ملخص: يشير مصطلح الصيام الرقمي إلى فترة من الأوقات يمتنع فيها الشخص عن استخدام الأجهزة التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي. ويُعد الصيام الرقمي ذا فوائد جمة إذ يُحسن علاقاتنا الاجتماعية وصحتنا النفسية؛ تعرف إلى أهم الفوائد والتوصيات المتعلقة بالصيام الرقمي مع السطور التالية.
محتويات المقال
هل يُعقل أننّا مهووسون بالعالم الرقمي إلى هذه الدرجة؟ وكم من الوقت نقضيه ونحن نتصفّح المواقع؟ ولا أحدّثُك عن الخوف الذي يتملّك أحدنا حين يضيع منه هاتفه!
لقد أصبحنا مكبّلين بأغلال شفافة وجرعات من حماس نتلقّفُها من العالم الافتراضي. إنّنا حقاً ندرك حقيقة الضرر الذي يسبّبه لنا إدمان وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت؛ لكن مَن يجرؤ على اقتحام أهوال التخلُّص من هذا الإدمان؟! ربّما فكّرتَ في حظر استعمال هاتفك ليلاً أو وضعه خارج الغرفة لكن شيئاً من ذلك لم ينفع، فهل سمعتَ من قبل عن الصيام الرقمي أو ما يُطلق عليه (Digital Detox)؟
ما هو الصيام الرقمي؟
يبدو الأمر في الوهلة الأولى كأنّك تتخلص من السموم الرقمية؛ لكنّ مصطلح الصيام الرقمي يشير إلى فترة من الأوقات يمتنع فيها الشخص عن استخدام الأجهزة التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وهذا الصيام وسيلةٌ يبتغي صاحبها من ورائها كسب مزيدٍ من التركيز على حياته الواقعية وأدواره الاجتماعية دون تشتُّت انتباهه أو تعرُّضه للضغط المُجهد نتيجة تراكم الرسائل البريدية في صندوق الوارد.
وقبل أن تقرر ما إذا كنتَ ستُطبّقهُ، فلا بأس أن تضع في اعتبارك بعض فوائده وأفضل الخطوات والأساليب الفعّالة لجني ثماره.
علامات تدلّ على أنّك تحتاج إلى الصيام الرقمي
إذا كانت لديك معظم هذه العلامات فأنت حقاً تحتاج إلى بعض الأوقات من الصيام الرقمي، ولو كان صيامك متقطعاً؛ ومن هذه العلامات نذكر:
- تشعر بالقلق أو التوتر إذا ضاع هاتفك منك ولم تتمكن من العثور عليه بعد مدّة.
- لا تصبر حتى تتحقّق من هاتفك كل بضع دقائق.
- تشعر بتغيّر في مزاجك أو شيء من الاكتئاب أو القلق أو الغضب بعد قضاء بعض الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تراقب عدد الإعجابات أو التعليقات على منشوراتك بانشغال بالغٍ.
- تخشى أن يفوتك شيء ما إذا لم تستمر في تفحّص جهازك.
- غالباً ما تجد نفسك مستيقظاً لوقت متأخر من الليل أو تستيقظ مبكراً لتتفقّد هاتفك.
- لا تستطيع التركيز مدةً طويلةً في فعل شيء واحد دون التحقّق من هاتفك.
ما فوائد الصيام الرقمي؟
بعيداً عن فوائد الصيام الرقمي في تحسين الصحة البدنية، فإنّ له دوراً مهماً في تحسين علاقاتنا الاجتماعية وصحتنا النفسية؛ إذ له من الفوائد ما لا نقدر على حصره وما سترى انعكاسه الإيجابي إذا ما جرّبته.
تفكيرٌ أفضل وذوقٌ راقٍ
حين يكون لديك وقت للتفكير والتفكّر بعمق في الأشياء والأحداث؛ في جدواها وأهميتها، وفي أثرها وانعكاسها، ستتوقف عن ممارسة الأشياء دون وعي وتتوالد الأفكار الإبداعية في عقلك.
إنّنا حين نملأ عقولنا بأشياء غاب منها المعنى، نفقد بصيرتنا وقدرتنا على إثارة الأفكار. عندما يكون هاتفك بعيداً عنك في محاولة لتجسيد الصيام الرقمي، وعيناك مرفوعتان إلى الأعلى، تنظر حولك لتلاحظ الأشياء، وتتحدث إلى الناس، وتستمع إلى من حولك، وتتلقى المعلومات بحواسك جميعها، فأنت بذلك تزيد طاقتك الإبداعية.
أمّا من ناحية الذوق الراقي، فهذا ما يحدث حين تترفّع عن التورُّط في تفاهات ما يأكله شخص آخر على الغداء، وما يلبسه فلان في عرس أخيه. يمكنك حينها التمييز بين ما هو عاجل وما هو مهم وما هو تافه.
علاقات مهينة أقوى
حضور اجتماع واحد يغنيك عن 10 رسائل بريد إلكتروني غامضة؛ إذ يساعد حضور الاجتماعات على تعزيز الثقة وتحسين الشفافية وتبديد أيّ اختلالات أو سوء تفاهم في وجهات النظر، فقد يسقط المعنى سهواً بين سطور الرسالة وتُفهم على غير ما أُريدَ لها.
كيفية تطبيق الصيام الرقمي على النحو الأمثل
قد يقترح عليك البعض أن تمتنع امتناعاً نهائياً وقاسياً عن استعمال الأجهزة الرقمية جميعها؛ لكنّ من المهم ألاّ ترفع سقف توقعاتك وتُطالب نفسك بما لا تقدر عليه إلا بشقّ الأنفس، ثم تستسلم بعد يوم أو يومين من بداية التجربة.
كُن واقعياً في أهدافك
بالنسبة إلى الكثير من الأشخاص، قد لا يكون الانفصال تماماً عن الاتصال الرقمي أمراً ممكناً، وبخاصة إذا كنتَ تعتمد الاتصال في العمل أو الدراسة أو أي التزامات أخرى.
لكن هذا لا يعني أنّه لا يمكنك الاستمتاع بفوائد الصيام الرقمي؛ بل المفتاح في ذلك هو تنظيم صيام رقمي حسب جدولك الزمني.
إذا كنت بحاجة إلى أجهزتك في أثناء النهار لأغراض عملك، فحاول تجنّبها في نهاية اليوم. اختر وقتاً تريد فيه الابتعاد عن العالم الرقمي برُمّته، ثم ركّز على قضاء أمسية جميلة خالية تماماً من المشتتات الإلكترونية.
ضع حدوداً لتصفّح القنوات الرقمية
في حين أنه ليس من السهل قطع الاتصال بالعالم الرقمي، فإنّ الحلّ في وضع قيود وحدود على الوقت الذي تسمح فيه لنفسك بتصفح المواقع أو الدردشة أو التنقّل بين المنصات.
كما عليك اختيار أنسب الأوقات التي ترغب في تقييد استخدام جهازك الرقمي فيها؛ ومن هذه الأوقات ما يلي:
- عند تناول وجبات الطعام، وبخاصة عند تناول الطعام مع أشخاص آخرين.
- حين تستيقظ مباشرةً أو قبل أن تنام؛ إذ تشير الأبحاث إلى أن اقتصر استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي على ما يقرب من 30 دقيقة يومياً يمكن أن يحسّن جودة نومك وصحتك على نحوٍ كبير.
- عند قضاء الوقت في مشروع أو ممارسة هواية أو مع الأصدقاء والعائلة.
عزّز السلوكيات الرقمية الصحيحة
وذلك باتباع هذه التوصيات:
- معرفة عدد مرات التصفح اللاواعي يومياً، والمدة التي تقضيها على كل منصة رقمية.
- تحديد وقت معين لاستخدام كل منصة رقمية وضبطه، مع إيقاف التنبيهات على هاتفك.
- إذا استخدمت جهازك لغرض معيّن فلا تفتح الكثير من التبويبات على المتصفح.
- استعمل بعض الأدوات لتذكيرك بالتنفس الصحيح والمشي كل نصف ساعة.
- اجعل الصفحة الأولى لهاتفك المحمول خالية من أيّ تطبيقات، اضبطه على وضعية "الصامت" طوال الوقت.
- توقّف عن الاتصال بالإنترنت 3 ساعات قبل النوم لقضاء الوقت مع العائلة، و3 ساعات بعد الاستيقاظ لقضاء الوقت مع نفسك وترتيب أولوياتك والتخطيط ليومك.
- تحويل واجهة هاتفك المحمول للون للأبيض والأسود لأنّ هذا سيخفف وقت تصفحك؛ إذ إنه يجعل هاتفك أقلّ جاذبية.
قد تكون هذه الخطوات مُجهدةً في بعض الأحيان، وقد تشعر بالضيق والقلق وحتى الملل، وتفكّر في الاستسلام وتندفع يدك نحو هاتفك لتتصفّحه بشغف كالذي انقطع عن الماء لأيام.
وعلى الرغم من ذلك، ستكون تجربة الصيام الرقمي أمراً يستحق العناء إن صبرت عليه وثابرت في تطبيقه، وسترى أثَرهُ في توطيد علاقتك وسلامك النفسي، وستكون أكثر حضوراً في مناسباتك، وأكثر استمتاعاً واهتماماً بعائلتك، وأشدّ حماساً في أنشطتك وهواياتك.