مكملات “هرمون الحب” لا تُصلح العلاقات المحطمة؛ لكن هذه الخطوات تفعل!

4 دقائق
هرمون الحب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

في حين يتطلب حل مكعب الروبيك بعض الخطوات الناتجة عن التفكير الجيد والمنطقي، لا تُحل كل المشكلات في العلاقات بالتفكير العقلاني البحت، ذلك لأن ما يحدد علاقات الإنسان وقراراته ليس العقل وحده، فهناك العديد من العمليات التي تتدخل فيها الهرمونات والمشاعر والتي لا يمكن كبحها أو التحكم في مستوياتها بسهولة في كثير من الأحيان.

أحد هذه الهرمونات المهمة في التفاعلات الاجتماعية اليومية والعلاقات قصيرة وطويلة الأمد هو هرمون الأوكسيتوسين (Oxytocin) المعروف أيضاً بـ "هرمون الحب"، لدوره في التأثير في السلوك البشري والعواطف، وارتباطه ببناء العلاقات وقوتها.

ما وظيفة هرمون الأوكسيتوسين؟

وفقاُ لموقع كليفلاند كلينيك (Cleveland Clinic)؛ الوظيفتان الجسديتان الرئيسيتان لهرمون الأوكسيتوسين تتمثلان في تحفيز تقلصات الرحم في أثناء المخاض والولادة وتحفيز تقلصات أنسجة الثدي للمساعدة على إدرار اللبن خلال فترة الرضاعة، كما أنه يعمل كموصل كيميائي في الدماغ وله دور مهم في العديد من السلوكيات البشرية والتفاعلات الاجتماعية؛ بما في ذلك:

  • الإثارة الجنسية.
  • الإدراك.
  • الثقة.
  • الارتباط الرومانسي.
  • الارتباط بين الوالدين والرضيع.

كيف يؤثر هرمون الحب في العلاقات؟

تشير مراجعة لمجموعة من الأبحاث من جامعة ريغنسبورغ (University of Regensburg) الألمانية إلى تأثير هرمون الأوكسيتوسين المهم في السلوكيات الاجتماعية والاستجابات العاطفية، بالإضافة إلى مساهمته في الاسترخاء والثقة والاستقرار النفسي. كما يمكن أن يقلل هرمون الأوكسيتوسين في الدماغ من استجابات الإجهاد والقلق، ويسمح للجسم بالتكيف مع المواقف التي قد ينتج عنها انفعال شديد.

كما أوضحت دراسة من جامعة كاليفورنيا (University of California) وجود مستويات أعلى من هرمونيّ الأوكسيتوسين والكورتيزول بين النساء اللواتي كانت لديهن مشكلات في علاقاتهن الاجتماعية وتعانين من علاقات سلبية مع شركائهن؛ ما يسلط الضوء على التأثير السلبي لانخفاض هرمون الأوكسيتوسين في العلاقات.

إذا كان لهرمون الحب ذلك التأثير الحيوي في العلاقات، فهل يمكن لاستخدام المكملات التي تحتوي عليه أن يصلح العلاقات المحطّمة وغير السعيدة ويعيد الترابط بين الشريكين؟

هرمون الأوكسيتوسين لا يصلح العلاقات المحطّمة

على الرغم من اقتراح استخدام بخاخات هرمون الأوكسيتوسين الأنفية كتدخل فيزيولوجي للمساعدة على إنقاذ العلاقات المحطمة وزيادة الروابط الأبوية؛ تشير دراسة حديثة من جامعة إسكس (University of Essex) الإنكليزية إلى أنها ليست علاجاً سحرياً لإصلاح الزيجات، وأن تأثيرها ليس بهذه القوة.

أظهرت الدراسة ذاتها؛ والتي أُجريت بالتعاون مع جامعة كارديف (Cardiff University) بإنجلترا على نحو 100 رجل، أن العلاج النفسي أكثر فعاليةً في مساعدة الرجال على التعرف إلى مشاعر الآخرين، ومن ثم امتلاك قدرة أفضل على بناء علاقات جيدة والحفاظ عليها، من تناول جرعات من هرمون الأوكسيتوسين.

لذلك تشير الباحثة الرئيسية في الدراسة، الدكتورة كاتي دوترز (Katie Daughters) إلى الحاجة إلى معرفة المزيد عن هرمون الأوكسيتوسين قبل استخدامه كعلاج، وتضيف: "دراستنا بمثابة تذكير مهم بأن الأوكسيتوسين قد لا يكون دائماً الأداة الأكثر فعالية عند محاولة تحسين الحياة الاجتماعية والصحة النفسية للآخرين، فهناك الكثير من الدراسات التي تفحص ما إذا كان يمكن للأوكسيتوسين أن يزيد من نتيجة معينة مرغوبة؛ ولكن دراسات قليلة نسبياً قارنت ما إذا كان الأوكسيتوسين أفضل من شيء آخر مصمم أيضاً لتحسين نفس النتيجة".

الأوكسيتوسين والتعرف إلى مشاعر الآخرين

بما أن الأفراد الذين يصعب عليهم التعرُّف إلى المشاعر معرضون بشكل أكبر للمعاناة من مشكلات الصحة النفسية؛ عمل الباحثون من خلال الدراسة على تحسين قدرة الناس على التعرف إلى المشاعر بطريقتين مختلفتين لدراسة مدى جدواهما.

تم تقسيم المشاركين لمجموعتين، مع إعطاء البعض هرمون الأوكسيتوسين عن طريق رذاذ الأنف، والبعض الآخر دواء وهمياً، ثم شاركت مجموعة في برنامج تدريب عاطفي معتمد لتحسين التعرُّف إلى مشاعر الآخرين، أو برنامج تدريبي وهمي.

ثم عُرضت عليهم سريعاً وجوه تُظهر مستويات مختلفة من العاطفة، وتمكن المشاركون في برنامج التدريب من التعرُّف إلى الوجوه الحزينة والغاضبة، على العكس الذين تناولوا هرمون الأوكسيتوسين، والذي لم يكن له تأثير واضح في تحسين قدرتهم على التعرّف إلى المشاعر.

تضيف الدكتورة دوترز أن السعي لتحسين الحياة الاجتماعية للأفراد أمر مهم حقاً، لذلك إذا كانت هناك بعض الطرق أو العلاجات الأخرى الفعالة في ذلك الأمر غير رذاذ الأوكسيتوسين؛ يجب تطبيقها أيضاً. 

كذلك، ففهمنا الحالي لكيفية عمل بخاخ الأوكسيتوسين يشير إلى أنه، في شكله الحالي، قد لا يكون حلاً عملياً، خاصةً وأن الآثار المفيدة المرغوبة من استخدامه تستمر لعدة ساعات فقط.

5 نصائح لإصلاح العلاقات وزيادة قوتها

في حين لا تبدو مكملات هرمون الحب ذات تأثير قوي في إصلاح العلاقات المحطمة أو التي لا يشعر فيها الطرفان بالانسجام، تمدنا اختصاصية علم النفس الإكلينيكي، سوزان هيتلر (Susan Heitler) في مقالها بعدة خطوات لإصلاح العلاقات كما يلي: 

اكتب قائمة بجميع المشكلات والأمور التي تسبب الخلافات

يتضمن ذلك المشكلات التي تمتنع عن الحديث عنها خوفاً من أن يؤدي الحديث إلى جدل، فالصمت عن هذه المشكلات ليس حلاً؛ بل الحديث عنها والتوصل لحلول مقبولة للطرفين لكل هذه المشكلات وتعلم المهارات اللازمة لحل المشكلات الجديدة عند ظهورها هي الطريقة المثلى. 

ركّز على ما يمكنك تغييره في نفسك، لا شريكك 

لا تولِّد محاولات إقناع شريكك بالتغيير سوى تصرّفه بدفاعية، فلا أحد يحب أن توجّه له كلمات نقد أو يقال له إنه يفعل أشياء خاطئة أو أنه شخص سيئ. من الأفضل لكليكما استخدام طاقتكما لمعرفة ما يمكنكما القيام به بشكل مختلف لإصلاح العلاقة.

التوقف عن توجيه الاتهامات

الاتهامات لا تقدم شيئاً نافعاً لكما؛ فقط تلوث العلاقة الإيجابية. لذلك يجب التوقف عن الانتقاد والشكاوى واللوم والاتهامات، بالإضافة إلى الغضب والسخرية.

تعلم كيفية اتخاذ القرارات بشكل تعاوني

مثل رقصة مريحة للطرفين والتي يخطو فيها أحد الطرفين خطوة للأمام أو الخلف؛ يستجيب لها الطرف الآخر. تهدف هذه النقطة إلى صنع قرار مريح لكما ووضع خطة ترضيكما. يتحقق ذلك بالتعبير بهدوء عن مخاوفك الأساسية في حال نشوب خلافات بينكما، والاستماع بهدوء لفهم مخاوف الشريك، ثم ابتكار حل مناسب.

تنمية الطاقات الإيجابية التي تعطيها لشريكك

المزيد من الابتسام والعناق والتقدير والوقت والمشاريع المشتركة، بالإضافة إلى التركيز على ما يعجبك في شريكك؛ ينمي كل ذلك الطاقة الإيجابية بينكما ويحافظ على جودة العلاقة وقوتها. 

وأخيراً؛ بينما تشير الدراسة الحديثة إلى أن محاولة إصلاح العلاقات المحطة عن طريق هرمون الحب أمر غير فعّال، تزداد أهمية البحث عن علاجات أو طرق لتحسين التعرف إلى مشاعر الآخرين والتفاعل معها للحفاظ على علاقات صحية وناجحة. كما يجب الاستعانة باختصاصي في الصحة النفسية أو العلاقات الأسرية في حال لم تستطع أنت وشريكك حل الأمور بمفردكما.

المحتوى محمي