أموات على قيد الحياة: 7 خطوات لمواجهة إحساس الموت من الداخل

5 دقائق
الموت الداخلي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: فقط لأننا على قيد الحياة، فهذا لا يعني أننا نشعر بهذه الحياة، فبعض الأشخاص يشعرون بالموت من الداخل، وينفصلون تماماً عن مشاعرهم وعن الحياة المحيطة بهم. وهذا الموت الداخلي ليس مجرد تعبير مجازي؛ إنه إحساس حقيقي. أعلم أنه تعبير مربك ويصعب وصفه؛ ولكن مع ذلك يمكننا أن نخبركم المزيد عنه من خلال السطور الآتية.

أشعر وكأنني "أموت من داخلي"! عبارة قد تكون سمعتها من قبل أو شعرت بها، وبالنسبة إلى أي شخص لم يجرب هذا الإحساس، قد يكون من الصبح تخيل شعور الموت من الداخل، وحتى أولئك الذين خاضوا هذه التجربة الأليمة واختبروا هذا الإحساس، لا يملكون دائماً الكلمات المناسبة لشرح الارتباك والحزن والفراغ المصاحبين لهذا الشعور، فما الذي يعنيه الموت من الداخل لنفسيتك؟ وكيف يمكنك التعامل معه؟ الإجابة في هذا المقال.

كيف يكون شعور الموت من الداخل؟

إن شعور الموت الداخلي هو مواجهة صعوبة بالغة في معالجة أي شعور مثل الحزن والسعادة، وعندما تشعر بأنك ميت من الداخل فإنك تحس بالملل والفراغ؛ تبدو الحياة وكأنها رحلة بلا هدف وأحداث يومية دون نهاية؛ يبدو كل شيء منفصلاً عن بعضه حيث ينتابك إحساس بأنك تمارس الحياة اليومية دون أي شعور بتلك الحياة.

في بعض الأحيان، قد يكون هذا الشعور قصير الأمد، ويغادر بالسرعة التي يظهر بها، وفي أحيان أخرى، يمكن أن تستمر تلك الأحاسيس لفترة أطول من أيام أو أسابيع، وقد تمتد طوال سنوات لتسبب مشاعر مزمنة بالفراغ.

أهم 7 علامات لإحساس الموت الداخلي

يمكن لأي شخص أن يشعر بأنه ميت من الداخل حتى لو كان ناجحاً مهنياً أو يعيش أفضل حالاته المريحة في الحياة، أو حتى إذا كان ينعم بالعديد من العلاقات الصحية. ويمكن أن يختلف شعور الموت الداخلي من شخص إلى آخر، ومع ذلك، ثمة علامات مهمة تشير إلى هذا الإحساس؛ وهي:

  1. الشعور بعدم امتلاك أي أهداف في الحياة: بالنسبة إلى معظم الأشخاص، فإن امتلاك الأهداف هو ما يدفعهم إلى الاستيقاظ من النوم كل صباح، سواء أكان هذا الهدف هو مساعدة الحيوانات أم تطوير الذات أم التواصل مع الأحباب. ولهذا؛ فإن معرفة المهمات التي تنتظرنا في الصباح لأنها تقرّبنا أكثر من أهدافنا، يمكن أن تكون مصدراً للتحفيز؛ ولكن الشخص الذين يشعر بالموت الداخلي يكون هدفه مفقوداً تماماً ولا يعرف لماذا يستيقظ كل يوم؛ ثمة فقط علامة استفهام كبيرة تصاحبه وتسأله: "لماذا تبدو الحياة مملة هكذا؟".
  2. التساؤل المستمر عن جدوى الحياة: من الطبيعي أن نتساءل عما نفعله على هذا الكوكب، أو ماذا يحدث عندما نموت؛ ولكن عادة ما تكون هذه الأفكار عابرة، وبخاصة أنه لا توجد إجابات محددة عن الأسئلة الوجودية. ومع ذلك، حين تشعر بأنك ميت من الداخل، لن تتوقف هذه الأسئلة في داخل رأسك، ففي كل صباح سوف تتساءل عن مغزى الوجود وما إذا كانت هذه الحياة تستحق أن تُعاش بالفعل.
  3. حالة من الخدر المستمر: الشعور بالموت في الداخل ينتج منه شعور دائم بالخدر؛ حيث يصبح من الصعب التعبير عن شعور مثل السعادة أو الحزن أو حتى مجرد الإحساس بها، وتضحى الحياة رتيبة بأسلوب أو بآخر، ويكون للحظات الفرح أو الألم تأثير ضئيل أو معدوم في هذه الحالة.
  4. الشعور بالوحدة والانفصال عن الآخرين: حين تشعر بأنك ميت من الداخل، ينتابك إحساس موحش بالوحدة حتى لو كنت محاطاً بالكثير من الأصحاب والأقارب؛ حيث يصعب عليك في الكثير من الأحيان شرح شعورك أو الأحاسيس التي تراودك؛ وهذا يؤدي في نهاية الأمر إلى إحساسك بالوحدة والعزلة الاجتماعية والانفصال تماماً عن الآخرين.
  5. تشعر بأنك عالق في هذه الحياة: وعلى الرغم من أنك تملك الكثير من الأصدقاء وقد تكون ناجحاً في حياتك المهنية، فإن هذا الشعور يلازمك؛ ولهذا فإنك لا تبالي بإنجازاتك كلها ولا تراها من الأساس.
  6. لا يمكنك البكاء حتى لو كنت تشعر بالحزن: الشخص الذي يعاني إحساس الموت الداخلي يجد صعوبة بالغة في التعامل مع كل ما يشعر به؛ إذ لا يمكنه التعبير عنه بالكلمات؛ إنه فقط مثل الروبوت الذي يتحرك في العالم من دون الإحساس بوجوده!
  7. الشعور بالفراغ الداخلي: العواطف هي وسيلة مهمة للغاية من أجل التواصل مع العالم؛ ولذلك عندما تواجه صعوبة في التواصل مع عواطفك، قد تشعر وكأنك أصبحت نسخة مجوفة من نفسك؛ وهذا يؤدي إلى شعورك بالفراغ الداخلي.

اقرأ أيضاً: ما أسباب شعورك بالفراغ الداخلي؟ وكيف تجد ما يرضيك حقاً؟

لماذا نشعر أحياناً بأننا أموات من الداخل؟

يمكن أن يكون شعور الموت من الداخل ناجماً عن ظروف خارجية أو أسباب من داخل الشخص؛ كما يمكن أيضاً أن يكون مزيجاً من الاثنتين، وتشمل أسباب الشعور بالموت الداخلي ما يلي:

  1. الإصابة بالاكتئاب: الاكتئاب هو اضطراب مزاجي يسبب شعوراً مستمراً بالحزن، ويؤكد أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أحمد عكاشة، إن أعراض الاكتئاب تجعل المريض يفقد متعته تماماً في الحياة ولا يشعر بأي بهجة، وتجدر الإشارة إلى أن الاكتئاب يأتي مصحوباً بإحساس اللامبالاة ونقص تقدير الذات، وفي حالاته المتطورة قد يؤدي إلى الأفكار الانتحارية.
  2. معاناة اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): يحدث اضطراب ما بعد الصدمة بعد أن يعيش الشخص تجربة مؤلمة ومروعة تسبب له عدداً من التغيرات النفسية والجسدية، ونظراً إلى أن اضطراب ما بعد الصدمة يجعل الشخص ينفصل عن نفسه وعن الآخرين؛ فقد يؤدي أيضاً إلى الشعور بالموت من الداخل.
  3. كبت المشاعر: في بعض الأحيان، قد يكون من الصعب جداً التعامل مع المشاعر؛ ولذلك يلجأ بعض الأفراد إلى كبتها ودفنها من أجل نسيانها، وفي حين أن هذا الأمر من الممكن أن يكون آلية دفاعية نفسية من أجل التكيف مع المواقف السلبية؛ إلا أن الاستمرار في كبت المشاعر قد تؤدي إلى إحساس الموت من الداخل.
  4. تبدد الشخصية: عندما تشعر أنك تراقب نفسك من خارج جسدك، فقد يكون هذا حالة من حالات الظاهرة الانفصالية المتمثلة في تبدد الشخصية. وحين يحدث هذا الأمر، يشعر الشخص بالانفصال عن نفسه وعقله وبيئته كما لو كان يعيش الحياة بجسد شخص آخر؛ ما يؤدي في نهاية الأمر إلى الإحساس بالموت الداخلي.
  5. اضطراب الشخصية الحدية (BPD): تُعد المشاعر المزمنة بالفراغ أحد الأعراض المعروفة لاضطراب الشخصية الحدية (BPD)، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بمشاعر اليأس والوحدة لتؤدي في نهاية المطاف إلى إحساس الموت من الداخل.
  6. الحزن الطويل الأمد: أحياناً نواجه بعض خسائر الحياة الفادحة التي تجعلنا نشعر بالحزن؛ ولكن هذا الشعور حين يستمر لمدة طويلة يؤدي إلى إحساس الموت الداخلي، وأهم الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى إحساس الحزن الطويل الأمد:
  • فقدان أحد الوالدين.
  • فقدان أحد الأبناء.
  • حين تكون الناجي الوحيد من حادث ما.
  • حين تنجو من أحد الكوارث الطبيعية.

اقرأ أيضاً: كيف أتغلب على رهاب الموت؟

كيف تتعامل مع إحساس الموت الداخلي؟

عندما تكافح شعور الموت الداخلي، فثمة خطوات يمكنك اتخاذها للتعامل مع هذا الإحساس المروع والتغلب عليه؛ مثل:

  1. احصل على العلاج النفسي: يُعد العلاج النفسي الطريقة المثلى لتعلم كيفية إدارة التحديات النفسية في الحياة بمساعدة معالج متخصص؛ حيث تُمكنك معرفة السبب الجذري لإحساس الموت الداخلي لديك وما هو المطلوب فعله للتعامل مع شعورك وهذه التجارب.
  2. ركز على ممارسة الرعاية الذاتية: ممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن تساعدك على زيادة إنتاج هرمونات السعادة وتقليل الشعور باليأس والفراغ. ويُعد التأمل وتدوين اليوميات من الطرائق الأخرى لفهم حالتك النفسية، وما الذي يمكن أن يسببها، وكيف يمكنك إيقاف هذا الشعور.
  3. قدّر قيمة الحياة: توضح أستاذة علم النفس، جوليانا برينس (Juliana Breines)، إن أحد الأسباب الذي يجعلنا لا نشعر بأننا على قيد الحياة هو أن الأمر ليس ضمن أولوياتنا، فنحن مشغولون جداً بالتركيز على أشياء أخرى. وتضيف برينس إن الأمر كله يعتمد على الطريقة التي ننظر بها إلى الحياة: يمكننا أن نأسف على أنفسنا لأنها محدودة أو يمكننا أن نشعر بالامتنان لأننا تمكنّا من تجربتها.
  4. أعِد التواصل مع نفسك وامتلك رؤيتك الخاصة: الأشخاص الذين يملكون رؤيتهم الخاصة للحياة يعيشون على نحو أفضل، وتتضمن هذه الرؤية الخاصة وجود إحساس واضح بما تشعر أنه مهم حقاً، والالتزام بمبادئك في المواقف الصعبة، والسعي وراء الأهداف التي تثير شغفك دون التعرض إلى الضغط أو الامتثال إلى الآخرين.
  5. مارس الأنشطة التي كنت تستمتع بها من قبل: ابدأ ممارسة الأنشطة التي كانت تجلب لك الرضا في السابق؛ مثل الرياضة أو العمل التطوعي أو تعلم شيء جديد. في البداية، قد يجعل إحساس الموت الداخلي تلك الأنشطة أقل متعة؛ ولكن مع مرور الوقت يمكنها تحسين مزاجك وتحفيزك.
  6. عبّر عن مشاعرك: ابحث عن منافذ آمنة وصحية لمشاعرك؛ يمكن أن يكون ذلك من خلال الكتابة، أو التحدث إلى صديق موثوق به، أو الانخراط في ممارسة أنشطة إبداعية مثل الرسم أو الموسيقا.
  7. تناول الأدوية: إذا لم تنجح الطرائق السابقة كلها، يمكنك أن تسأل طبيبك النفسي عن الأدوية المضادة الاكتئاب التي ستساعدك على تحسين حالتك المزاجية.

في النهاية، لا تستسلم، يمكنك أن تجد روحك مرة أخرى ولهذا استمر في البحث عن شيء يمكنك أن تحبه. امنح نفسك هدية تخفيف آلامك من خلال القيام بشيء من أجلك فقط، واستمر في المحاولة، كافئ نفسك على اتخاذ الخطوات الصغيرة لأنك تستحق كل مكافأة.