هل يساعد تعويض علاقة بأخرى على التعافي من ألم الانفصال؟

3 دقائق
العلاقات التعويضية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لا شك في أن الانفصال يمثّل بالنسبة إلى البعض صفعة قوية وأزمة عنيفة ومؤلمة، ومفاجئة في بعض الأحيان، وتترك في النفس جرحاً لا يندمل إلا بعد فترة من الزمن. وكما يقول المثل فإن: "الحب الجديد يطرد الحب القديم"؛ لكن هل العلاقات التعويضية جيدة بالضرورة في هذه الفترة المؤلمة؟ وهل تستطيع أن تضمد جراحنا؟ وهل العلاقة التعويضية التي تعني الدخول طواعيةً في علاقة عاطفية هي الاختيار الصحيح؟ تجيبنا عن هذا السؤال المحللة النفسية المعروفة، فابيان كرامر (Fabienne Kraemer).

لا شك في أن الانفصال يمثّل للبعض صفعة قوية وأزمة عنيفة ومؤلمة، ومفاجئة في بعض الأحيان، وتترك في النفس جرحاً لا يندمل إلا بعد فترة من الزمن. ولا عجب في ذلك، فالانفصال يقلب كل شيء رأساً على عقب، وعندما يختفي الحب من حياتنا يكون من الصعب أن نعود إلى المسار الصحيح لفترة طويلة من الزمن. ولكن هل العلاقة التعويضية التي تعني الدخول طواعيةً في علاقة عاطفية مع شخص آخر لنسيان حبيبك السابق هي الاختيار الصحيح؟ تجيبنا عن هذا السؤال المحللة النفسية المعروفة، فابيان كرامر (Fabienne Kraemer).

عندما يغرق المرء في دوامة الأحزان، تتدافع إلى رأسه مئات الأسئلة: ماذا فعلت؟ وكيف سأخرج من هذه الدوامة؟ وفي ظل الفراغ الذي تركه شريك حياتك السابق، قد يبدو لنا أن البحث عن الراحة مع شخص آخر هو العلاج الوحيد المتاح. وإذا كانت كل حالة انفصال تختلف عن الأخرى، فإن البعض يحتاج إلى عدة أسابيع أو شهور أو حتى سنوات للتعافي لأن الانفصال لا ينطوي فقط على توديع شخص عادي كان موجوداً في حياتنا؛ بل ينطوي أيضاً على توديع رفيق دربنا وعاداتنا وحياتنا الزوجية المليئة بالحب والذكريات وكل السعادة التي لطالما شعرنا بها من خلال تلك العلاقة. ومن الآن فصاعداً سنحكي تفاصيل علاقتنا باعتبارها تاريخاً ولى ومضى، وهذا أمر يصعب قبوله.

وكما يقول المثل فإن "الحب الجديد يطرد الحب القديم"؛ لكن هل العلاقات التعويضية جيدة بالضرورة في هذه الفترة المؤلمة؟ وهل تستطيع أن تضمد جراحنا بسهولة؟ توضح المحللة النفسية ومؤلفة كتاب "21 سراً للتريُّث في الحب" (21 clés pour l’amour slow)، فابيان كرامر: "لا شك في أن الشخص الذي نلتقيه بعد انفصال مؤلم، هذا الشخص الذي يضمّد جراحنا، سيساعدنا على تجاوز ألم الانفصال ويعيننا على التعافي منه بسهولة".

ومثلما نستخدم الضمادة لعلاج جراحنا، فقد تساعدنا العلاقات التعويضية على استعادة الثقة في أنفسنا والتخفيف من حدة آلام الانفصال. ولكن لكي تكون هذه العلاقة إيجابية ومستمرة، ما يزال يتعين علينا أن نكون واضحين بشأن الأسباب التي تحفزنا على الدخول فيها.

عزّز ذاتك

حينما تتعرّض للهجران وتجد نفسك وحيداً بين عشية وضحاها، فإن هذا قد يتسبب في فقدان ثقتك بنفسك، فقد يجعلك الانفصال تشك في نفسك وتفقد شعورك بهويتك. وسيساعدك العثور على شريك حياة جديد بعد الانفصال مباشرةً على استعادة الثقة بنفسك والشعور بأنك لا تزال مرغوباً،

ومن ثم فإن هذه العلاقة الجديدة ستمدك بالطاقة والحيوية للانطلاق من جديد في الحياة. وتضيف فابيان كرامر: "ستسمح لك هذه العلاقة بتجاوز أزمتك لأنك ستتخلى حينها عن علاقتك القديمة وتسمح لنفسك بالدخول في علاقة جديدة؛ وبالتالي سيكون بمقدورك التمييز بين ما قبل الانفصال وما بعده؛ ما سيسمح لك بالمضي قدماً".

الانتقام من شريكك السابق

من المعروف أن الشعور بالضغينة يورث العناد؛ كما أن شعور المرء بالخذلان، أو حتى شعوره بخذلانه لشريك حياته السابق، يترك دائماً إحساساً بالمرارة. ولربما يرسل الدخول في علاقة مع شخص جديد رسالة إلى زوجك السابق مفادها: "انظر، أنا لست بحاجة إليك، لقد وجدتُ شخصاً أفضل منك". وتعمل العلاقات التعويضية أيضاً على جعل زوجك السابق يشعر بالغيرة، ويتم تضخيم تأثير هذه العلاقات في ظل وجود الشبكات الاجتماعية، وهكذا فإن الأمر لا يخلو من التلاعب بمشاعر الآخرين.

هل هي علاقة محكوم عليها بالفشل؟

إذا كنت ترغب في منح هذه العلاقة الجديدة فرصة للنجاح، فأهم شيء هو أن تكون صادقاً مع نفسك ومع الشخص الذي سيشاركك حياتك.

تقول فابيان كرامر: "قد تدوم العلاقة التعويضية ولكنها لن تكون علاقة عاطفية بل علاقة عقلانية، غير أن العلاقات العقلانية ليست سيئة في حد ذاتها، فحينما تدخل في علاقة عقلانية، فإن هذا سيسمح لك بإظهار شخصيتك الحقيقية. كما أن هذا النوع من العلاقات ينطوي على اتفاق ضمني بعدم جعل أيٍّ من الطرفين يعاني أزمات نفسية؛

لكن احذر من الأشخاص الذين قد يحاولون دون وعي تكرار نمط الحب ذاته. فعندما يدخل أحدهم في علاقة جديدة مع امرأة تشبه إلى حد كبير زوجته السابقة، فإن العلاقة التعويضية ستكون عندئذٍ محكومةً بالفشل لأنها ستمنعهما من التخلُّص من أحزان العلاقة السابقة".

وتنصح فابيان كرامر: "حينما تدخل علاقة تعويضية، فعليك أن تسأل نفسك: هل أريد أن أستمر في هذه العلاقة؟ وهل تستطيع شريكة حياتي الجديدة أن تعكس شخصيتها الحقيقية؟ وهل تتحدث معي عن المستقبل، أم بالعكس لا ترى أن مستقبلها معي؟ وإذا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة "نعم"، فأنت على الطريق الصحيحة"!

المحتوى محمي