عد اضطراب الشخصية الاعتمادية واحداً من اضطرابات الشخصية، والتي تُعرف على أنها أحد أنواع الاضطرابات العقلية، والتي يعاني المصاب بها من نمط تفكير غير صحي ومتصلب، ومن مشكلات في فهم المواقف والأشخاص والتعامل معهم؛ ويضعه ذلك في عوائق حياتية كبيرة، ويتسبب له في مشكلات في العلاقات والأنشطة الاجتماعية والوظيفية، سواء في مرحلة العمل أو مرحلة الدراسة.
ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية؟
تندرج أنواع اضطرابات الشخصية في 3 مجموعات، ويُحدد هذا بناءً على الخصائص والأعراض، ويعتبر اضطراب الشخصية الاعتمادية أو الشخصية الواهنة ضمن الاضطرابات الشخصية من المجموعة «ج»، والتي تتصف بالتفكير أو السلوك القلِق أو المتخوف، وتتضمن هذه المجموعة أيضاً اضطراب الشخصية الاجتنابية واضطراب الشخصية الوسواسية.
يوصف اضطراب الشخصية الواهنة بأنه حاجة ملحة ومفرطة للرعاية، تؤدي إلى سلوك خاضع من قبل الشخص المصاب به، بالإضافة إلى مخاوف مبالغ فيها من الانفصال، كذلك افتقاد القدرة على الاعتماد على النفس، والاحتياج إلى الاعتماد المفرط على الأخرين-خاصة الأشخاص المقربين- في تحقيق احتياجاته، سواء كانت احتياجات عاطفية أو جسدية.
لا يثق الشخص المصاب بهذا الاضطراب في قدرته على اتخاذ القرارات، ويرى نفسه بنظرة دونية تشعره بأنه لا يستطيع الاعتماد على نفسه، وقد يشعر بالانهيار والضياع بسبب الخسارة والانفصال عن الشريك، وربما يتعرض للإساءة والاستغلال من أجل الإبقاء على علاقته العاطفية، كذلك فهو دائم التقليل من شأن نفسه وقدراته، ويشير إلى نفسه في كثير من الأحيان على أنه مجرد شخص غبي.
كيف تعرف أنك مصاب باضطراب الشخصية الواهنة؟
يواجه الشخص المصاب صعوبة كبيرة في اتخاذ القرارات اليومية البسيطة، مثل اختيار الملابس التي يرتديها دون استشارة وطمأنة من الآخرين، ويميل المصاب إلى أن يكون سلبياً، ويدع للآخرين -عادة يكون أحد الوالدين أو الزوج أو الشريك العاطفي- بأخذ زمام المبادرة وتحمل مسؤولية اختياراتهم الحياتية بدلاً منه.
يسعى المصاب للحصول على الدعم والقبول من الآخرين، وبالتالي لا يمكنه التعبير عن رأيه أو إظهار الاختلاف عمن حوله، أو رفضه لأي من قراراتهم، خاصة أولئك الذين يعتمد عليهم، لذلك يوافق على قرارات يراها خاطئة ولا تناسبه، بدلاً من المخاطرة بفقدان مساعدة ودعم هؤلاء الأشخاص.
قد يصل الأمر إلى تطوع المصاب في تنفيذ مهام غير لائقة، إذا كانت مثل هذا المهام ستجلب له الرعاية التي يعتقد أنه يحتاج إليها، لذا فالمصاب يعد فريسة محتملة للاستغلال العاطفي والوظيفي والجنسي.
أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية
تبدأ أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية في الظهور في مرحلة البلوغ المبكر، وقد لا يدرك المصاب في بعض الحالات إصابته باضطراب الشخصية الاعتمادية، نظراً لأن طريقة تفكيره وتصرفه تبدو طبيعية بالنسبة له، وقد يلقي باللوم على الآخرين في التحديات والمشكلات التي تواجهه.
وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية التابع للجمعية الأميركية للطب النفسي، فإن تشخيص الفرد من قبل المختصين بأنه يعاني من اضطراب الشخصية الاعتمادية، يجب أن تظهر عليه 5 أو أكثر من الأعراض التالية:
- صعوبة في اتخاذ القرارات اليومية دون قدر كبير من النصح والطمأنة من الآخرين.
- الاحتياج إلى الآخرين في تولي المسؤولية بالنسبة لأغلب احتياجاته الرئيسية.
- صعوبة في التعبير عن مخالفته للآخرين بسبب خوفه من فقد الدعم.
- صعوبة بدء أو تنفيذ المشروعات دون مساعدة بسبب فقدان الثقة بالنفس.
- الشعور بالانزعاج أو العجز حين يكون وحيداً.
- تخيلات غير واقعية بمخاوف من تركه يتولى رعاية نفسه.
- الحاجة الإلحاحية لبدء علاقة جديدة بعد انتهاء علاقة أخرى قريبة.
- القيام بكل ما في وسعه لكسب الرعاية والدعم من الآخرين.
أسباب الإصابة
يقدر معدل انتشار اضطراب الشخصية الاعتمادية في عموم السكان بأقل من 1 %، ووفقاً للإحصائيات فإن عدد النساء المصابات باضطراب الشخصية الاعتمادية أكبر من عدد الرجال، إلا أن سبب هذا الاضطراب غير معروف حتى الآن، إلا أن هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة.
تتضمن بعض عوامل الخطر التي قد تساهم في تطور اضطراب الشخصية الاعتمادية ما يلي:
- وجود تاريخ من التعرض للإهمال.
- تربية مسيئة.
- الإصابة بمرض جسدي مزمن في الطفولة أو المراهقة.
- الانخراط في علاقة مسيئة طويلة الأمد.
- النشأة في كنف والدين مفرطين الحماية أو سلطويين.
- وجود تاريخ عائلي لاضطرابات القلق.
ما هي مضاعفات اضطراب الشخصية الاعتمادية؟
إذا لم يخضع المصاب للعلاج اللازم لحالته فقد يعرضه ذلك للعديد من المضاعفات الخطيرة ومنها:
- الاكتئاب.
- تعاطي المخدرات.
- الرهاب.
يمكن أن يمنع العلاج المبكر تطور العديد من هذه المضاعفات.
علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية
الصورة: ويكيميديا
يجب على الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الاعتمادية أن يخضعوا للعلاج وطلب المساعدة من المختصين النفسيين من أجل الحصول على حياة طبيعية، وينقسم العلاج إلى علاج سلوكي معرفي وعلاج دوائي، ويختار الطبيب المعالج نمط العلاج الأمثل، أو حتى الدمج بين النمطين وذلك وفقاً لحالة المصاب
يركز العلاج السلوكي المعرفي على تغيير أنماط التفكير، والمعتقدات التي تكمن وراء هذا التفكير، والتخلص من الأعراض أو السمات التي تميز الاضطراب مثل عدم القدرة على اتخاذ قرارات حياتية مهمة، وغالباً ما يتطلب هذا الاضطراب علاجاً طويل الأمد، أما في الحالات التي يكون فيها العلاج الدوائي مفيداً، غالباً ما توصف مضادات الاكتئاب ومضادات القلق والمهدئات للمرضى .
كيف تساعد نفسك إذا اكتشفت أنك تعاني من اضطراب الشخصية الواهنة؟
- حاول أن تسترخي عندما تشعر بالضغط، قد يساعدك حمام ساخن أو الخروج للمشي، أو الاستعانة بالعطور والأعشاب.
- احرص على أخذ قسط كافي من النوم ليلاً، و لكن لا تنزعج إذا لم تستطع ذلك.
- تناول حمية غذائية متوازنة مع الكثير من الخضروات والفواكه للحصول على شعوراً أفضل.
- تجنب تعاطي المخدرات أو الكحول.
- ممارسة بعض التمارين الرياضية بانتظام، حتى بعض التمارين الخفيفة قد تكون مفيدة.
- كافئ نفسك عندما تشعر بأنك تجاوزت أموراً صعبة، أو عندما تتمكن من تحمل ظرف شاق.
- هيئ لنفسك هواية مفيدة، قد تكون ممارسة هذه الهواية طريقة جيدة لتلتقي بالآخرين.
- اشغل نفسك عن التفكير بالمشاكل والصعوبات اليومية التي نواجهها جميعاً.
- تحدث لصديق أو قريب عن مشاعرك.
- تحدث إلى معالج نفسي، إذا لم تجد مُعالجاً نفسياً بإمكانك أن تتحدث إلى طبيبك.
- ابحث عن معلومات عن الاضطراب على المواقع الموثوقة على شبكة الإنترنت.
- يمكنك أن تجرب الاتصال بإحدى المؤسسات التي تقدم الدعم عبر التحدث على الهاتف.
التعامل مع شخص يعاني من اضطراب الشخصية الاعتمادية
إذا كان أحد الأشخاص المقربين منك يعاني من اضطراب الشخصية الواهنة، فقد يكون التعايش مع ذلك صعباً، ولكنه ليس كذلك دائماً وربما يسهل عليك الأمر اتباع النصائح التالية:
- البحث عن معلومات عن الاضطراب على المواقع الموثوقة على شبكة الإنترنت.
- الاعتماد على المختصين من المعالجين والأطباء النفسيين.
- إعطاء الشخص المصاب المساحة الكافية، والاستماع إليه و عدم تجاهل همومه.
- إشراك آخرين في هذه المشكلة، أصدقاء أقرباء أو الطبيب الخاص.
- الاعتناء أيضاً بصحتك العقلية و الجسدية.
اقرأ أيضاً: نمو ما بعد الصدمة: هكذا تسيطر عليك مشاعرك خلال الأزمات.