ملخص: تُعد الهلوسة الفكرية واحدة من أكثر الاضطرابات إزعاجاً وإرهاقاً للمريض وأسرته، فهي تتمثل في رؤية أشياء غير موجودة فعلياً أو سماعها أو شمها أو تذوقها أو لمسها، وتختلف الهلوسة عن الضلالات وكذلك الأوهام، وتقف وراء الإصابة بها عدة أسباب؛ منها أسباب مؤقتة مثل الإصابة بارتفاع درجة الحرارة أو الجفاف الشديد، أو أسباب دائمة مثل الإصابة بالفصام أو اضطراب ثنائي القطب. وتظهر على المصاب عدة أعراض؛ منها رؤية الأشياء حوله تتحرك أو الشعور بملمس شيء غير حقيقي، وتكون الخطوة الأولى لعلاجها بالتشخيص الصحيح لوصف الدواء المناسب؛ كما من المهم أن يتبع المحيطون بالمريض بعض الإرشادات العملية التي يستعرضها المقال.
تتمثل الصورة الرائجة عن الهلوسة الفكرية في أن المصاب بها يرى أشياء غير موجودة بالفعل؛ لكنها رغم شيوعها تُعد قاصرة، فهناك أشكال أخرى للهلوسة مثل أن يشم المصاب روائح غير موجودة في محيطه أو يلمس أشياء ليست حقيقية، ذلك أنها ترتبط بمختلَف الحواس مثل البصر والشم واللمس والتذوق.
وتتنوع الأسباب التي تقف وراء الإصابة بالهلوسة الفكرية، وكذلك تنقسم أعراضها وفقاً لكل نوع منها؛ لكن في النهاية يمكن علاجها بعد تشخيصها بالطريقة الصحيحة التي نستعرضها في مقالنا.
ما هي الهلوسة الفكرية؟
يعرّف الطبيب النفسي السعودي علي جابر السلامة الهلاوس بأنها إدراك ما هو غير موجود بالحواس؛ مثل أن يرى الشخص شيئاً غير موجود أو يسمع صوتاً غير موجود أو يشتم روائحَ غير موجودة أو يتذوق طعماً غير موجود أو يلمس شيئاً أو يشعر بملمس شيء غير موجود فعلياً.
ويؤكد السلامة إن الهلاوس مؤشر إلى وجود مرض في الغالب يكون عقلياً وليس عصابياً؛ مثل الفصام واضطراب ثنائي القطب وبخاصة في حالاته الشديدة وكذلك الاكتئاب الذهاني؛ كما يمكن أن تظهر مع بعض الحالات العضوية مثل التسمم بمادة كيميائية كالمخدرات أو كآثار جانبية لبعض الأدوية.
ويفرق الطبيب النفسي المصري محمود الوصيفي بين الهلاوس المرضية والهلاوس الطبيعية، فالأخيرة يمكن أن تحدث في أثناء النوم أو بعد الاستيقاظ مباشرةً، فخلال الدقائق الأولى قبل النوم أو الدقائق الأولى بعد الاستيقاظ قد تظهر هلاوس تستمر لدقائق وتختفي بمجرد اكتمال درجة الوعي واليقظة لدى الشخص.
كما يمكن أن تظهر الهلاوس المؤقتة بعد إجراء العمليات الجراحية التي استوجبت تخدير المريض، وتختفي عند عودة المريض إلى وعيه.
ويوجد أيضاً فرق بين الهلاوس والضلالات وفقاً لموقع كليفلاند كلينك (Cleveland Clinic) الطبي؛ يتمثل في أن الهلاوس تجربة حسية ترتبط برؤية شيء غير موجود أو سماعه أو تذوقه أو شمه أو لمسه، بينما الضلالات معتقدات راسخة غير صحيحة، فمثلاً قد يعتقد الشخص أنه يمتلك قوىً خارقة أو أنه مستهدَف من جهات تريد تسميمه على الرغم من وجود أدلة كثيرة تنفي معتقداته.
أما الفرق بينها وبين الأوهام فيكمن في أن الأخيرة تفسير خاطئ لمدخل حسي؛ بمعنى أنه شيء موجود ضمن البيئة في الحقيقة لكن الشخص يفسره بصورة خاطئة؛ كأن يرى حقيبة سوداءَ موضوعة على النافذة وكأنها قطة سوداء لكن بتفحُّصها سيدرك أنها حقيبة وليست قطة.
اقرأ أيضاً: عندما يختلط الخيال بالواقع: كل ما تود معرفته عن التفكير الوهمي
ما أسباب الهلوسة الفكرية؟
تنقسم أسباب الهلوسة الفكرية بحسب موقع كليفلاند كلينك إلى أسباب مؤقتة وأخرى دائمة، وتشمل الأسباب المؤقتة:
- المرور بمرحلة ما قبل النوم أو ما بعد الاستيقاظ.
- تعاطي بعض أنواع المخدرات مثل الماريجوانا أو الكوكايين أو الهيروين أو الكيتامين أو الأمفيتامينات، أو شرب الكحوليات.
- ارتفاع درجة الحرارة وبخاصة عند الأطفال والمسنين.
- الجفاف الشديد.
- الحرمان من النوم.
- الصداع النصفي.
- التعرض لصدمة نفسية.
- المعاناة من ألم شديد.
- الحزن.
- مرحلة الإفاقة بعد العمليات الجراحية.
- تناول بعض الأدوية التي تكون الهلوسة من آثارها الجانبية.
أما الأسباب الدائمة فأهمها:
- الإصابة باضطراب الفصام.
- الإصابة باضطراب ثنائي القطب.
- الإصابة بالاكتئاب الذهاني.
- الإصابة بداء باركنسون.
- الإصابة بآلزهايمر.
- الإصابة بمرض الصرع.
- الإصابة بمرض النوم القهري.
ما أعراض الهلوسة الفكرية؟
يوجد العديد من الأعراض للهلوسة الفكرية وفقاً لموقع ويب إم دي الطبي (WebMD)؛ ومنها:
- رؤية أشياء غير موجودة على أرض الواقع.
- رؤية هلال متعدد الألوان من الضوء، أو بقع أو أشكال ضوئية.
- رؤية الأشياء من حول الشخص تتحرك.
- سماع أصوات من داخل العقل أو خارجه تتحدث مع بعضها بعضاً أو إلى الشخص، وتطلب منه القيام بأفعال معينة في بعض الأحيان.
- الشعور بملمس شيء غير حقيقي مثل زحف حشرة على اليد أو على الوجه.
- شم روائح غير موجودة في المحيط من حول الشخص، أو روائح آتية من جسمه.
- الشعور بمذاق غير مطابق لما يأكله أو يشربه.
كيف يمكن علاج الهلوسة الفكرية؟
يبدأ تشخيص الهلوسة الفكرية بحسب موقع ويب إم دي بوصول الطبيب إلى سبب الهلوسة عن طريق الاطلاع على التاريخ الطبي للمريض وإجراء فحص بدني وتدوين الأعراض المرافقة للهلوسة، وقد يحتاج المريض في خطوة التشخيص إلى إجراء بعض الاختبارات مثل التخطيط الكهربائي للدماغ، للتأكد من عدم وجود أنماط غير معتادة للنشاط الكهربائي فيه؛ كما قد يُجري تصويراً بالرنين المغناطيسي للتأكد من عدم وجود أورام في المخ.
وبعد تشخيص الطبيب للمريض، سيصف له الدواء المناسب لحالته والذي يكون إما دواء علاج الانفصام أو الخرف لمرضى آلزهايمر، أو مضادات الاختلاج لمرضى الصرع، أو حاصرات مستقبلات بيتا للمصابين بالصداع النصفي، أما في حالة المصابين بداء باركنسون فتوصف لهم مضادات الذهان التي تعالج الهلوسة والأوهام.
وهناك واجب مهم يقع على عاتق الأشخاص الذين يعيشون مع شخص مصاب بالهلوسة الفكرية يتمثل في اتباع بعض الإرشادات العملية؛ وأبرزها:
- الانتباه إلى البيئة المحيطة به، فمثلاً قد يؤدي ضعف الإضاءة في الغرفة والفوضى إلى زيادة احتمالية حدوث الهلاوس، وفي حال كانت تلك الهلاوس مرتبطة بالنظر إلى المرايا فمن الضروري حينها تغطيتها.
- عدم مجادلة من يعاني الهلوسة أو الرد عليه وتصحيح أفكاره، لأن ذلك سيعود بنتائج عكسية ويؤدي إلى ارتفاع حدة هلوسته وتوتره.
- بث الطمأنينة في نفسه قدر الإمكان وتوضيح أن معاناته محل اهتمام.
- محاولة تشتيته وإلهائه قدر الإمكان عن مصدر هلوسته بالمحادثة أو الاستماع إلى الموسيقا أو الانتقال إلى غرفة أخرى.
- المحافظة على روتينه اليومي قدر الإمكان فهذا سيقلل احتمالية تعرضه للهلوسة.
اقرأ أيضاً: دليلك لفهم مرض انفصام الشخصية
أخيراً، من المهم أن يعرف الأشخاص الذين يعانون من الهلوسة الفكرية أو أسرهم، أن تجنُّب العلاج يمكن أن يزيد خطورة أعراض الهلوسة وإرهاقها للمريض، لذا ينبغي البدء في رحلة العلاج في أقرب فرصة حتى لا تتفاقم الحالة.