لمَ تستخدم المرأة مستحضرات التجميل؟ التحليل النفسي يجيب

وضع مستحضرات التجميل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يُعد وضع مستحضرات التجميل أكثر من مجرد متعة بالنسبة إلى المرأة، فهي ترسم بذلك علاقتها بذاتها والآخرين عندما تبتكر لنفسها مظهراً جديداً وتعزز صورتها الذاتية وتحصل في الوقت ذاته على القبول الاجتماعي، وهي أمور تسهم كلها في دعم توازنها النفسي. تقول مختصة التحليل النفسي جيزيل هاروس رفيدي: “عندما تجد المرأة وجهها شاحباً جداً مثلاً أو تشعر بأنها لا تتمتع بالجمال الذي تتمناه، تستخدم مستحضرات التجميل لتغير الصورة غير المُرضية بالنسبة إليها”.

يُعد وضع مستحضرات التجميل أكثر من مجرد متعة بالنسبة إلى المرأة، فهي ترسم بذلك علاقتها بذاتها والآخرين عندما تبتكر لنفسها مظهراً جديداً وتعزز صورتها الذاتية وتحصل في الوقت ذاته على القبول الاجتماعي، وهي أمور تسهم كلها في دعم توازنها النفسي. ولنعرف أكثر عن الأسباب وراء استخدام المرأة مستحضرات التجميل أجرينا المقابلة التالية مع مختصة التحليل النفسي جيزيل هاروس رفيدي (Gisèle Harrus-Révidi).

لمَ نستخدم مستحضرات التجميل؟

إنها وسيلة “لاختيار” الصورة الذاتية المرغوبة، فعندما تجد المرأة وجهها شاحباً جداً مثلاً أو تشعر بأنها لا تتمتع بالجمال الذي تتمناه، تستخدم مستحضرات التجميل لتغير الصورة غير المُرضية بالنسبة إليها. ولذلك فإن وضع مستحضرات التجميل ليس مجرد متعة بالنسبة إلى المرأة بل وسيلة لتحسين صورتها الذاتية ومن ثم تعزيز ثقتها بنفسها.

بجانب النظرة إلى الذات، هل يُعد وضع مستحضرات التجميل وسيلة لتغيير نظرة الآخرين إلينا أيضاً؟

لا شك في ذلك، لأن مستحضرات التجميل أداة تتيح للمرأة تغيير بعض سماتها المرئية للآخرين “فترسم” الصورة التي اختارت إظهارها لهم بدلاً من صورتها الحقيقية ومن ثم فإن وضع مستحضرات التجميل وسيلة لجذب الانتباه والحصول على القبول الاجتماعي.

لمَ نسعى نحن النساء إلى إخفاء ملامحنا الطبيعية؟

لأنها جزء من خصوصيتنا بالنسبة إلى معظمنا ولا نفضل الكشف عنها عموماً إلا في المنزل وبين أفراد العائلة، في حين أننا نضع مستحضرات التجميل عند مواجهة العالم الخارجي لأنها بالنسبة إلى المرأة ليست أداة لجذب الانتباه فقط بل لحماية نفسها والحفاظ على مسافة بينها وبين الآخرين أيضاً.

هل يمكن القول إن المرأة تضع مستحضرات التجميل من أجل الآخرين بالدرجة الأولى؟

لا، فأنا أرى أننا نستخدم مستحضرات التجميل من أجل أنفسنا أيضاً، فهي تساعدنا على التغلب على ما نظن أنه “عيوب” ومن ثم فإن ذلك يعزز شعورنا بذواتنا ويغذي مشاعرنا الإيجابية تجاهها.

كيف يمكن لوضع مستحضرات التجميل أن يُشعر المرأة بوجودها؟ هل يرجع ذلك إلى الممارسة في حد ذاتها أم إلى العادات المرتبطة بها؟

يُعد وضع مستحضرات التجميل جزءاً من حياتنا اليومية، ولكل امرأة عاداتها فيما يخص ذلك فمثلاً ربما أحب النهوض من السرير وتنظيف أسناني ثم تناول الفطور ووضع مستحضرات التجميل بعد ذلك، وتمثل هذه العادات جزءاً من كيان الأنثى فهي تسمح لها بالاهتمام بجمالها كل يوم لمدة معينة؛ تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى حلاقة الذقن عند الرجل، ولذلك فإن وضع مستحضرات التجميل يرفع الروح المعنوية لدى المرأة ويعزز مشاعرها الإيجابية ويُشعرها، ولو لم تعي ذلك، بأنها تمسك بزمام الأمور في حياتها.

من جهة أخرى، قد يستخدم بعض النساء مستحضرات التجميل بالطريقة ذاتها لسنوات، وتُعد طريقة رسم خطوط كحل العينين العريضة التي انتشرت قبل 25 عاماً مثالاً على ذلك. وبعيداً عن الشعور بالحنين إلى الماضي، فإن وضع مستحضرات التجميل بالطريقة ذاتها باستمرار يشير إلى رغبة المرأة في الحفاظ على الصورة التي تمنحها نوعاً من الاستقرار النفسي.

في كل موسم، تخرج علينا صيحات مستحضرات التجميل الجديدة بألوان وأشكال جديدة، فما الذي يعنيه هذا التغيير المستمر بالنسبة إلى النساء؟

مثلما نغير لون الشعر أو قصته؛ تسمح لنا مستحضرات التجميل بأن نجري تغييراً بتكلفة قليلة ينعكس إيجاباً على حياتنا ويرفع معنوياتنا. ومن جهة أخرى، يُعد اتباع آخر الصيحات ولا سيما فيما يخص مستحضرات التجميل طريقة للتماشي مع المعايير التي تسمح لنا بالحصول على قبول الآخرين أيضاً.

في هذا السياق، كيف يمكن للمرأة أن توازن بين صورتها الذاتية والصورة التي تريد إظهارها للآخرين؟

لا تعارُض بين الصورتين، فاتباع صيحات مستحضرات التجميل أو الأزياء لا يعني عدم الرضا عن الصورة الذاتية، بل هو ببساطة نوع من التكيف مع مسار الحياة الاجتماعية. لكن ما يجب أن نسأله لأنفسنا: هل نضع مستحضرات التجميل لنتماشى أكثر مع معايير الموضة أم لنحاول تغيير شخصياتنا؟

ألا يؤدي اتباع النساء جميعهن صيحات مستحضرات التجميل ذاتها في كل موسم إلى طمس التفرد؟

عندما نتحدث عن اتجاهات الموضة فإن هذا السؤال دقيق نوعاً ما. انظري إلى المراهقين مثلاً؛ رغم أنهم يتشابهون في ثيابهم وطريقة كلامهم فهم يحاولون من خلال ذلك إبراز أصالتهم في الوقت ذاته، وبالمثل فإن النساء يحاولن إبراز أصالتهن من خلال التماشي مع المعايير التي تفرضها هذه الصيحات وعلى الرغم من أننا سنبدو متشابهات عندما نتبعها كلنا، فإن شعورنا بأننا مقبولات اجتماعياً يسمح لنا بعد ذلك بالتعبير عن تفردنا.

هل يمكن للطريقة التي تضع بها المرأة مستحضرات التجميل؛ كالاهتمام الذي توليه لعينيها أو شفتيها مثلاً، أن تعبر عن هويتها؟

لا أعرف إذا كانت هنالك رمزية قوية لطريقة وضع مستحضرات التجميل (كاستخدام أحمر الشفاه لتكبيرها، أو تفضيل استخدام مساحيق العيون الداكنة)؛ لكن الاهتمام الزائد بجمال العينين والفم يعبر عن رغبة المرأة في الظهور بأجمل ما يمكن في أعين الآخرين، فهي تفكر في سماتها التي تثير انتباههم وتحاول إبرازها قدر الإمكان باستخدام مستحضرات التجميل.

هل تساعدنا مستحضرات التجميل على تغيير أنفسنا ولذلك يستحيل علينا التخلي عنها أحياناً؟

قد تضع المرأة مستحضرات التجميل أحياناً لإخفاء معاناة نفسية معينة كنفورها من ملامحها الطبيعية بسبب عدم تقبلها مظهرها، فتغدو الصورة التي تقدمها مستحضرات التجميل صورتها الحقيقية بالنسبة إليها، ولا يمكن القول إنها تستخدم مستحضرات التجميل لتغيير نفسها بل على العكس للتآلف معها؛ لكن هذه الحالة تتطلب منها العمل على تعزيز نظرتها الإيجابية إلى صورتها الذاتية.

المحتوى محمي !!