إضافةً إلى الضرر الذي يسببه لصحتك الجسدية فإن لنمط الحياة الخامل تأثيرات سلبية في صحتك النفسية أيضاً؛ إذ خلصت دراسة إلى أن الأشخاص قليلي الحركة أكثر عرضةً للإصابة بالاضطرابات النفسية. وفقاً للمختصين فإن الجلوس لفترات طويلة يؤدي إلى بطء عملية التمثيل الغذائي، وإذا كانت الدراسات قد أثبتت عواقب نمط الحياة الخامل على الصحة الجسدية فإنها بدأت بتناول تأثيراته في الصحة النفسية أيضاً.
الجلوس لفترات طويلة يزيد الشعور بالقلق
تترافق المهن المكتبية بصورة خاصة مع نمط الحياة الخامل كما أن بعض الأشخاص قد يعمل لساعات متواصلة دون أن يتحرك من مكانه. وإضافةً إلى التأثير السلبي لهذا السلوك في الصحة الجسدية ولا سيما الساقين فإنه يضر بالصحة النفسية أيضاً، وهو ما توصل إليه الأستاذ المساعد في علم الحركة بجامعة آيوا بالولايات المتحدة الأميركية (Iowa State University)، جاكوب ماير (Jacob Meyer) إذ حاول رصد تأثيرات الجلوس لفترات طويلة وعدم الحركة من خلال استطلاع شمل 3,000 أميركي قبل جائحة كوفيد-19 وبعدها.
سُئل المشاركون عن الوقت الذي يقضونه في الجلوس وممارسة الأنشطة ومشاهدة التلفاز وما إلى ذلك كما قدموا معلومات حول مستوى صحتهم النفسية. وأظهرت دراسة البيانات التي جُمعت أن أكثر الأفراد نشاطاً قبل الجائحة قد قللوا من أنشطتهم البدنية بنسبة 32% خلال الأزمة الصحية، وأفاد هؤلاء أن الشعور بالإرهاق والقلق قد ازداد لديهم في الفترة ذاتها.
وللحصول على نتائج موسعة؛ أجرى الأكاديميون الذين نُشرت نتائج دراستهم في مجلة جامعة آيوا الإلكترونية في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2021 دراسة ثانية على العينة ذاتها من الأشخاص، فوجدوا أن الأفراد الذين استمروا بممارسة أنشطتهم البدنية خلال فترة القيود الصحية كانوا يتمتعون بصحة نفسية أفضل. وعلى العكس من ذلك، فإن أولئك الذين عزلوا أنفسهم في منازلهم وتوقفوا عن ممارسة الأنشطة كانوا أكثر عرضةً للمتلازمات الاكتئابية، ويقول الأستاذ جاكوب ماير: "تكيف الناس مع الحياة في ظل الجائحة لكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين كانوا يجلسون لفترات طويلة فإن التعافي من أعراض الاكتئاب لديهم كان أبطأ وسطياً مقارنةً بالآخرين".
كيف تحد من نمط الحياة الخامل؟
وعلى الرغم من عمق البحث الذي أجروه؛ يقول الأكاديميون إنه ينبغي استكشاف هذه الدراسة على نحو أوسع خلال السنوات القليلة المقبلة إذ لم يتم إثبات الصلة بين الجلوس لفترات طويلة وتطور متلازمة الاكتئاب رسمياً. وعلى الرغم من ذلك فإن منظمة الصحة العالمية (WHO) تحذر على موقعها من مخاطر نمط الحياة الخامل كما يلي: "يعزز نمط الحياة الخامل أسباب الوفاة جميعها، ويضاعف مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز القلبي الوعائي والسكري والسمنة، ويزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون وارتفاع ضغط الدم وهشاشة العظام واضطرابات الدهون والاكتئاب والقلق". كما يؤكد التحذير ضرورة أن يستبدل البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 - 64 نمط الحياة الخامل بأي نشاط بدني بصرف النظر عن شدته وحتى لو كان نشاطاً خفيفاً فهو مفيد للصحة.
ولكن إذا كنت تقضي جزءاً كبيراً من اليوم جالساً على مكتب بحكم طبيعة عملك فقد يصعب عليك تطبيق هذه النصائح، وفي هذه الحالة ينصحك جاكوب ماير بأخذ استراحات قصيرة مدتها بين 5 - 10 دقائق مثلاً لتتمشى قليلاً، فالقليل من الحركة أفضل كثيراً من عدمها.