذه الطريقة أحداً؛ إنما يدعو الجميع لخوض التجربة، لبضع دقائق في اليوم أو عند الشعور بالألم، ويحثّهم على الاستماع إلى أحاسيسهم وردود أفعالهم الجسدية من أجل استخلاص استنتاجاتهم الخاصة؛ وهو الأمر الذي التي مثّل بالضبط فكرة هذا المقال.
1. و 2. كتابا "طريقة آوغا، أيقظْ قوتك الشافية" و"آوغا في الحياة اليومية" لصاحبهما لوك بودان (دار النشر "غِي تريدانيال" Guy Trédaniel éditeur).