ملخص: تُعد العلاقة بين صحتنا النفسية وما نتناوله وثيقة، فيمكن لبعض الأغذية أن يجعلنا نعاني من اضطرابات نفسية! وعلى الناحية الأخرى، يمكن للبعض الآخر منها أن يساعدنا على تحسين صحتنا النفسية. نستعرض في هذا المقال أسوأ الأطعمة لصحتك النفسية والتي تسهم في تدهور نفسيتك، وفي مقدمتها السكريات التي تنتج من الإفراط في تناولها التهابات في الدماغ قد تزيد أعراض الاكتئاب وتُفقد الشخص قدرته على مواجهة الضغط النفسي، وأيضاً الوجبات السريعة التي تزيد نسبة الإصابة بالاكئتاب بمقدار 51%، بالإضافة إلى الأطعمة المصنعة والنشويات البيضاء والكافيين.
عندما نلحظ اضطراب صحتنا النفسية فغالباً نبحث عما دار في أيامنا الأخيرة من أحداث؛ لكننا نغفل بشكل ملحوظ عن حصر الغذاء الذي تناولناه خلالها رغم وجود ارتباط وثيق بين نوعية الطعام والاضطرابات النفسية التي قد تصيب الإنسان.
فوفقاً للطبيبة النفسية المتخصصة في التغذية أوما نايدو (Uma Naidoo)؛ يمكن أن ينعكس تأثير الطعام الصحي في الصحة النفسية إلى درجة اعتباره أحياناً عاملاً مساعداً على تخفيف القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.
وهذا ما يجعلنا نلتفت إلى جانب لا يقل أهمية، ألا وهو تلك الأطعمة غير الصحية التي تعمل عكسياً، فتسهم في إصابتنا بالاضطرابات النفسية وتراجع حالتنا المزاجية، لذلك سنتعرف إليها في هذا المقال.
1. السكريات
يشير المركز الوطني السعودي لتعزيز الصحة النفسية إلى أن فرط تناول السكر يؤدي بالشخص إلى الإدمان، فتأثيره في الدماغ يشبه تأثير المخدرات ما يُفقد الشخص سيطرته على رغبته في تناول السكريات، إلى جانب دوره في تراجع القدرات الإدراكية وانخفاض أداء الذاكرة وسوء المزاج وتقلّبه، وذلك نتيجة أن التحكم في المشاعر ينخفض كلما زاد مستوى السكر في الدم.
وقد توصلت دراسة علمية أجرتها جامعة كانساس الأميركية (University of Kansas) إلى أن تناول السكريات في فصل الشتاء يفاقم أعراض الاكتئاب نتيجة زيادة الالتهاب في الدماغ، وهي دراسة تتماشى نتائجها مع دراسات أخرى أثبتت العلاقة بين فرط تناول السكر والتهابات الدماغ واضطرابات المزاج. ليس هذا فحسب؛ بل إن تناول السكريات بانتظام يضر بقدرة الشخص على التعامل مع الضغط النفسي وفقاً لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا الأميركية (University of California).
وحتى نفهم تأثير السكر في صحتنا النفسية؛ تشرح لنا مختصة التغذية أناغا ديساي (Anagha Desai) ما يحدث في دماغنا عند تناوله، فالبداية تكون بمنع إفراز هرمون التوتر (الكورتيزول) ما يُشعرنا بالهدوء، وفي الوقت نفسه يفرَز هرمون الدوبامين لنشعر بالرغبة في تناول السكريات مع كل حادث يزيد قلقنا أو توترنا. ومع ازدياد استهلاكنا للسكريات، يقل إفراز الدوبامين ويعتمد الدماغ على السكر للشعور بالاسترخاء ما يُنتج حالة من اختلال التوازن تعقبها زيادة القلق، وتفسر الخريطة السابقة لتفاعل السكر في الدماغ أعراض الانسحاب التي تظهر عند التوقف عن تناوله.
2. الوجبات السريعة
ماذا يخطر في بالك عندما يداهمك الجوع فجأة؟ غالباً ستكون الإجابة هي الاتصال بأحد المطاعم التي تعد الوجبات السريعة لتطلب صحن بطاطس مقلية أو وجبة دجاج مقلي أو غيرهما من المأكولات التي ستصل إلى معدتك في أقل وقت ممكن.
لكن المؤسف أنك غالباً ستكون كسبت وقتك على حساب صحتك النفسية، فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة لاس بالماس دي غران كناريا الإسبانية (Universidad de Las Palmas de Gran Canaria) أن الأشخاص الذين يتناولون الوجبات السريعة أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 51% مقارنةً بغيرهم.
ويتخطى الأمر حد الإصابة بالاكتئاب، فقد اكتشفت دراسة أجرتها كلية نيبون الطبية اليابانية (Nippon Medical School) أن الأشخاص الذين تناولوا طعاماً مقلياً كانت نتائجهم في الاختبارات المعرفية التي أُجريت لتقييم وظائف الدماغ سلبية بالمقارنة مع الذين تناولوا طعاماً نباتياً.
3. الأطعمة المصنَّعة
تدخل الأطعمة المصنَّعة أيضاً في نطاق الوجبات سريعة التحضير لكن في المنزل، فشطيرة من اللانشون قد تُعد خياراً مفضلاً لسد الجوع الليلي لكن ذلك الحل الفوري يضر بصحتك النفسية، فقد توصلت دراسة علمية أجرتها جامعة ميامي الأميركية (University of Miami) إلى أن الأطعمة المصنَّعة تزيد أعراض القلق والاكتئاب الخفيف؛ كما قد تسبب الالتهابات في الجسم وتحديداً في الأمعاء ما يؤثر سلباً في عملية إنتاج هرمون السعادة (السيروتونين).
بالإضافة إلى دراسة أخرى أجرتها جامعة جونز هوبكينز الأميركية (Johns Hopkins University) على مجموعة من الفئران التي تناولت لحوماً مصنَّعة وفقاً لنمط غذائي ثابت، فقد لاحظ الباحثون زيادة في مستويات نوبات الهوس لديها ما يثبت الانعكاس السيئ لهذا النوع من الغذاء في الصحة النفسية.
4. النشويات البيضاء
يرتبط هذا النوع من الغذاء بما تحدثنا عنه مسبقاً في الجزئية الخاصة بالسكريات، فالنشويات البيضاء مثل الأرز والبسكويت والخبز الأبيض يمكن أن تضر بحالتك المزاجية، وذلك نتيجة أنها بحسب دراسة أجرتها جامعة بادوفا الإيطالية (University of Padova) تتحول في النهاية إلى سكر عندما يزيد مستواه في دمك يجعل مزاجك متدهوراً لذا احرص على تجنبها لتحظى بصحة نفسية أكثر استقراراً.
5. الكافيين
لا يرتبط الكافيين بالقهوة فقط، فهو يوجد في مشروبات أخرى مثل الشاي ومشروبات الطاقة. وبحسب الطبيب النفسي راؤول رودريغيز (Raul Rodriguez)؛ يمكن للكافيين أن يصيبك بالتوتر والعصبية إلى جانب تأثيره سلباً في استقرار نومك وذلك بالطبع يهدد حالتك المزاجية.
ويضيف الطبيب الباطني دانيال ديفاين (Daniel Devine) إن الكافيين ينشط مستقبلات الأدينوزين في الجهاز العصبي كذلك؛ وهي مادة كيميائية تعمل مع استجابة الجسم لما يُعرف باستجابة الكر والفر عند التعرض للمواقف العصيبة وهذا يزيد نسبة قلقك.
ربما سيكون من الصعب الالتزام بنمط غذائي صحي بنسبة 100%، فالكمالية تظل مطلباً صعب التحقق مهما بذلنا من جهد؛ لكن يظل بإمكاننا أن نحاول قدر الإمكان البحث عن الأطعمة الأفضل لصحتنا النفسية والتقليل من الاختيارات التي تضر بها.