ملخص: هل عدم رؤية الأحلام حالة حقيقة فعلاً؟ أو لنقل، هل من الممكن أن ينام الإنسان دون أن يرى أحلاماً؟ تعرف معنا في هذا المقال إلى الأسباب التي قد تعوق القدرة على رؤية الأحلام، وإذا ما كانت هذه الحالة دليلاً على وجود حالة كامنة تحتاج إلى مساعدة طبية أم لا.
محتويات المقال
إذا كنت تعتقد أنك لا تحلم أو لا تتذكر آخر مرة حلمت فيها، فقد تتساءل عما إذا كان هذا أمراً طبيعياً، أو تقلق بشأن صحتك النفسية أو البدنية عموماً، أو تتساءل عما إذا كان ذلك مرتبطاً بجودة نومك. الحقيقة، الناس معظمهم يحلمون؛ لكن البعض ببساطة لا يتذكر أحلامه. ومع ذلك، ثمة بعض الحالات التي قد تؤثر في القدرة على رؤية الأحلام، وهذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل في مقالنا.
اقرأ أيضاً: هل الأحلام التحذيرية حقيقية أم مجرد أساطير؟
ما الأحلام؟ وما الهدف منها؟
الأحلام تجارب ذهنية أو عاطفية أو حسية تحدث في أثناء النوم. ووفقاً للطبيب النفسي زياد الغامدي؛ فإن الأحلام هي سلسلة من الصور والأفكار التي تحدث في أثناء النوم مع ما يصحبها من عواطف.
لم يُحدَّد بعد السبب الحقيقي للأحلام؛ ولكن ثمة بعض الافتراضات. فوفقاً لمختص النوم، مايكل برويس (Michael Breus)؛ يتعلق الحلم بالكامل بمعالجة البيانات وتخزينها؛ إذ يقول: "أحد الأغراض الوظيفية للحلم هو نقل المعلومات من الذاكرة القصيرة المدى إلى الذاكرة الطويلة المدى؛ إذ نعتقد أن حركة البيانات هذه تُمثَّل في الدماغ على هيئة صور خيالية نسميها أحلاماً.
أما الطبيب زياد الغامدي، فيشير إلى أن الهدف الأساسي لها هو إخراج ما في العقل الباطن من ذكريات وغرائز مكبوتة وذكريات سابقة وأحداث حصلت في الماضي أو أحداث حالية أو أفكار عن المستقبل؛ وذلك في محاولة لحل المشكلات اليومية أو التخلص من الشوائب المخزونة أو إشباع بعض الرغبات المكبوتة؛ مثل الغرائز العاطفية أو الغذائية أو الجنسية أو غيرها.
وتؤيّد ذلك خبيرة الأحلام ليزلي إليس (Leslie Ellis) قائلةً: "في الحلم، يبدو أننا نستخرج تلك العناصر المشحونة عاطفياً من اليوم السابق أو نحو ذلك، وننسجها في ذكرياتنا الحالية؛ ولكن في نوع جديد من الصور أو القصص". فأحلامنا هي على الأرجح هي طريقة دماغ كل منا للتعامل مع المشكلات، والأحداث الماضية، فضلاً عن التخطيط للمستقبل.
اقرأ أيضاً: لماذا لا نرى هواتفنا الذكية في المنام؟ إليك التفسير النفسي
هل للأحلام فائدة؟
تشمل النظريات المختلفة حول فائدة الأحلام ما يلي:
- بناء الذاكرة: يرتبط الحلم بتقوية الذاكرة؛ ما يعني أن الحلم قد يخدم وظيفة معرفية مهمة تتمثل في تقوية الذاكرة واسترجاع المعلومات.
- معالجة المشاعر: ربما تكون القدرة على التعامل مع المشاعر والتدرب عليها في سياقات متخيَّلة، إحدى الطرائق التي يتبعها الدماغ لإدارة المشاعر.
- تنظيف الدماغ: من الممكن أن يلجأ الدماغ إلى التخلص من المعلومات غير المكتملة أو الخاطئة أو غير الضرورية في فترات نوم العين السريعة التي تحدث فيها الأحلام.
- مراجعة الأحداث الماضية وتحليلها: قد يكون محتوى الأحلام إعادة عرض مشوِّهة للأحداث الأخيرة؛ حيث تُراجَع تلك الأحداث وتُحلَّل.
- النشاط العَرَضي للدماغ: قد تكون الأحلام مجرد منتج ثانوي للنوم، ولا غرضَ أو معنى أساسياً له.
اقرأ أيضاً: الكابوس والحلم الواعي والرؤيا: تعددت الأسماء والحلم واحد!
هل من الطبيعي عدم الحلم؟
ليس من المعروف على وجه اليقين إذا كان شخص ما لا يحلم قط؛ لكن من المعلوم أن بعض الناس نادراً ما يتذكرون أحلامهم؛ إذ وفقاً لما ذكرته دراسة منشورة في دورية أكتا للطب الحيوي (Acta Biomed) عام 2022؛ فإن علم الأحياء العصبي قد أثبت أنه على الرغم من أننا جميعاً نحلم كل ليلة، فقد لا يتذكر الجميع ما حلم به.
لذلك؛ إذا كنت تعتقد أنك لا تحلم، فأنت غالباً لا تتذكر أحلامك فقط، وهذا ليس أمراً غريباً؛ إذ إن الكثير من الناس لا يتذكّرون ما يحلمون به. لكن، الجدير بالذكر إن الأحلام تحدث غالباً في أثناء نوم حركة العين السريعة. وفي حال لم تحدث هذه المرحلة على نحو كافٍ لسبب أو لآخر، فإن ذلك يعني عدم القدرة على رؤية الأحلام أو عدم القدرة على تذكرها.
اقرأ أيضاً: لماذا نعي أحياناً أننا نحلم؟ وماذا يعني ذلك؟
7 أسباب قد تفسر عدم القدرة على رؤية الأحلام
العوامل التي تؤثّر في مرحلة نوم حركة العين السريعة؛ أي تسبب قصرها أو انقطاعها أو عدم الدخول فيها، تعوق القدرة على رؤية الأحلام؛ وهي:
1. اضطرابات النوم
يمكن أن تشمل اضطرابات النوم انقطاع التنفس في أثناء النوم، ومتلازمة تململ الساقين، والأرق. إذ قد تؤثر هذه الحالات جميعها سلباً في جودة النوم، علاوة على أنها تقلل الوقت الذي يقضيه الشخص في مرحلة حركة العين السريعة الفعلية أو تعوق القدرة على الدخول فيها؛ ما يعني عدم الدخول في المرحلة التي من المفترض أن تحلم فيها. يُذكر إنه من العوامل التي تسهم في قلة النوم أيضاً؛ تعاطي الكحول والتبغ والمخدرات والكافيين وتناول بعض الأدوية.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى معنى رؤية الثعبان في الأحلام
2. التوتر
قد يؤثر التوتر، سواءٌ الحاد أو المزمن، في جودة النوم ومقدار الوقت يقضيه الشخص في نوم حركة العين السريعة؛ ما يعوق القدرة على رؤية الحلم أو القدرة على تذكُّره. علاوة على ذلك، قد يُفاقم التوتر خطر الإصابة بالإرهاق أو الاكتئاب أو القلق؛ فيؤثّر في المحصلة في جودة النوم.
3. الاكتئاب
يعاني العديد من المصابين بالاكتئاب مشكلات متكررة في النوم؛ مثل النوم أكثر من اللازم أو النوم غير الكافي؛ لكن المشكلة الأكثر شيوعاً هي الأرق؛ وذلك ما يفسر قلة الأحلام أو صعوبة تذكرها عند المكتئبين. علاوة على ذلك، قد يؤثّر الاكتئاب في القدرة على رؤية الأحلام بسبب تأثيره في نوم حركة العين السريعة، وقد يعزى ذلك إلى التأثير الذي قد يُحدثه في الدماغ.
اقرأ أيضاً: التحكم في الأحلام: هل هذه الفكرة قابلة للتحقق علمياً؟
4. الاضطراب الثنائي القطب
تعد قلة النوم مشكلة شائعة بين المصابين بالاضطراب الثنائي القطب؛ ما قد يؤدي إلى الإصابة بنوبة هوس أو اكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بنوبة هوس صعوبة في النوم أو قلته.
5. أدوية القلق والاكتئاب
قد لا تحدث الأحلام عند تناول بعض الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب؛ مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)؛ إذ من الممكن أن تقلل نوم حركة العين السريعة.
6. وجود مشكلات نادرة في المادة البيضاء في الدماغ
تكوّن المادّة الرمادية نحو نصف الدماغ، وتعمل على معالجة المعلومات التي تتعامل مع المهام المعرفية المعقدة؛ بينما تكوّن المادة البيضاء النصف الآخر للدماغ، وتعمل على ربط مناطق مختلفة من المادة الرمادية بعضها ببعض عبر شبكة من الألياف العصبية؛ ما يسمح بتدفق الاتصال بين مناطق الدماغ المختلفة، بالإضافة إلى أنها تؤدي دوراً رئيساً في تذكُّر الأحلام واختلاقها.
وقد وُجد أن الأشخاص الذين أُصيبوا بأذيّات نادرة في المادة البيضاء الموجودة في القشرة الجبهية الأمامية الأنسية توقفوا تماماً عن الحلم؛ لكن ليس مفهوماً إن كانوا قد توقفوا ببساطة عن تذكر أحلامهم أم إن عملية الحلم الفعلية قد توقفت، أو مزيجاً من الأمرين معاً.
اقرأ أيضاً: ما الذي يجعلك تنغمس في أحلام اليقظة؟ وكيف تتخلص منها؟
هل قلة الأحلام عرَض يدل على حالة كامنة؟
عموماً، عدم الحلم ليس بالضرورة علامة على وجود مشكلة صحية، فإذا كنت لا ترى أحلاماً (غالباً لا تتذكرها) لكنك تنام جيداً، فمن المحتمل ألا يكون هناك ما يدعو إلى القلق؛ أما إذا كنت لا تحصل على قسط كافٍ من النوم الجيد، فمن الأفضل أن تحدد موعداً مع الطبيب، فقلة النوم قد تؤدي إلى تفاقم مشكلات صحية موجودة أو تؤدي إلى سوء الصحة العامة.
وفي حالات قليلة، قد يكون عدم رؤية الأحلام علامةً على وجود حالة كامنة لديك يتوجّب على مقدم الرعاية الصحية معالجتها؛ مثل انقطاع النفس في أثناء النوم أو الأرق.