لا ينكر المهتمون والمختصون في مجال الصحة النفسية أضرار جائحة كوفيد؛ إذ تسببت بتدني مستوى صحة الأفراد وعافيتهم في الآونة الأخيرة؛ والذي لا يزال مستمراً حتى اليوم. إذاً، كيف يمكننا مقاومة الشعور بالاكتئاب؟
في المقابل؛ لا ينكر هؤلاء أنها ساهمت في توسيع ساحات الحديث عن الاضطرابات النفسية، وخلق أنواع مختلفة من التعاون الإيجابي. وفي حين لا يبدو المشهد العالمي في الصحة النفسية أفضل من ذي قبل، فالربع الأول من 2022 كان شاهداً على بعض التحولات المهمة.
وفقاً لموجز علمي أصدرته منظمة الصحة العالمية (WHO) في شهر مارس/آذار 2022؛ ارتفع الانتشار العالمي للقلق والاكتئاب بنسبة ضخمة بلغت نحو 25% في العام الأول لجائحة "كوفيد-19".
في نفس ذلك الوقت؛ أظهرت أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية (WHO) لعام 2020، أن إنفاق الحكومات في جميع أنحاء العالم من ميزانياتها الصحية على الصحة النفسية والعقلية في المتوسط بلغ ما يزيد بشيء قليل عن 2%.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر؛ أفادت العديد من البلدان متدنية الدخل (Low-income Countries) أن لديها أقل من مختص صحة نفسية واحد لكل مائة ألف شخص!
وفي ظل ما سبق من معلومات عن عدم وجود حلول جذرية لهذا التزايد؛ الذي وبكل قوة يَدُق ناقوس الخطر في كل أنحاء الأرض؛ دعونا نتعرف معاً على آثار الاكتئاب وبعض الأساليب الفعّالة التي من الممكن استخدامها لمقاومة الشعور به أو حتى تفاديه.
كيف يؤثر الاكتئاب علينا؟
بإيجاز؛ تظهر الأعراض المرضية للاكتئاب بمستويات مختلفة من شخص لآخر ولكنّها تتسم بقدرتها على التأثير في عاداتنا اليومية نتيجة استمرار مشاعرنا السلبية والحزينة لفترة طويلة؛ ما يجعلنا نُظهِر تدنّياً واضحاً في مستوى الصحة النفسية والعقلية.
وحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية (CDC)، فقد تشمل الأعراض المرضية للاكتئاب الشعور بالحزن أو القلق في كثير من الأحيان أو طوال الوقت، وعدم الرغبة في القيام بأنشطة كانت ممتعة في السابق.
بالإضافة إلى ما سبق، فقد تشمل آثار الاكتئاب الشعور بالضيق أو الإحباط بسهولة، القلق، وصعوبة النوم أو النوم لمدة طويلة، والشعور بالذنب أو انعدام القيمة، والتفكير في الانتحار أو إيذاء النفس.
بالتالي فمن الضروري أن نتعلم بعض الأساليب الناجحة التي يمكننا استخدامها لتفادي الاكتئاب بشكل وقائي استباقي حتى قبل حدوثه. ولمن يعاني منه، فمن الممكن استخدامها لمقاومة الشعور به وتحسين مستوى الصحة النفسية والعقلية.
اقرأ أيضا:
كيف نتفادى الاكتئاب؟
بحسب خدمات الصحة الوطنية البريطانية (NHS)؛ يمكننا اتباع بعض الاستراتيجيات التي من شأنها تنظيم استجابتنا الجسدية والنفسية والعقلية لمشاعر وعواطف الاكتئاب؛ ومنها ما يلي:
- تفعيل التواصل الإيجابي مع الآخرين من حولنا: فقد نجد فرقاً واضحاً في حياتنا عندما نقاوم الرغبة السلبية في الانعزال، إلى جانب أهمية البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة؛ والذي يعني وجود دائرة دعم يمكن التحدث معها عندما نشعر بالضيق والضعف.
- الحرص على النشاط البدني: فتبنّي بعض التمارين اليومية المنتظمة يمكن أن يساعد في تحسين مزاجنا. على سبيل المثال؛ المشي لمدة 20 دقيقة كل يوم حول الحي الذي نعيش فيه أو أي نشاط بدني آخر نحبه برفقة الأصدقاء والعائلة.
- العمل على مواجهة المخاوف والتحديات الحياتية: فلا نتجنب الأشياء التي تبدو صعبة؛ والذي من شأنه التأثير على ثقتنا بأنفسنا في تجاوزها!
- تجنّب المشروبات الكحولية: فقد يكون شربها طريقة سيئة للتأقلم مع المشاعر السلبية والحزينة، أو حتى أسلوباً غير فعال لإخفائها؛ ما يجعلنا في كثير من الأحيان نشعر بمزيد من الاكتئاب.
- الحرص على تناول وجبات صحية: فقد تُقلِّل الإصابة بالاكتئاب أو الأدوية التي تُوصَف لنا لزيادة رغبتنا في تناول الطعام؛ ما يجعلنا عرضة لخطر الإصابة بفقدان الوزن، أو على النقيض؛ قد نُصبِح شَرِهين بشكل غريب؛ ما يساهم في زيادة الوزن أو حتى البدانة.
- الحرص على تبنّي روتين صحي منتظم: فقد يجعلنا الشعور بالإحباط والضيق أكثر عرضة لأنماط نوم سيئة تتضمن السهر ليلاً والنوم نهاراً، إلى جانب الإخلال بوقت الوجبات الغذائية ونوعها؛ ما يُعزز فكرة الحرص على تَعلُّم تحضير وجبات صحية.
كيف نقاوم الاكتئاب؟
بالإضافة إلى ما سبق؛ تقترح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية (CDC)، أن يتم التفكير بشكل جدي في تلقي المساعدة النفسية والعقلية من مختص بعد حدوث الاكتئاب؛ ما يساعد في إيجاد طرق ناجحة للتعامل مع ما يحدث في حياتنا وتأقلمنا معه بجانب إعدادنا لمواجهة التحديات في المستقبل.
فعلى سبيل المثال؛ قد تتضمن بعض أهداف العلاج الشائعة:
- التعامل مع الضغوط.
- فهم الأحداث المؤلمة الماضية.
- التعرف على الأشياء التي تزيد من حدة اكتئابنا.
- فهم أسباب انزعاجنا بسبب شيء ما ووضع خطة جيّدة للتعامل معه.
إضافة إلى ما سبق، فقد يجد العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب أن تناول الأدوية الموصوفة كمضادات الاكتئاب، من شأنها المساعدة في تحسين مزاجهم وتطوير بعض مهارات التأقلم معه.
ختاماً؛ في حين أن العالم يشهد تصاعداً مستمراً في إحصائيات الاكتئاب بين جميع طبقات المجتمع لأسباب متعددة، فقد لا تكون لدينا فُرص مواتية لتلقّي المساعدة من مختص نفسي، أو قد لا تكون خدمات الصحة النفسية والعقلية في أفضل مستوياتها.
لذا يجب علينا أن نتعلم الاعتماد على تلك الأساليب الفعّالة التي من شأنها تعزيز جهودنا في مقاومة الشعور بالاكتئاب أو حتى تفاديه.
اقرأ أيضا: