الفكرة
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة تشينغداو بالتعاون مع مؤسسات دولية أخرى أن الدماغ يمر خلال الحياة بخمس مراحل واضحة، تعكس نضج الدماغ وتطوره إذ تتغير فيها طريقة اتصال مناطقه ببعضها، وحلل الباحثون بيانات 4216 مشاركاً عبر الفئة العمرية من الولادة حتى 90 عاماً باستخدام صور الرنين المغناطيسي، ودرسوا 12 مقياساً من مقاييس علم الشبكات العصبية لفهم كيفية تغير بنية الاتصال الدماغي.
وركزت الدراسة على سؤال علمي مهم: هل يتغير الدماغ تدريجياً فقط مع العمر، أم إن هناك نقاط تحول محددة تعيد تشكيل شبكة الدماغ؟ وأظهرت النتائج أن التغيرات لا تحدث بخط مستقيم، بل عبر قفزات في أعمار محددة.
لماذا هي مشكلة مهمة؟
تكتسب هذه المشكلة أهمية لأنها تساعدنا على فهم كيفية نضج الدماغ وتطوره، ثم استقراره، قبل دخوله مراحل الشيخوخة، وهذه المعرفة تدعم مجالات التعليم والصحة النفسية والتدخلات الوقائية المرتبطة بالشيخوخة المعرفية. كما أن فهم نقاط التحول يساعد على تفسير اختلاف القدرات الإدراكية بين الأفراد عبر العمر، وعلى تحديد اللحظات الحساسة التي قد يكون فيها الدماغ أكثر قابلية للتأثر أو التغيير.
ما هي أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة؟
- حدد الباحثون أربع نقاط تحول رئيسية في بنية شبكة الدماغ عند 9 و32 و66 و83 سنة، ما يكشف أن الدماغ لا يتغير تدريجياً فقط، بل عبر انتقالات واضحة في بنائه، وهذا ارتباط بين العمر وتغيرات الشبكة، وليس سببية مباشرة.
- العمر 32 كان أقوى نقطة تحول، حيث تغير اتجاه معظم مقاييس الاتصال الدماغي، ما يشير إلى بدء التحول نحو مسار الشيخوخة. وهذا أيضاً ارتباط وليس دليلاً على تأثير سببي لعوامل محددة في هذا العمر.
- أظهرت الدراسة أن كفاءة الاتصال تتغير بوضوح في كل مرحلة عمرية، حيث يتميز الدماغ بالتواصل السريع بين مناطقه المختلفة. ما يعكس تبدل التوازن بين التكامل المركزي في الدماغ والتخصص الدقيق داخل شبكاته، من دون إثبات علاقة سببية لهذه التغيرات بسلوك معين.
مثال تطبيقي
شخص يبلغ 32 عاماً قد يشعر بتغير في سرعة معالجة المعلومات أو في القدرة على التكيف الذهني. الدراسة تشير إلى أن هذا قد يكون مرتبطاً بمرحلة تحول طبيعي في بنية الدماغ وليس بسبب عامل خارجي واحد.
التوصيات والتطبيق العلمي
- راقب قدراتك الذهنية عبر العمر، فالدماغ يمر بمراحل واضحة تستحق الوعي والمتابعة.
- ادعم دماغك بنشاطات معززة للاتصال العصبي، مثل القراءة والتمارين الهوائية والتفاعل الاجتماعي، خصوصاً بعد سن الثلاثين.
- استثمر في عادات وقائية بعد الستين للحفاظ على كفاءة الشبكات الدماغية، مثل النوم الجيد والتغذية المتوازنة والتدريب الذهني.
تطبيق عملي
يمكن لشخص يبلغ 65 عاماً البدء ببرنامج يومي للمشي السريع 30 دقيقة، لأن النشاط الهوائي يساعد على تعزيز الاتصال العصبي في مرحلة يزداد فيها احتمال تراجع الاندماج الدماغي، ويمكن لأي فرد تطبيق هذه النصائح بنفسه، لكن من يعاني تراجعاً معرفياً ملحوظاً عليه استشارة مختص نفسي.
محاذير الدراسة
- الدراسة مقطعية وليست طولية، ما يعني أنها قارنت بين أشخاص من أعمار مختلفة بدلاً من تتبع الشخص نفسه عبر العمر.
- نقص العينات الأكبر سناً (فوق 80 عاماً) قد يؤثر في دقة توصيف المرحلة الأخيرة.
- المشاركون يتمتعون بصحة جيدة إجمالاً، ما قد لا يعكس واقع كل المجتمعات.
- لا يمكن استخدام النتائج لتشخيص الأفراد، بل لفهم الأنماط العامة فقط.
المصدر
عنوان الدراسة: Topological turning points across the human lifespan
الترجمة: نقاط تحول نضج الدماغ وتطوره عبر عمر الإنسان
الباحثون: لينجكون ليو، وموتوكي ناكامورا، وجوشوا فوجلستين، وداهوا لين، ودانيلو بازدوك، وآخرون.
اسم المجلة: Nature Communications
تاريخ النشر: 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025