المشروعات والأحلام المشتركة مفتاح العلاقة الزوجية الناجحة

3 دقائق
المشروعات المشتركة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يحتاج الزوجان من أجل استمرار علاقتهما إلى التخطيط للمستقبل؛ لكن يمكن للمشروعات المشتركة كإنجاب الأطفال أو السفر، أن تطرح بعض المشكلات لأن التفكير فيها يفترض وجود أمل في استمرار العلاقة الزوجية، في الوقت الذي تُظهر فيه الإحصائيات ارتفاعاً في نسب الطلاق. فما العمل؟

يحتاج الزوجان من أجل استمرار علاقتهما إلى التخطيط للمستقبل، فعندما تتّحد رغبات كلّ منهما في رؤية مشتركة تصبح حياتهما أكثر إثارةً.

لماذا يصعب التخطيط للمستقبل؟

يمكن للمشروعات المشتركة بين الأزواج؛ كإنجاب الأطفال أو بناء منزل أو السفر في إجازة الصيف، أن تطرح بعض المشكلات، لأن التفكير فيها يفترض وجود أمل في استمرار العلاقة الزوجية، في الوقت الذي تُظهر فيه الإحصائيات ارتفاعاً في نسب الطلاق. ولهذا نجد كثيرين من الأزواج الذين يخططون مثلاً للحصول على قرض بنكي مشترك من أجل بناء منزل، يتساءلون في الوقت نفسه عن احتمالات استمرار العلاقة الزوجية بعد 10 سنوات من أجل سداد هذا الدّين.

مبدأ اللذة ومبدأ الواقع

من نتائج هذا الضعف في العلاقات الزوجية ميل الأزواج إلى العيش معاً بناءً على ما يسميه فرويد "مبدأ اللذة" على حساب "مبدأ الواقع"، في حين يمثل الحديث عن مشروعات مشتركة بين الأزواج انخراطاً في ما هو عمليّ وملموس. كما أن الحديث عن "المشروعات المشتركة" يثير لدى الزوجين مخاوفَ من التّخلي عن طموحاتهما الشخصية؛ إذ كيف يمكن لأحد الزوجين مثلاً أن يحقق حلمه بالتجول حول العالم إذا كان الطرف الآخر يرغب بإنجاب 3 أطفال؟

ما أهمية التخطيط للمستقبل؟

يؤكد الطبيب النفسي والمدرّب آلان دولورن (Alain Delourne): "استحالة التقدّم في العلاقة الزوجية دون التخطيط لمشروعات مستقبلية، وهي حقيقة ليست مهمةً بالنسبة إلى أحد الزوجين فقط؛ بل إنها مهمة أيضاً بالنسبة إلى علاقتهما المشتركة التي لها ديناميتها الخاصة، فتخطيط الزوجين للمستقبل معاً يعني الحفاظ على هذه العلاقة واستقرارها".

الرغبة في إنجاح العلاقة الزوجية

إن أول مَن يسهم في تحقيق هذه الوظيفة هما الزوجان نفسَيهما، فمن الضروري أن يشعر شريكا الحياة بالرغبة العميقة في استمرار العلاقة الزوجية، آخذين بعين الاعتبار النتائج المترتبة عن ذلك على المدى البعيد (تحمّل المسؤولية، واجب الالتزام، الدعم المتبادَل، إلخ). ومن أجل تقوية حظوظ استمرار هذه العلاقة، فإن على الزوجين أن يفكرا في علاقتهما باعتبارها مشروع حياة يحرصان على الحفاظ عليه "في السرّاء والضرّاء".

ويؤكد آلان دولورن إنّ: "صُلب عملية بناء العلاقة الزوجية هو الرغبة في الالتزام بهذه العلاقة، مع يقين الزوجين بأنهما سيكونان أقوى معاً، والإيمان بضررة نجاح العلاقة". هذا هو المشروع الأساس الذي ستؤَسس عليه المشروعات المشتركة الأخرى، ومن دونه لا يمكن التفكير في أي مشروع آخر.

مشروع مشترك لإحياء العلاقة الزوجية

هناك وظيفة أخرى للمشروعات المشتركة بين الزوجين؛ إنها "تُحيي" العلاقة بينهما، وخصوصاً تلك المشروعات التي لا تخلو من "المخاطرة"؛ كالتفكير مثلاً في الهجرة أو في إنشاء شركة. ويذكّر آلان دولورن بأنه: "ينبغي للزوجين أن يغامرا قليلاً إذا أرادا تقوية علاقتهما وتجنُّب الشعور بالملل".

الأحلام ضرورية

لن تتحقق المشروعات التي سيخطّط لها الزوجان كلّها، فهي تظل في نهاية المطاف مجرّد أحلام؛ لكنّها ضرورية. على سبيل المثال؛ يفكر كل من مروة وأحمد البالغَين من العمر 40 عاماً في الهجرة من القاهرة للاستقرار في الريف المصري، وهما يتخيلان المشهد: "نتخيل حياتنا هناك، وكم ستكون بسيطةً في وسط الطبيعة، إننا نحلم كالأطفال"! لقد أصبح هذا الحلم بالنسبة إليهما لعبة يستخدمانها كمضاد للكآبة. ويؤكد آلان دولورن في هذا الإطار إن: "الحلم المشترك بين الزوجين وسيلة ممتازة لخلق عالم تخيّلي خاصّ بهما وحدهما؛ إنه يشكل قوةً إذا اتفق الطرفان على أنه مجرد حلم".

وبالموازاة مع المشروعات والأحلام المشتركة للزوجين: "من الضروري أن تكون للطرفين مشروعاتهما الفردية". هذا هو الذي يضمن التوازن بين القوّتين المتعارضتين اللتين تحركانِهما: الرغبة في التلاحم، والرغبة في الاستقلالية. ويلاحظ الطبيب النفسي المختص في الطب الجنسي، إيفون دالير (Yvon Dallaire) أن: "حالات طلاق عدةً وقعت لأن أحد الزوجين لم يكن يشعر بتقدير الآخر لطموحاته، أو لأنه توقف عن تقدير أحلامه الخاصة"!

كيفية التخطيط للمستقبل معاً

1. تأكيد الرغبات الشخصية

يؤكد إيفون دالير إنه: "على كل طرف أن يعلن عن مشروعاته الشخصية حتى يستطيع الزوجان معاً النظر في إمكانية إدماجها ضمن مشروعاتهما المشتركة"؛ مثل عدد الأطفال الذي يريدان إنجابه، أو احتمال الانتقال للعيش في مدينة أخرى أو الاحتفاظ بالشقة القديمة، علماً أن هذه المشروعات ليست نهائية لأن كلاً من الطرفين يمكن أن يتأثر خلال فترة العلاقة الزوجية بالآخر، وبرغباته الخاصة.

2. المعالجة الاستباقية

حدّدت أمينة البالغة من العمر 30 عاماً وزوجها أيمن ذو الـ 40 عاماً، موعداً منتظماً من أجل مناقشة مشروعاتهما المستقبلية. وتقول عن ذلك: "كلّ واحد منّا يقول للآخر أين يرى نفسه بعد 5 أو 10 سنوات، ثم نتأكد من اتفاقنا على ذلك، وأحياناً تَلزمنا مراجعة مشروعاتنا لتوحيد رغباتنا". هذا ما حدث معهما عندما أخبرَت أمينة أيمن برغبتها في الإنجاب في غضون 5 سنوات، بينما كان هو يفكر في متابعة تدريب جديد لتغيير مهنته، وتقول أمينة عن ذلك: "لقد بدا لنا هذان المشروعان غير متوافقَين، ثم اتفقنا على الإنجاب والحصول على قرض بنكي". ولهذا يستنتج إيفون دالير أنه: "ليس من الضروري أن يتقاسم أحد الطرفين مع الآخر حلمه من أجل مساعدته على تحقيقه؛ لكن من الضروري أن يعرف كل منهما أحلامه الشخصية وأحلام الآخر لكي يقدّرها".

المحتوى محمي