ملخص: لنقص الحديد تأثير كبير في الصحة النفسية؛ حيث يؤثّر في مناطقَ مهمّة في الدماغ. وتُظهر الدراسات الحديثة أن نقص الحديد في وقت مبكّر من حياة الفرد يمكن أن يؤدّي إلى عجز إدراكي وسلوكي طويل الأمد، مع ما يترتب على ذلك من اضطرابات نفسية وعصبية مختلفة. ويعاني الأطفال والبالغون من أعراض نقص الحديد النفسية التي تشمل الخوف والقلق والاكتئاب، إلى جانب تأثيرات أخرى سنتعرّف إليها في هذا المقال.
محتويات المقال
يعرف أغلبنا أن نقص الحديد يمكن أن يؤثّر سلباً في الصحة الجسدية؛ لكننا لا ندرك مدى تأثير هذا النقص في صحتنا النفسية. قد تشمل أعراض نقص الحديد النفسية القلقَ والاكتئاب؛ حيث يؤدي عنصر الحديد دوراً حاسماً في عمليات الدماغ المختلفة التي تساعد على تنظيم الحالة المزاجية والعواطف والسلوكيات النفسية.
ويحدث فقر الدم الناجم عن نقص الحديد (IDA) عندما يفتقر الجسم إلى ما يكفي من الحديد لإنتاج الهيموغلوبين الضروري لخلايا الدم الحمراء السليمة (RBCs) والذي يحمل الأوكسجين إلى أنحاء الجسم جميعها. وتصنّف منظمة الصحة العالمية نقص الحديد بأنه اضطراب غذائي يؤثّر بشكلٍ أساسي في صحة النساء والأطفال في سن ما قبل الالتحاق بالمدرسة.
ما أعراض نقص الحديد النفسية؟
عندما يعاني الجسم من نقص في الحديد (IDA)، فإن كميّة أقل من الحديد تصل إلى الدماغ؛ ما يؤدّي إلى مشكلات محتمَلة في إشارات الناقل العصبي، وتشكيل الميالين العصبي (Nerve Myelin)، واستقلاب طاقة الدماغ، ويؤثر هذا كلّه سلباً في طريقة التفكير والشعور والتصرّف.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدّي نقص الحديد إلى تعطيل إنتاج الناقلات العصبية مثل الدوبامين؛ الهرمون المسؤول عن الشعور بالسعادة والمتعة، وكذلك التركيز، وقد يسهم ذلك في الإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات الحركة مثل متلازمة تململ الساق (Restless Leg Syndrome).
وتؤكد عدة دراسات الرابط بين نقص الحديد والصحة النفسية؛ إذ يمكن أن يعاني الأشخاص في هذه الحالة من مجموعة من التأثيرات على المستوى العاطفي تشمل اضطراب ثنائي القطب والقلق والاكتئاب.
اقرأ أيضاً: أكلات تحسن الصحة النفسية ستغيّر وجهة نظرك في الطعام
كيف يُشخَّص فقر الدم الناتج من نقص الحديد؟
من المحتمَل ألا تظهر علامات فقر الدم الخفيف إلى المتوسط الناتج من نقص الحديد أو أعراضه، لذلك قد لا يكون المريض على دراية بالحالة حتى يكتشفها طبيبه في أثناء الفحص الروتيني أو عند إجراء فحوصات تخصّ مشكلات صحية أخرى.
ويعتمد التشخيص على إجراء الطبيب لفحص بدني كالآتي:
- ينظر إلى بشرة المريض ولثته وأظافره لمعرفة ما إذا كانت شاحبة.
- يتفحّص نبضات قلب المريض السريعة أو غير المنتظمة.
- يفحص تنفس الرئتين السريع أو غير المتكافئ.
- يتحسّس البطن للتحقّق من حجم الكبد والطحال.
- يفحص الحوض والمستقيم للتحقق من عدم وجود أيّ نزيف داخلي.
وذلك بالإضافة إلى سلسلة من تحليلات الدم؛ أبرزها تعداد الدم الكامل (CBC) وتحليل مخزون الفيريتين (Ferritin). ويضع الطبيب خطّة علاج مخصّصة للمريض حسب السبب وراء فقر الدم الناتج من نقص الحديد ومدى حدّته.
دراسة تؤكّد الرابط بين نقص الحديد وتدهور مستوى الصحة النفسية
يؤثّر نقص الحديد في مناطق الدماغ المختلفة وعملياتها؛ إذ يمكن أن يستمر القصور الإدراكي العصبي طويل الأمد حتى بعد الكشف المبكّر عن نقص الحديد وعلاجه، وذلك أحد تأثيرات أخرى كشفت عنها مراجعة بحثية نُشرت عام 2021 حول التغيّرات التي يسبّبها نقص الحديد على مستوى الدماغ مؤدياً إلى القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والاضطرابات الذُّهانية، وقامت بها من الباحثة من معهد كاليفورنيا لعلوم الأعصاب السلوكية وعلم النفس حيرا شاه (Hira Shah) مع باحثين آخرين.
ووفقاً لمراجعتهم؛ يشير الباحثون إلى التأثيرات التالية لنقص الحديد الحاد:
- عند الأطفال والرُّضَّع: الخوف المتزايد والانسحاب الاجتماعي والتعب وقلة النشاط والحذر والتردّدّ وملازمة الأم في أثناء اللعب وتغيّر أنماط النوم. كما أشار الباحثون إلى أن نقص الحديد عند الرُّضَّع يمكن أن يؤدي إلى ميول سلوكية تؤثّر في الثقة والتفاعلات الاجتماعية لديهم، والقلق إذا حدث النقص في وقت مبكّر جداً من حياتهم أو إذا ما امتدّ لفترة طويلة.
- لدى البالغين: الاضطرابات الذُّهانية والخلل الوظيفي الإدراكي المعقد، وأعراض الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم.
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل حول الأغذية المعززة لصحة الدماغ
وختاماً، جديرٌ بالذّكر إنَّ نقص الحديد هو نقص غذائي منتشر في أنحاء العالم جميعها، وله عواقب بعيدة المدى على الصحة النفسية؛ إذ قد تمتد أعراض نقص الحديد النفسية إلى مراحلَ حرجة من التطوّر تشمل العجز الإدراكي والسلوكي طويل الأمد. علاوة على ذلك، فإن الصلة بين نقص الحديد ونوعية النوم تضيف بُعداً آخر لفهمنا كيفية تأثير هذا النقص في جودة حياة الأفراد.