هل تعتقد أن الآخرين يرون كل ما تفكر فيه وتشعر به؟ ربما تكون مصاباً بوهم الشفافية

3 دقائق
وهم الشفافية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: نعتقد أحياناً بأن الناس قادرون على اكتشاف ما نفكر فيه ونشعر به بسهولة، على الرغم من عدم قدرتهم على ذلك، وذلك يرتبط بوهم الشفافية، فما هو؟ وكيف نتعامل معه؟ الإجابات في هذا المقال.

هل سبق وشعرت بضيق عاطفي شديد واعتبرت أن ألمك واضح جداً للأشخاص المحيطين بك، ومع ذلك فإن أحداً لم يلحظ ولم يسأل ما الخطب؟ أو هل حدث أن شعرت بتوتر كبير وأنت تلقي خطاباً أمام جمهور أو تقدم عرضاً خاصاً بالعمل، وافترضت أن مَن حولك جميعهم يستطيعون إدراك توترك الكبير ويلاحظون كل هفوة في كلامك أو ارتعاشة في صوتك؟ قد يدل ذلك على مبالغتك في تقدير قدرة الأشخاص على فهم ما يدور بداخلك؛ لذا ننصحك بقراءة هذا المقال الذي يتناول مفهوم "وهم الشفافية" وتأثيره في صحتنا النفسية وكيفية التعامل معه.

ما هو وهم الشفافية؟

وهم الشفافية هو ميل الشخص إلى المبالغة في تقدير مدى إدراك الآخرين وفهمهم لحالته النفسية؛ إذ يمتلك الناس معظمهم انطباعاً بأن الآخرين ممن يراقبونهم قادرون على قراءة مشاعرهم الداخلية بسهولة تامة، وفك رموز أفكارهم ومعتقداتهم الشخصية؛ كما لو كانت حالتهم النفسية شفافة مرئية أو مضاءة بوساطة أضواء كاشفة!

اقرأ أيضاً: متلازمة أليس في بلاد العجائب: الأعراض والأسباب

لماذا نتوهم أن الآخرين قادرون على إدراك ما نشعر به بسهولة؟

حسناً، عندما يحاول شخص ما تحديد كيفية ظهور حالته الداخلية في عيون الآخرين، فمن المرجح أن يواجه صعوبة في تجاوز تجربته الخاصة مع عالمه الداخلي؛ لأن الأحكام الذاتية التي يكوّنها الفرد عن مشاعره وأفكاره الداخلية تكون قوية جداً على نحو يصعّب تحديد كيفية تجلّي هذه المشاعر الداخلية أمام الآخرين.

اقرأ أيضاً: هل تشعر بأنك منفصل عن الواقع وغريب عن ذاتك؟ إليك سبب ذلك والحل

إذاً نحن معتادون على الوصول الكامل إلى مشاعرنا وأفكارنا إلى درجة أننا نكافح من أجل تذكُّر أن الآخرين لا يمتلكون إمكانية وصول مماثلة إليها؛ لذلك نبالغ في تقدير مدى قدرة الآخرين على اكتشاف مشاعرنا الخاصة.

بالإضافة إلى ذلك، يشبه وهم الشفافية بعضاً من التحيزات المعرفية الموجودة عند البشر؛ والتحيز المعرفي هو خطأ في التفكير يقود إلى إساءة تفسير المعلومات في العالم من حولنا، والتوصّل إلى نتيجة غير دقيقة.

فوهم الشفافية نوع من أنواع التحيّز الأناني الذي يشير إلى ميل الناس إلى التركيز على وجهات نظرهم الخاصة عند تقييم الأحداث أو المعتقدات، وهو شبيه بتأثير بقعة الضوء؛ وهو ميل الناس إلى المبالغة في تقدير مدى ملاحظة الآخرين لمظاهرهم وسلوكياتهم.

وعلاوة على ذلك، قد يرتبط وهم الشفافية بالتحيز المعروف بـ "لعنة المعرفة"؛ وهو تحيّز يحدث عندما يفترض الفرد ويتوقع أن الآخرين لديهم الخبرة المعرفية والثقافية نفسها التي لديه تجاه موضوع ما وفقاً للطبيب النفسي ياسر عبد الرحمن الغامدي. بكلمات أخرى: هو أن تجد صعوبة في تنحية مخزونك الخاص من معرفتك ومعلوماتك عن ذاتك عندما تحاول أن تتخيل كيف يراك الآخرون.

لا يدرك الناس معظمهم أن تصوراتهم متحيزة؛ إذ على الرغم من أنك تدرك أن الأشخاص الآخرين لا يمتلكون قدراً كبيراً من المعرفة فيما يتعلق بما يحدث في داخلك من أفكار ومشاعر، فمن الصعب عليك أن تتجاوز وجهة نظرك الخاصة.

اقرأ أيضاً: لا تخجل من خجلك! تعرف إلى أعراض الخجل وكيفية التغلب عليه

3 نصائح للتغلب على وهم الشفافية

الاقتناع بأن الآخرين قادرون على رؤية مدى توترك أو انزعاجك أو حرجك قد يكون ذا تأثير سلبي في ثقتك بنفسك ويزيد حدة مشاعر القلق لديك؛ لذا تذكَّر أنه لا توجد طريقة تمكّن أي شخص من معرفة ما يحدث داخل رأسك، فلا يمكن للآخرين الشعور بالعار الذي تشعر به إن سقطت على الأرض، ولا هم يملكون أدنى فكرة عن الاضطرابات الداخلية التي تشعر بها إلا في حال اخترت أن تفصح عنها. وإليك بعض النصائح للتغلب على هذا الوهم:

اقرأ أيضاً: انشغالك الدائم ربما يدل على هروبك من مشاعرك المؤلمة، فكيف تواجهه؟

  1. كُن على دراية بالوهم: لأن مجرد إدراك أنك تمتلك مثل هذا الوهم من شأنه أن يساعدك على التخفيف من تأثيره لتصبح أكثر ثقة بنفسك. فإذا كنت في موقف ما وشعرت بتوتر كبير، يمكنك أن تتوقف لحظة للاسترخاء وتتذكر أن ما يحدث في داخلك ليس واضحاً للمحيطين بك.
  2. اتبع تقنيات الإبعاد الذاتي: أي حاول أن تنأى بنفسك عن أفكارك ومشاعرك وتنشِئ مسافة نفسية بينك وبين نفسك عندما تحاول تقييم قدرة الآخرين على قراءة ما يحدث داخلك، ويمكنك إنشاء هذه المسافة من خلال النظر إلى نفسك من منظور خارجي وتخيل كيف يراك الناس.
  3. اطلب آراء الآخرين: فكر في طلب ملاحظات الأشخاص الذين تثق بهم عن مدى قدرتهم على اكتشاف أفكارك ومشاعرك في حالات محددة تتساءل عنها؛ مثل عرض تقديمي للعمل أو اجتماع مع أحدهم. ونظراً لأنك عادة ما تبالغ في تقدير قدرة الآخرين على قراءة حالتك الداخلية في مثل هذه الأوقات؛ فإن الحصول على تعليقات حقيقية قد يساعدك على معرفة مدى تأثير وهم الشفافية فيك.

ختاماً، يمكن القول إن فهم تأثير وهم الشفافية يمكن أن يحررك؛ لأن تذكير نفسك بأن مشاعرك ليست واضحة للآخرين كما تعتقد، قد يساعدك على زيادة ثقتك بنفسك، والتواصل مع الآخرين تواصلاً أفضل.