تعرف إلى أهم 6 أنواع من الإدمان السلوكي وكيفية التخلص منها

5 دقائق
الإدمان السلوكي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: في حين يرتبط لفظ الإدمان بالمخدرات والكحول، يوجد أنواع آخرى من الإدمان يدفع الفرد إلى سلوكيات اندفاعية وقهرية للحصول على الإشباع والسعادة قصيرة المدى التي تنتج من هذا السلوك. وبينما تبدو هذه السلوكيات غير خطِرة عند ممارستها بقدر محدود، فإنها تصبح إدماناً ذا عواقب سلبية خطِرة عندما يفقد الفرد قدرته على التحكم فيها. فما أشهر أنواع الإدمان السلوكي؟ وكيف يمكن التخلص منها؟
على الرغم من شعورنا بقدر كبير من التحكم في تصرفاتنا وردود أفعالنا أحياناً، قد لا نقوى على تحكّم فعلي بها في حال تعرّضنا لبعض المحفزات التي تثير في دواخلنا استجابات بعينها. وعندما نشعر أن هذا السلوك يؤدي إلى شعور جيد ومشيع؛ نكرره مرراً حتى نفقد القدرة على السيطرة عليه ويصبح هو المتحكم فينا، فيما يُعرف بالإدمان السلوكي.

ما هو الإدمان السلوكي؟

يُعرَّف الإدمان السلوكي بأنه رغبة شديدة في تكرار بعض الأفعال أو الممارسات التي تجلب المتعة للفرد أو تساعده على تخفيف بعض الضيق النفسي، على الرغم من الوعي بأن مثل هذا الفعل قد تكون له عواقب سلبية بحسب دراسة من جامعة تكساس الأميركية.

ويحاكي هذا السلوك والنمط المتكرر من الأفعال التي تستحيل التزاماً يصعب تغييره، السلوك الإدماني ويُنتج نشاطاً مشابهاً في الدماغ لما يظهر في إدمان المخدرات والكحول.

4 سمات مميزة للإدمان السلوكي

يشير الخبراء من مراكز الإدمان الأميركية (American Addiction Centers) إلى أن ما يميز الإدمان السلوكي عن غيره من الممارسات والسلوكيات هما طبيعته القهرية وصعوبة تغييره؛ حيث تفوق أهمية الحصول على المكافأة من الناحية النفسية أو الانتشاء الناتج منها لدى الفرد الشعور بالذنب الذي قد ينتابه لاحقاً.

وعندما يصبح السلوك ملحّاً بطبيعته، يتسبب في مشكلات الصحة الجسدية والنفسية ويصبح الفرد غير قادر على التوقف عنه دون علاج أو مساعدة متخصصة.

وتظهر السمات المميزة للإدمان السلوكي عن غيره من السلوكيات كما يلي:

  1. المعاناة من مشكلات في الصحة النفسية أو البدنية نتيجة السلوك أو عدم القدرة على التوقف عن ممارسته؛ مثل الانعزال وصعوبة تكوين علاقات اجتماعية صحية في حالة إدمان الإنترنت.
  2. مواجهة الصعوبات في العلاقات المهمة في المنزل أو العمل بسبب السلوك المضطرب للغاية؛ كما هي الحال في إدمان ألعاب الفيديو والهروب للعالم الافتراضي.
  3. المعاناة من عواقب سلبية أخرى ناتجة مباشرةً من المشاركة المستمرة في السلوك؛ مثل الاستدانة في حالة إدمان التسوق.
  4. عدم القدرة على التوقف عن الانخراط في السلوك على الرغم من هذه العواقب.

أهم أنواع الإدمان السلوكي

تتعدد أنواع الإدمان السلوكي وتشمل أنواعه ما يلي:

1. إدمان الإنترنت

يمكن تصنيف استخدام الإنترنت إدماناً عندما ينطوي على فقدان السيطرة على استخدامه ويصبح الفعل أو الرغبة عائقاً أمام ممارسة الفرد لحياته الاجتماعية والمهنية بشكل جيد. وقد ينخرط هذا الفرد في تكوين علاقات عبر الإنترنت ويحاول الحفاظ عليها مع إخفاء هويته الحقيقية، ويهمل على الجانب الآخر الأسرة والأصدقاء في الحياة الواقعية.

يؤدي ذلك إلى فقدان الشخص المهارات الاجتماعية، وتتكوّن لديه توقعات غير واقعية فيما يتعلق بالتفاعلات الشخصية فيصبح أكثر اعتماداً على علاقاته الإلكترونية.

اقرأ أيضاً: هندسة إدمان منصات التواصل الاجتماعي

2. إدمان التسوق

تظهر العلامات العاطفية لإدمان التسوق في إخفاء فواتير بطاقات الائتمان أو أكياس التسوق أو الكذب بشأن المشتريات وتكلفتها الحقيقية. ويتضمن بعض الأعراض العاطفية الأخرى لهذا النوع من الإدمان السلوكي ما يلي:

  • الإنفاق أكثر مما يستطيع الفرد تحمله.
  • التسوق كرد فعل للشعور بالغضب أو الاكتئاب.
  • التسوق كوسيلة لتقليل الشعور بالذنب تجاه عملية الشراء السابقة.
  • فقدان السيطرة على سلوك التسوق والإنفاق.

وتشمل الآثار قصيرة المدى لإدمان التسوق الشعور بالسعادة فور الانتهاء من رحلة تسوق، ثم سرعان ما تختلط بمشاعر القلق أو الذنب، وفي معظم الحالات قد تسبب هذه المشاعر عودة الشخص إلى المتجر لمزيد من التسوق!

في هذا السياق، يشير استشاري الطب النفسي والإدمان إبراهيم حمدي إلى إدمان التسوق الإلكتروني كأحد أنواع الاضطرابات الاندفاعية الذي يشعر فيه الفرد بدافع أو حافز قوي لشراء المنتجات ويراها على أنها فرصة جيدة لاقتنائها، ثم يندم على ذلك لاحقاً ويشعر أنه أضاع نقوده على مشتريات غير مهمة. ويضيف إن هذا النوع من الإدمان السلوكي يشبه اضطراب القمار ويظهر بشكل أكبر لدى النساء من الرجال.

3. إدمان ألعاب الفيديو

في حين لا يبلغ هذا النوع من الإدمان السلوكي خطورة الأنواع الأخرى نفسها؛ إلا أن إدمان الهروب من الواقع والانغماس في واقع افتراضي توفره ألعاب الفيديو قد يؤدي إلى تعطيل قدرة الشخص على التواصل بشكل إيجابي مع الآخرين وإقامة علاقات صحية، بالإضافة إلى صعوبة اتخاذ خيارات تدعم صحته الجسدية والنفسية؛ مثل تناول الطعام بانتظام أو الذهاب إلى الطبيب.

وقد ينتهي الأمر بمن يعانون من هذا النوع من الإدمان السلوكي ولا يتلقون العلاج إلى عزل أنفسهم تماماً عن العالم الحقيقي، فيفقدون قدرتهم على العمل والبقاء مع العائلة وتحقيق أي أهداف خارج عالم ألعاب الفيديو.

اقرأ أيضاً: "كاندي كراش": إدمان سكريات من نوع آخر

4. إدمان عمليات التجميل

يرغب الأفراد في هذه الحالة بإجراء عمليات التجميل لتغيير مظهرهم باستمرار، وغالباً تنشأ الرغبة في إجراء هذه الجراحات التجميلية من الشعور بعدم الأمان أو الرضا عن المظهر الخارجي.

وكما هي الحال مع أي إدمان؛ يبدأ إدمان الجراحة التجميلية بتجربة أولية إيجابية يشعر بعدها الفرد بتحسّن بشأن مظهره ليقرر بعدها إجراء جراحة أخرى لتصحيح "عيب" آخر. وبمجرد أن تصبح الجراحة التجميلية هي الحل للتصور السلبي للذات، يدور الفرد في الدائرة المفرغة لإدمان عمليات التجميل والاعتماد عليها كمصدر لتحسين تقديره لذاته.

5. إدمان الطعام

بينما يلجأ كثيرون إلى تناول الطعام بدافع الملل أو المتعة الخالصة، يعاني الأشخاص المصابون بإدمان الطعام من فقدان القدرة على التحكم في سلوكياتهم القهرية في تناول الطعام؛ حيث يميلون إلى اشتهاء الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر أو الملح، وغالباً ما يصفون شعورهم "بالنشوة" خلال الانخراط في هذا النشاط.

بالإضافة إلى ذلك، قد يحتاج الأشخاص المدمنون على الطعام إلى زيادة كمية الطعام التي يتناولونها للحصول على ذلك الإحساس الجيد الذي يسعون إليه؛ كما هي الحال في تعاطي المخدرات والكحول. وقد يعاني الأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي من هذا النوع من الإدمان السلوكي إلى جانب من يعانون من السمنة.

6. إدمان الجنس

يشير إدمان الجنس إلى أي نشاط جنسي خارج عن السيطرة لتخدير أي مشاعر سلبية وتجارب صعبة، ويشمل ممارسة الجنس مع الشريك أو أي أنشطة جنسية أخرى مثل مشاهدة المواد الإباحية أو ممارسة العادة السرية. بالنسبة إلى معظم الناس، لا تسبب هذه السلوكيات أي مشكلات خطِرة؛ لكن قد يفقد بعض الأفراد القدرة على التحكم في هذه المحفزّات والأفعال على الرغم من الصعوبات التي قد تسببها في علاقاتهم.

كيف أتخلص من الإدمان السلوكي؟

يُظهر العديد من البرامج المستخدمة في علاج إدمان المخدرات أو الكحول فعاليته في علاج الإدمان السلوكي، ويجب أن يوفر برنامج علاج الإدمان السلوكي الفعال ما يلي:

  • دعم التخلص من السموم: قد يختبر الأفراد في بداية العلاج الأرق والذعر ونوبات الغضب والصداع وغيرها من أعراض الانسحاب الناتجة من التوقف عن الانغماس في السلوك الإدماني، لذلك يساعد الدعم خلال هذه الفترة الانتقالية هؤلاء الأشخاص في التركيز على النمو والشفاء.
  • التشخيص والتقييم: كما هي الحال مع إدمان المخدرات؛ توجد غالباً اضطرابات متزامنة قد تؤثر في استمرار الإدمان السلوكي وتقلل قدرة الشخص على التعافي. يمكن أن تساعد عملية التقييم الشامل على تحديد أي مشكلات متزامنة للإدمان واضطرابات الصحة النفسية التي قد تؤثر في تجربة الشخص مع الإدمان السلوكي.
  • خطة العلاج: يتم اختيار مجموعة فريدة من العلاجات بناءً على تقييم الشخص ونتائج التشخيص الأولي والظروف الشخصية ومستوى الراحة وأهداف التعافي الحالية والمستقبلية.

وتشير اختصاصية علم النفس إليزابيث هارتني (Elizabeth Hartney) في مقالها إلى أن طرائق علاج الإدمان السلوكي تشمل:

  • العلاج المعرفي السلوكي.
  • العلاج الجماعي.
  • الأدوية.
  • مجموعات المساعدة الذاتية.
  • جلسات العلاج الشخصية وجلسات العلاج الأسري مع الشخص الخاضع للعلاج.

وتضيف هارتني إنه قد يكون من الصعب على الشخص الاعتراف لنفسه بهذا السلوك القهري الذي يسيطر عليه ويُفقده القدرة على السيطرة، لذلك قد يكون من الصعب عليه أيضاً الاعتراف لشخص آخر بما يمر به وبخاصة إذا كانت المشكلة غير مفهومة جيداً ولا يتم أخذها على محمل الجد من قبل الأصدقاء والعائلة.

لذلك يمكن أن يساعد فهم مراحل التغيير الشخص على أن يكون أكثر لطفاً مع نفسه في حال عدم استعداده لطلب المساعدة من شخص آخر.

وأخيراً، من المهم أن يتأكد الفرد من أن سلوكه لا يؤذيه أو يؤذي من حوله، وحتى إذا كان لا يريد إخبار الآخرين عن مشكلته، فلا يجب أن يكذب على المقربين إليه.

المحتوى محمي