ملخص: يمكن أن يصيب الاكتئاب أيّ شخصٍ بغضّ النظر عن عمره؛ غير أن بعض الأفراد قد يكون أكثر عرضة للإصابة به. اعرف إن كنت منهم، وما يجب عليك القيام به للوقاية من الاكتئاب.
محتويات المقال
ونحن نتنقّل بين فصول الحياة، من الطبيعي أن نجد أنفسنا نتأرجح بين الحزن والكآبة أحياناً. وبالنسبة إلى البعض؛ يكون الاكتئاب واحداً من أكثر فصول الحياة وأشدّها قتامة، فهو ليس مجرّد شعورٍ عابر بالحزن؛ إنه حالة نفسية صعبة تتطلّب علاجاً ومساعدة من مختص.
لذلك؛ سيفيدنا قبل أن نصل إلى هذه المرحلة أن نتعرّف إلى ما يمكننا فعله للوقاية من الاكتئاب. يقدّم هذا المقال مجموعة مختارة من الأنشطة العملية والعادات التي يمكن لأي شخصٍ مهتمٍّ بصحته النفسية القيام بها لحماية نفسه من قبضة الاكتئاب.
ما أهميّة الوقاية من الاكتئاب؟
لا يؤثّر الاكتئاب في أفكار الفرد وعواطفه وسلوكاته فحسب؛ بل يمكن أن يترك بصمة كبيرة في الصحة البدنية ومجالات الحياة المختلفة. كما يمكن أن يدفع بالأفراد إلى ممارسة سلوكات مدمّرة للذات، فيؤدّي إلى خطر الإصابة باضطراب تعاطي المخدرات (SUD)، فتتدمّر بذلك علاقاتهم الشخصية، وتنقص أعمارهم.
وباعتباره أكثر عواقب الاكتئاب تدميراً؛ يُعدّ الانتحار السبب الرئيس العاشر للوفاة عموماً في الولايات المتحدة الأمريكية، وثاني سبب رئيس للوفاة بين المراهقين والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 34 سنة.
وبما أنه لا يميّز بين الأشخاص بحسب أعمارهم؛ يمكن أن يصيب الاكتئاب أي شخص في أي مرحلة عمرية من حياته. غير أنّ الأبحاث التي أجراها المعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH)، تشير إلى أن احتمالية إصابة الشخص بالاكتئاب تزداد في الحالات التالية:
- إذا كان لديه استعداد وراثي للإصابة بالاكتئاب.
- تعرّض لصدمة أو ضغوط أو حدث حياتي صادم.
- يعاني مشكلة في الصحة الجسدية أو مصاباً بمرض مثل السرطان.
- يستهلك بعض الأدوية.
إذا كنت من بين الأشخاص الذين يعيشون في ظلّ عوامل الخطر هذه أو ممن عانوا الاكتئاب في مرحلة سابقة من حياتهم، سيفيدك جدّاً الأخذ بنصائح الخبراء التي سنذكرها في الفقرة التالية من هذا المقال.
اقرأ أيضاً: متى تختفي أعراض أدوية الاكتئاب؟
6 نصائح للوقاية من الاكتئاب
من المهمّ معرفة أن الوقاية من الاكتئاب ليست دائماً ممكنة، ولا سيما بالنسبة إلى الأفراد الأكثر عرضة للإصابة به بسبب توفّر عوامل الخطر التي ذكرناها سابقاً. إلا أن اتبّاع نصائح الخبراء واعتماد التغيرات الإيجابية الضرورية في نمط الحياة يساعد بالتأكيد على تجنّب الإصابة أو تقليل احتمالاتها، وحتّى تخفيف حدّة الأعراض في حال التعرّض لها. وتتمثّل أبرز وأهمّ تلك النصائح في الآتي:
1. ممارسة التمارين الرياضية
يشبه تأثير النشاط البدني مفعول مضادات الاكتئاب، وهو يمثّل بذلك علاجاً طبيعياً للاكتئاب بالنسبة إلى المصابين به.
يمكن أن يشكل بدء روتين للتمرين الرياضي تحديّاً للأفراد غير المعتادين عليه، لذلك؛ يُنصح بالبدء برحلات مشي قصيرة لمدة 5 دقائق أو أيّ نشاطٍ خفيف آخر خلال فترة الصباح، متبوعاً بنشاط مماثل في فترة ما بعد الظهر، مع إمكانية زيادة مدّة التمرين وشدّته تدريجياً خلال الأيام والأسابيع اللاحقة.
ويُنصح بقضاء 150 دقيقة من التمارين المتوسطة الشدّة في الأسبوع. ويمكن تقسيم هذه المدة إلى أجزاء يمكن التحكم فيها تتراوح بين 5 دقائق و10 دقائق و30 دقيقة أو أكثر حسب قدرة الشخص وتفضيلاته.
2. اتبّاع نظام غذائي صحّي
يسهم الحفاظ على نظام غذائي في درء الاكتئاب وتعزيز الصحة النفسية عموماً، فقد خلصت دراسة أُجريت عام 2019 إلى أن التغييرات في العادات الغذائية يمكن أن تكون مفيدة في علاج الاكتئاب.
ويُنصح بدمج الفاكهة والخضروات الطازجة في نظام الأكل؛ لأنها تُعتبر من المصادر الوفيرة لمضادات الأكسدة، والتي تُعتبر حيوية في حماية الجسم من الإجهاد التأكسدي (Oxidative Stress)، بالإضافة إلى عناصر غذائية أخرى يمكن أن تساعد على محاربة الاكتئاب مثل الشاي الأخضر ومنتجات فول الصويا والزيوت الصحية مثل زيت الزيتون والحبوب الكاملة والأسماك. وفي مقابل ذلك، يُفضّل تجنّب استهلاك اللحوم الحمراء ومنتجاتها، والمخبوزات الجاهزة، والدهون غير المشبعة، والحلويات السكرية والمشروبات الغازية.
3. تجنُّب التعرّض للإجهاد
تشير الأدلة العلمية إلى وجود علاقة بين الإجهاد واضطرابات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق، فقد يشهد الأفراد الأكثر عرضة للاكتئاب خطراً متزايداً لظهوره عند التعرّض للإجهاد المزمن؛ حيث يرث بعض الأشخاص عوامل وراثية تزيد خطر الإصابة، بينما قد يكتسب آخرون هذه الحساسية بسبب تجارب الحياة المبكرة مثل الإهمال أو سوء المعاملة خلال الطفولة.
وفي حين أنه قد يصعب تفادي الإجهاد في بعض المواقف والظروف، يمكن اتخاذ تدابير استباقية للتخفيف من تأثيره؛ حيث تشمل هذه التدابير ضمان النوم والراحة الكافيين، وأخذ فترات راحة منتظمة من العمل، ودمج تمارين التنفس والتأمل في الروتين اليومي، والالتزام بممارسة التمارين البدنية بانتظام.
4. تحسين جودة النوم
ثمّة علاقة قوية بين الاكتئاب والأرق، فالحرمان من النوم يسبّب تفاقم أعراض الاكتئاب، وقد يكون عرضاً له بحد ذاته. لذلك؛ يُنصح بتحسين جودة النوم من خلال بعض الاستراتيجيات الطبيعية مثل إنشاء روتين نوم منتظم، وخلق بيئة نوم هادئة ومظلمة بدرجة كافية ودرجة حرارة مريحة، إضافة إلى الخطوات المهمة التالية:
- الامتناع عن تناول وجبات كبيرة واستهلاك الكافيين والكحول قبل النوم.
- إيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية قبل 30 دقيقة على الأقل من وقت النوم ووضعها خارج المكان المخصص للنوم.
- تفادي الاستهلاك المفرط للسوائل قرابة موعد النوم.
- تفادي التعرّض للأضواء الساطعة خلال ساعات المساء.
5. تجنُّب تعاطي الكحول والمخدّرات
يمكن أن يؤدي استهلاك الكحول وبعض المواد المخدّرة إلى زيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب أو تفاقم أعراضه؛ إذ يعاني الأشخاص المصابون باضطراب تعاطي المخدرات أو الكحول من الاكتئاب. وبغض النظر عن وجود الاكتئاب، يجب على أي شخص لديه مخاوف بشأن تعاطي الكحول أو المخدرات استشارة طبيب أو مختص يمكنه تقديم المساعدة اللازمة.
6. تجنُّب المحفّزات
يمكن أن تؤدي عوامل مختلفة إلى ظهور أعراض التوتّر والاكتئاب؛ بما فيها بعض المحفّزات التي يمكن أن تختلف من شخص إلى آخر وتسهم في ظهور أعراض الاكتئاب، ويتمثّل أبرزها فيما يلي:
- التعرّض لبعض الأخبار والأفلام والمحتويات الإعلامية.
- تعاطي الكحول أو المخدرات، باستثناء حالات الاضطراب ذات الصلة.
- الحرمان من النوم.
إذا كان الابتعاد عن المحفّزات صعب التطبيق، فقد يساعد اللجوء إلى الحدّ الأدنى من التعرّض لها. فعلى سبيل المثال؛ يمكن تخصيص وقت محدّد من اليوم للاطلاع على رسائل البريد الإلكتروني أو متابعة الأخبار، أو غيرها من المحفّزات المحتملة.
تعرّف إلى إرهاصات ما قبل الإصابة بالاكتئاب حتّى تحمي نفسك
يوضّح الاختصاصي النفسي الإكلينيكي، أسامة الجامع إنه من الضروري الانتباه إلى بعض الإشارات لتفادي الإصابة بالاكتئاب، وتشمل الآتي:
- الشعور بالرغبة المتزايدة بالبقاء في المنزل، مثل الاعتذار عن الخروج مع الأصدقاء.
- الميول للانسحاب من الأنشطة الاجتماعية أو التوقف عن مزاولة الرياضة.
وينصح أسامة الجامع بعدم الاستسلام لهذه الميولات أو "إرهاصات ما قبل الاكتئاب" كما أسماها؛ لأنها تؤدي دور الدرع الواقي ضد الاكتئاب.
اقرأ أيضاً: 7 خطوات بسيطة للتكيّف مع عالم الاكتئاب السوداوي الموحش
ختاماً، تتطلّب الوقاية من الاكتئاب التزاماً طويل الأمد، ومجهودات متضافرة عبر مختلف جوانب حياتنا. وليس الخوف من الإصابة هو ما يجب أن يدفعنا إلى التعرّف إلى طرائق الوقاية؛ بل الرغبة في تحسين صحتنا النفسية وجودة حياتنا ككلّ.