ملخص: يميل الأشخاص المصابون باضطرابات القلق، وبالتحديد أولئك الذين يعانون من الخوف من الهَجْر ويواجهون صعوبات في منح الثقة للآخرين، إلى تكوين ذكريات زائفة نتيجة طريقتهم الخاصة في رؤية المواقف التي تحدث من حولهم. إن للطريقة التي نبني بها ذكرياتنا صلة وثيقة بأنماط شخصياتنا، إذ يحصل أن يعيش أفراد عائلة الحدث نفسه غير أن كلاً منهم يسترجعه بطريقة خاصة ومختلفة عن الآخر. وكشفت دراسة أميركية حديثة أجراها مجموعة من الباحثين الأميركيين الأسباب التي تقف خلف ذلك، ونعرضها لكم في هذا المقال.
خلصت دراسة أميركية حديثة إلى أن الأشخاص المصابين بالقلق يُعدّون الأكثر عرضة للذكريات الزائفة، فللطريقة التي نبني بها ذكرياتنا صلة وثيقة بأنماط شخصياتنا إذ يحصل أن يعيش أفراد عائلة الحدث نفسه غير أن كلاً منهم يسترجعه بطريقة خاصة ومختلفة عن الآخر. وقد كشفت هذه الدراسة الحديثة التي أجرتها مجموعة من الباحثين الأميركيين الأسباب التي تقف خلف ذلك، ونعرضها لكم في هذا المقال.
آثار القلق الوخيمة في الذاكرة
يميل الأشخاص المصابون باضطرابات القلق، وبالتحديد أولئك الذين يعانون من الخوف من الهَجْر ويواجهون صعوبات في منح الثقة للآخرين، إلى تكوين ذكريات زائفة نتيجة طريقتهم الخاصة في رؤية المواقف التي تحدث من حولهم. وفي هذا السياق، عمدت خلية بحث في جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأميركية إلى التعمق في هذه النظرية، وقد نُشرت خلاصة هذه الأبحاث بعدد نوفمبر/ تشرين الثاني من مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology) لسنة 2022.
وفيما يلي بعض الإحصائيات التي قدمها مدير تطبيق السلامة النفسية هيدسبيس (Headspace)، جيمس ماك إرلن (James McErlean):
1. تطوف ببالنا قرابة 70,000 فكرة في اليوم الواحد.
2. شخص من كل ستة سيُصاب مستقبلاً بالقلق أو الهشاشة النفسية.
(المصدر: مؤسسة هب (HUB Institute) بتاريخ يونيو/ حزيران من عام 2019).
وفي إطار هذه الدراسة، فقد درس الباحثون عينتين من المشاركين. طُلب من العينة الأولى مشاهدة مقطع فيديو لشخص يتحدث، فيما استقبلت العينة الثانية المعلومات نفسها غير أنها صادرة من مقطع صوتي. اجتازت الفئتان فيما بعد اختبار ذاكرة كشفت نتائجه أن المشاركين الذي يعانون خوفاً من الهَجْر وشاهدوا مقطع الفيديو يميلون إلى بناء ذكريات غير صحيحة؛ إذ ترصد الدراسة أن: "الأشخاص الذين يعانون من التعلق القلِق يملكون حساسية مرتفعة تجاه التعابير الشعورية التي يبديها الآخرون حيث يميلون إلى تأويلها بطريقتهم الخاصة".
التحليل المبالغ فيه لتعبيرات الوجه
وعن هذه الفئة محل التحليل يقول أحد الباحثين في الدراسة؛ الدكتور ناتان هودسن (Nathan Hudson): "لقد غالَوْا في تحليل ما يُقال في مقاطع الفيديو تلك". ذلك أن الخوف من الهَجْر وآراء الآخرين دفعوا بهم إلى المبالغة في تحليل تعبيرات وجوه مخاطبيهم ونظراتهم ما جعلهم يحرفون في النهاية الذكرى نفسها؛ حيث اختلطت المقاطع التي عُرضت عليهم بمشاعرهم الخاصة لتتولد عنها ذكريات زائفة. وقد خلص الباحثون إلى أن العقل البشري يعمد إلى "تجميع معلومات مُجتزأة من تجارب كثيرة خضناها، وهكذا حين نحاول استرجاع ذكرى معينة، فإنه يقوم بدمج المعلومات المخزنة سابقاً مع بعضهما بعضاً ليخرج لنا بأفضل تخمين لما حصل. وكما يظهر جلياً، فإن هامش الخطأ في أثناء هذه العملية كبير للغاية". وتجدر الإشارة إلى أن هذا البحث يُعد أول دراسة علمية تتناول الرابط بين تأثير شخصية الفرد واضطرابات القلق لديه في قدرته على تذكّر المواقف وتحليلها بالشكل الصحيح.