ملخص: هل تشارك أطفالك مشاهدة أفلام الرعب؟ إذا كانت إجابتك "نعم" فاعلم أنهم في خطر، فهذه النوعية من الأفلام قادرة على التأثير سلباً في صحتهم النفسية بدرجة بالغة؛ إذ تؤدي إلى ضعف ثقتهم بأنفسهم وانخفاض شعورهم بالأمان، إلى جانب معاناتهم من الكوابيس والانخراط في نوبات البكاء وغيرها من التأثيرات، وقد يصل الأمر إلى حد تقليدهم ما يرونه في أفلام الرعب من عنف ودموية. وأحياناً، يمتد تأثيرها إلى مستقبل الطفل فتتراجع قدرته على حل المشكلات، ويفتقد القدرة على التعاطف مع الآخرين، ويميل إلى التفكير بطريقة الأبيض والأسود، لذلك يستعرض هذا المقال أضرار أفلام الرعب وكيفية وقاية طفلك منها.
محتويات المقال
ربما لا يلقي الكثير من الآباء بالاً عندما يشاهدون أفلام الرعب على التلفاز ويتركون أطفالهم إلى جانبهم؛ لكن هذه الممارسة تؤثر في نشأتهم ونفسيتهم بشكل بالغ، فربما تسبب لهم الكوابيس في أثناء نومهم، أو تجعلهم أكثر ميلاً إلى الخوف من الظلام أو البقاء بمفردهم في المنزل.
وترتبط التأثيرات السابقة بمرحلة الطفولة؛ لكن الأخطر أن يمتد التأثير إلى المراحل العمرية اللاحقة، فتتسبب مشاهدة أفلام الرعب في تغيير مسار الشخص ليصبح أكثر عدوانيةً أو يفضل ارتكاب الجرائم، لذا نعرض في مقالنا أضرار مشاهدة الأطفال لأفلام الرعب وكيفية وقايتهم منها.
ما الأضرار النفسية التي قد تسببها مشاهدة الأطفال لأفلام الرعب؟
يؤكد الطبيب النفسي المصري وليد هندي إن مشاهدة أفلام الرعب تؤثر سلباً في سلوكيات الطفل، فهي تؤدي إلى ظهور مخاوف مرضيّة بداخله، إلى جانب تدنّي ثقته بنفسه، وتراجع شعوره بالأمان، وبطء استيعابه للواقع، ومعاناته من الكوابيس المزعجة ونوبات البكاء والتبول اللاإرادي.
كما يمكن أن يتخطى الأمر حدود التأثيرات السابقة إلى محاولة الطفل محاكاةَ أفلام الرعب وتطبيقَ ما يشاهده فيها من أساليبَ عنيفة على أقاربه والمحيطين به، وأحياناً على نفسه، باتباعه سلوكيات مثل شد الشَّعر وجرح الأجساد، بالإضافة إلى ظهور الميول الانتحارية.
ويشبّه استشاري طب نفس الأطفال حاتم زاهر، تأثير أفلام الرعب في الصحة النفسية للطفل بالصدمة، فهي تزرع الخوف في نفسه، فيصبح أكثر خوفاً من الغرف المظلمة أو الجلوس بمفرده، ويؤثر هذا الخوف المرَضيّ في حياته المستقبلية.
وحتى نفسر ما يحدث تفسيراً علمياً دقيقاً، فمشاهدة أفلام الرعب بشكل عام تؤدي إلى ارتفاع معدل الأدرينالين، وأدمغة الأطفال غير مجهّزة للتعامل مع هذا الارتفاع؛ ما يسبب لهم ردود أفعال سلبية منها الارتعاش أو الانخراط في نوبات البكاء أو رؤية الكوابيس أو فقدان الشهية.
وإن الطفل في المرحلة العمرية بين سنَّي 6 سنوات و14 سنة، يكون أكثر حساسية للمؤثرات الخارجية والصور وأفلام العنف أو الرعب، ويرجع ذلك إلى عدم قدرته على التمييز بقوة بين الواقع والخيال، فتكون استجابته الفيزيولوجية كما لو أن ما يشاهده حقيقي، فيتصبّب العرق من جسمه ويلهث ويغمض عينَيه.
اقرأ أيضاً: تعرَّف إلى اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال
كيف يمكن لأفلام الرعب أن تغيّر ملامح مستقبل طفلك؟
لا يتوقف التأثير النفسي السيئ لمشاهدة الطفل أفلامَ الرعب عند حدود مرحلة الطفولة، فربما يلازمه في ما تبقّى من حياته؛ ومن ذلك وفقاً للمختص في علم النفس الإعلامي جوان كانتور (Joanne Cantor) أن يصبح العنف أسلوبه المفضل في حل المشكلات الحياتية التي تواجهه لاحقاً.
وقد تسلب أفلام الرعب من الطفل القدرة على التعاطف مع مَن حوله والاهتمام باحتياجاتهم في الأوقات الحرجة؛ إذ يوضح عالم النفس الاجتماعي بجامعة أوهايو (University of Ohio)، براد بوشمان (Brad Bushman) أن أفلام الرعب قد تجعل الطفل يضحك على مأساة أحدهم بدلاً من مساعدته.
ومن التأثيرات الخطِرة أيضاً اعتياد الطفل التفكيرَ بطريقة الأبيض أو الأسود، وتفسر ذلك الباحثة في معهد سياتل لأبحاث الطفل (Seattle Children's Research Institute)، ميشيل غاريسون (Michelle Garrison) بأن سيناريو أفلام الرعب غالباً ما يسير في سياق وجود بطل طيب وعدو شرير؛ ما يجعل الطفل يسقط هذه النظرية على واقعه لتصبح موافقه تجاه الآخرين مبنيّة على أساسها، بينما في الحقيقة كل شخص لديه جانب إيجابي وآخر سلبي.
اقرأ أيضاً: لماذا يُنصح بتدريب الأطفال على ممارسة اليقظة الذهنية؟
كيف تحمي طفلك من مشاهدة أفلام الرعب؟
ربما يجعل الفضول الأطفالَ توّاقين إلى مشاهدة أفلام الرعب التي تضرهم، ويتمثل دور والديهم في اتباع بعض الخطوات التي تمنع عنهم ضررها؛ مثل:
- مراقبة ما يشاهده الأطفال والانتباه إذا كان يتضمن مشاهدَ رعب أو عنف قد تكون غير مناسبة لفئتهم العمرية.
- استخدام تقنيات تصفية المحتوى في الأجهزة المتصلة بالإنترنت لمنع ظهور المحتوى العنيف أو الدموي.
- إيجاد بيئة ودية تسمح للأطفال بمشاركة تجاربهم مع مشاهدة المحتوى المرعب في حال تعرضهم له، فهذا سيحد من الضرر الناتج عنه.
اقرأ أيضاً: لماذا يغار أطفالي من بعضهم البعض؟
أخيراً، من الضروري الانتباه إلى ما يشاهده طفلك من محتوىً لمعرفة مدى ملاءَمته له وماهية الرسائل التي يتضمنها، فهي قادرة على تغيير أفكاره والتأثير في صحته النفسية إما إلى الأفضل أو إلى الأسوأ. وفي حال تعرّض طفلك لمحتوىً غير ملائم، فلا تتردد في اللجوء إلى المعالج النفسي ليساعدك على تقليل الضرر إلى أقصى حد.