نصائح الخبراء لتُميّز الصداقات الحقيقية وتحافظ عليها

4 دقائق
نصائح الخبراء لتُميّز الصداقات الحقيقية وتحافظ عليها
نصائح الخبراء لتُميّز الصداقات الحقيقية وتحافظ عليها

غالباً ما نميل إلى ربط الصداقة الحقيقية بأصدقائنا القدامى الذين تجمعنا بهم صلة وثيقة، ونتشارك معهم القصص والحكايات والأحزان والأفراح، فالصداقات الحقيقية من هذا المنظور تقوم على مبادئ وقيم إنسانية عظيمة كالالتزام والثقة والإخلاص والصدق المتبادل.

وفي ظل انتشار ثقافة الصداقات "أونلاين" وتكوين الأصدقاء الافتراضيين؛ أصبح تكوين صداقات جديدة أسهل من أي وقت مضى؛ إلا أن بناء الصداقات الحقيقية يتطلب مجهوداً. 

ومع ذلك فهو أمر يستحق العناء، لأن الصداقات الحقيقية ذات تأثير إيجابي في الصحة النفسية نظراً لكونها تساعد الأفراد على الإحساس بالانتماء وتمنحهم القدرة على التعامل مع المواقف العصيبة من خلال تقليل توترهم.

لذا سنستكشف في هذه المقالة كيفية الحفاظ على الصداقات، والتعرف إلى مواصفات الصديق الحقيقي. وبالإضافة إلى ذلك؛ سنقدّم نصائح عملية من الخبراء لبناء صداقاتك وتنمية علاقاتك مع الآخرين.

8 اعتقادات خاطئة تدمّر الصداقات

عندما يتعلق الأمر بالصداقات، لدينا جميعاً الكثير من الأفكار المسبقة حول ما يجعلها جيدة وما لا يجعلها كذلك. بعض تلك المعتقدات قد تكون مفيدة، بينما البعض الآخر لا يخدم مصلحتنا.

غير أن الجزء الصعب من هذه المعادلة هو أن العديد من هذه المعتقدات الراسخة في أذهاننا ليس دائماً واضحاً حتى بالنسبة إلينا، نظراً لأن أغلبها هو عبارة عن افتراضات سلبية خفية لا ندرك مدى تأثيرها في جودة علاقاتنا الاجتماعية. ووفقاً للمعالجة المتخصصة في مشاكل الأزواج والأسرة سارة إيبستين (Sarah Epstein)؛ تندرج هذه المعتقدات المدمرة في 8 فئات رئيسية وهي:

  • الصداقات الحقيقية تدوم إلى الأبد

بعضها كذلك ولكن في أغلب الأحيان تتغير العلاقات الاجتماعية حسب المرحلة العمرية وخصائصها؛ أي أن صديق الطفولة قد لا يبدو صديقاً مناسباً لاحقاً أو أن صداقة الطفولة تنتهي بانتهاء تلك المرحلة وهو أمر طبيعي وجيّد.

  • الاختلاف في الرأي يفسد للود قضية

الصداقة الحقيقية لا تمنعنا من الاختلاف مع بعضنا البعض، لأن العلاقات الصحية والطبيعية قد يشوبها أحياناً بعض النزاعات. وهذا لا يعني أن الصداقة ليست حقيقية أو أنها ضعيفة؛ بل هذا ما يُكسبها القوة نتيجة لقدرة كلا الصديقين على التعامل مع الصعوبات بصراحة وصدق.

  • حين تتلاشى روابط الصداقة فلن تعود أبداً

ليس في كل العلاقات، فقد يجد الأصدقاء الحقيقيون أرضية مشتركة حتى إذا ابتعدوا عن بعضهم لفترة معينة؛ إذ لا توجد خارطة طريق واحدة للصداقة والتقارب.

  • انتهاء علاقة الصداقة بين شخصين ليس بالأمر الجلل

انفصال الأصدقاء صعب للغاية، وله وقع نفسي وعاطفي فيهم تماماً مثل تأثير الانفصال في العلاقات العاطفية. 

  • الصديق الحقيقي هو من يستطيع معرفة ما تحتاجه دون أن تتكلّم

ليس متوقَّعاً من الأشخاص قراءة أفكارنا، لذا من الضروري مناقشة المشاكل والمشاعر والاحتياجات بصراحة ووضوح. 

  • الصداقة تعني التعهد بالولاء الأبدي

يمكن أن يؤدي الدعم العميق الذي يقدمه الأصدقاء إلى نشوء شعور عميق بالولاء تجاه العلاقة نفسها؛ لكن هذا الدعم لا يضمن الولاء الأبدي إذ يكسب الأصدقاء ولاء بعضهم بعضاً من خلال المساهمة المستمرة في العلاقة والعمل معاً لتنمية الصداقة. 

  • انتهاء الصداقة يعني الفشل

إن اختيار إنهاء الصداقة هو علامة على النضج وليس الفشل. ويحصل ذلك حين تظهر الكثير من الاختلافات في وجهات النظر والرؤى، فيكون إنهاء الصداقة هو القرار الأصح.

  • الصداقة المثالية

تأخذ الصداقات أشكالاً وطبائع مختلفة، فبعضها قريب والآخر مرتبط بالسياقات الاجتماعية الأخرى مثل العمل. لا يوجد نموذج مثالي للصداقات، وهو أمر جيد طالما أنها تضيف قيمة إيجابية لحياتك.

مَن هو الصديق الحقيقي حسب خبراء الصحة النفسية؟

قد يكون المرح والثقة والصدق والتقبّل المكونات الأساسية لأي صداقة؛ لكن ليست كل الصداقات متساوية. قد يكون لدى معظمنا أصدقاء يمكننا الوثوق بهم والاعتماد عليهم في أوقات الحاجة؛ لكن ليست كل الصداقات مفيدة بنفس القدر.

لحسن الحظ؛ يمكن لخبراء الصحة النفسية من بيتر هيلب (Better Help) مساعدتنا على فهم الطبيعة الحقيقية للصداقات وتوجيهنا في الاتجاه الصحيح إذا شعرنا أن حياتنا الاجتماعية تفتقر إلى الصداقة الحقيقية. وهذه بعض الصفات التي يجب أن تتوفّر في الأشخاص الذين تثق بهم وتعتبرهم أصدقاء حقيقيين:

  • الأصدقاء الحقيقيون هم أولئك الموجودون من أجلك في أوقاتك الصعبة، والقادرون على تقديم المساندة حين يستطيعون ذلك؛ أي أنهم لن يترددوا إن أمكنهم مساعدتك.  
  • الأصدقاء الحقيقيون يستمعون إليك عندما تمر بوقت عصيب ويفكرون فيما يمكنهم فعله للمساعدة. يخبرونك الصدق حتى لو لم يعجبك، لأنهم يهتمون بمشاعرك بحقّ ويريدون أن تشعر بتحسن وتكون أفضل حالاً. 
  • في الصداقة الحقيقية تكون مقبولاً كما أنت، وبغض النظر عن اختلافاتك مع الصديق؛ سيقدرك ويحترم آرائك. يتقبّل الأصدقاء الحقيقيون أخطاء بعضهم بعضاً ونقاط ضعفهم، بالإضافة إلى قوتهم وإنجازاتهم.
  • الصديق الحقيقي يريد لك الأفضل فيشجع نموك الشخصي والعيش بأفضل ما لديك من خلال مساعدتك على القيام باختيارات أنسب.
  • الصديق الجيد لا يتخلى عنك في الأوقات الصعبة كما في الأوقات الناجحة والسعيدة، فهو يتشاركها معك. يبقى صديقك الحقيقي بجانبك خلال خيبات الأمل وأزمات الصحة النفسية والأمراض الجسدية لأنه يهتم بحقّ.

كيف تبني شبكة الصداقات الحقيقية وتحافظ عليها؟

الصداقات الحقيقية ضرورية لعافيتنا وسعادتنا ونجاحنا في الحياة، فقد ربطت دراسة قامت بها الباحثة من قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية والسياسية بالسويد فيفيانا أماتي (Viviana Amati) وزملاؤها، الصداقةَ القوية بفوائد جمّة مثل تقليل التوتّر وخطر الإصابة بالاكتئاب، إضافة إلى تحسين مهارات حل المشكلات وتعزيز المرونة لمواجهة المصاعب.

إنّ الحفاظ على صحبة صالحة جزء مهم من عيش حياة سعيدة وصحية. ومع ذلك فليس من السهل دائماً العثور على أصدقاء يضيفون طابع الفرح والعمق إلى حياتك؛ لكن هذا لا يعني أنك لا يمكن أن تمتلك شبكة صداقات متينة على الإطلاق!

تستغرق الصداقات وقتاً لتتطوّر، لذا إذا كنت مستعداً لتوسيع دائرتك الاجتماعية وبناء علاقات قوية مع الأشخاص من حولك؛ ينصحك الخبراء من مايو كلينيك (Mayo Clinic) بإعادة التواصل مع أصدقائك القدامى، والبقاء على تواصل مع الأشخاص الذين عملت أو درست أو استمتعت بالدردشة معهم سابقاً. كما سيفيدك جداً تخصيص وقت للتواصل مع أفراد الأسرة والتعرّف أكثر إلى جيرانك من خلال تقديم نفسك إليهم.

نصائح الخبراء للحفاظ على الصداقات الصحية

ولأن الصداقات تلعب دوراً مهماً في حياتنا، فقد لا تمنحنا السعادة بالكامل ولكنها تساهم في عافيتنا بشكل عام. لهذا يذهب خبراؤنا من مايو كلينيك إلى حثّك على الحفاظ على علاقة صحية وذات مغزىً مع أصدقائك من خلال الالتزام بالنصائح التالية:

  • الطيبة في التعامل سلوك جوهري في العلاقات الناجحة، وأفعال اللطف في الصداقات هي  بمثابة  تعبير عن الامتنان لوجود صديقك.
  • أن تكون مستمعاً جيداً يعني أن تسأل وتهتم بما يجري في حياة أصدقائك، وتحرص على الاهتمام بتفاصيلهم والتعاطف مع تجاربهم، ولا تبخل أبداً بتقديم النصيحة.
  • الانفتاح على نفسك مع أصدقائك يعني استعدادك للإفصاح عن تجاربك ومخاوفك الشخصية لهم؛ ما يسهم في توطيد علاقتكم. 
  • أن تكون أهلاً للثقة؛ بحيث تُظهر المسؤولية وإمكانية الاعتماد عليك من خلال الالتزام بوعودك والحفاظ على خصوصية الصديق وأسراره.
  • أن تكون متاحاً قدر المستطاع في الأوقات التي يحتاجك فيها الصديق وفي اللقاءات المنتظمة التي تجمعكما.
  • التحكم في أعصابك بوعي حين تتمكّن منك المخاوف من الانخراط في المواقف الاجتماعية؛ مثل الرغبة في البقاء في المنزل أو الخوف من المواقف المحرجة.

يمكن للصداقات الصحية أن تغير حياتنا عندما توفر عنصر الأمان؛ حيث نشعر بأن هناك مَن يرانا ويسمعنا ونختبر المحبة الأصيلة.

أن يكون لديك أصدقاء حقيقيون وتحتفظ بهم مدى الحياة يتطلب مجهوداً وإرادة. لهذا؛ ستحتاج إلى الاستثمار في صداقاتك بانتظام حتى لا تشعر بخيبة الأمل في أوج الظروف الصعبة حين لا تجدهم إلى جانبك.

المحتوى محمي