ملخص: عندما يلاحظ الأبوان أن ابنهما المراهق تظهر عليه سلوكيات خطرة مثل تعاطي الكحول أو المواد المخدرة أو حتى محاولة الانتحار فإن أسوأ ما يمكنهما فعله هو استخدام القسوة معه. يقول الطبيب النفسي ديفيد غوريون (David Gourion): "نميل أحياناً إلى تجاهل المشكلة التي نواجهها لنطمئن أنفسنا؛ لكن على الوالدين ألا يستهينا بالأزمات النفسية للمراهقين أو يحاولا إيجاد تفسيرات سطحية لها". في هذا المقال سوف يعرفنا ديفيد غوريون على النصائح المثلى للتعامل الصحيح مع الأزمات النفسية للمراهقين وتجاوز هذه المرحلة بهدوء.
عندما يلاحظ الأبوان أن ابنهما المراهق انطوائي أو تظهر عليه سلوكيات أكثر خطورة مثل تعاطي الكحول أو المواد المخدرة أو حتى محاولة الانتحار، فإن أسوأ ما يمكنهما فعله وفقاً للطبيب النفسي ديفيد غوريون (David Gourion) هو استخدام الشدة والقسوة معه، وهو يقدم فيما يلي نصائح للوالدين حول الطريقة الأمثل للتعامل مع الموقف.
لا تقلل من أهمية الأزمة
يقول ديفيد غوريون: "نميل أحياناً إلى تجاهل المشكلة التي نواجهها لنطمئن أنفسنا؛ لكن على الوالدين ألا يستهينا بالمعاناة النفسية لابنهما المراهق أو يحاولا إيجاد تفسيرات سطحية لها. الخطوة المهمة التالية لفهم حجم معاناته هي التحاور معه؛ إذ يقول لي الكثير من الآباء: "لا أعرف كيف أتقرب من ولدي للتحدث إليه عن مشكلاته النفسية فأنا أخاف رد فعله جداً"، وأنا أنصحهم في هذه الحالة بالتقرب تدريجياً من المراهق عبر طرح أسئلة بسيطة عليه من قبيل: "لا تبدو على ما يرام، أظن أنك حزين، ما الذي يحدث معك"؟ إذا لاحظت من كلامه في أثناء الحديث أن لديه ميلاً للأفكار السوداوية فمن المهم أن تسأله: "هل فكرت في الموت من قبل"؟ فإذا كان يفكر في الموت ولديه أفكار انتحارية، يمكن للحديث عن الأمر أن يُشعره براحة كبيرة، وهنا عليك أن تعرف سبب تفكيره في الموت ومدى جدية أفكاره الانتحارية وإذا لزم الأمر اقترح عليه اصطحابه إلى طبيب نفسي على الفور".
استشر طبيباً أو معالجاً نفسياً
"إذا رفض ابنك رؤية طبيب نفسي فإنني أوصي بأن تذهب بنفسك لتشرح للطبيب الأعراض التي يعانيها. بالتأكيد لن يُجري الطبيب تشخيصاً عن بعد ولكن يمكن أن يقدم نصائح فعالة حول ما يجب أن تقوله للمراهق وكيف تتصرف معه، وكيف يمكنك أن توضح له حجم الصعوبات التي يواجهها لإقناعه بتلقي العلاج. من الأفضل أن يجتمع الوالدان معاً عند الطبيب النفسي، فعندما يدرك كلاهما مزايا العلاج النفسي سيكونان أكثر قدرةً على إقناع ابنهما به. ولأن الأمر قد لا يكون بهذه السهولة فإن على الوالدين أن يتماسكا ويتسما بالحزم اللازم لاتخاذ القرار بعرض ابنهما على معالج نفسي، وأن يفترضا أنه مصاب بمرض خطير كالسكري مثلاً، فهما في هذه الحالة لن يتركا له حرية اختيار إذا كان يريد تلقي العلاج أو لا".
تعاطي المراهق للكحول والمواد المخدرة
"المشكلة الأخطر هي أن يتجه المراهق الذي يعاني أزمة نفسية نحو تعاطي الكحول والمواد المخدرة، فكيف يمكن للأبوين التعامل مع هذا الموقف الحساس؟ يجب أن يسلم الأبوان بأن الحالة بحاجة إلى تدخل مختص، فثمة خبراء في مسائل الإدمان يمكنهم أن يقدموا المشورة لهما ويقفوا على حالة المراهق لمعرفة مدى خطورتها. يستخدم الأطباء اختبارات بسيطة لمعرفة مدى اعتماد المراهق على الكحول أو المواد المخدرة، وإذا ظهر أنه يعجز عن النوم دون تناول هذه المواد أو أنه يتعاطاها ليخفف مشاعر القلق، وتزامن ذلك مع تراجع مستواه الدراسي، فإن ذلك يشير إلى أنه دخل مرحلة الإدمان".
حافظ على تماسكك كوالد
"حافظ على تماسكك في ظل هذا الوضع ولا تلجأ إلى استخدام الشدة مع المراهق لأنه إذا كان هذا الأسلوب ناجعاً مع الطفل البالغ 12 أو 13 عاماً فإنه سيزيد الأمور تعقيداً في حالة المراهق الذي يبلغ 16 أو 17 عاماً، فقد يؤدي إلى مواقف مؤلمة مثل هربه من المنزل أو خلق جو من العنف داخل الأسرة، وفي النهاية سيكون الوالدان هما الخاسران دوماً. من ناحية أخرى، عليك أن تتحدث لابنك كما يلي: "نحن نعلم أنك تتعاطى هذه المواد بسبب معاناتك النفسية وقد أصبحت مدمناً عليها وستدمر حياتك لذا فأنت بحاجة إلى مساعدة طبية ولا خيار آخر أمامنا"، وهذا هو التفهم والعطف والحزم الذي يجب أن تتوجه به إليه. حذارِ من القسوة، فالأمر يتطلب تواصلاً إنسانياً مع المراهق لإقناعه بقبول تلقي الرعاية وبأهمية هذه الخطوة، بخلاف ذلك فإن قبوله تلقي العلاج تحت الضغط أو التهديد وليس بدافع ذاتي قد يحول دون اندماجه فيه ومن ثم متابعته إلى النهاية. خلال العلاج، نركز على التواصل مع المراهق والتعرف إلى مخاوفه، وعندما يشتكي التعب المزمن وصعوبة التركيز التي تعوقه في دراسته ومختلف الأنشطة الأخرى نساعده على فهم الصلة بين ما يعانيه والمواد التي يتعاطاها وأن هذه المواد هي المشكلة وليست الحل كما يظن، ولا يمكن لذلك أن ينجح إلا في جو يسوده الثقة والاحترام المتبادلان".