أكدت دراسة بحثية حديثة نشرتها مجلة العلوم المتقدمة (Science Advances) في فبراير/شباط 2025 أن أدوية مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) التي توصف من أجل علاج اضطرابات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق، يمكنها أيضاً أن تحمي الجسم من الالتهابات الخطيرة، فما هي أهم تفاصيل هذه الدراسة، وكيف يمكن أن يؤدي تناول مضادات الاكتئاب إلى الوقاية من الالتهابات؟ الإجابة عبر هذا المقال.
محتويات المقال
كيف يمكن أن تقي مضادات الاكتئاب من الالتهابات؟
كشفت الدراسة البحثية السابق ذكرها أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) التي تستخدم من أجل علاج الاكتئاب تقي أيضاً من الالتهابات الخطرة والإنتان (Sepsis) أو تسمم الدم؛ وهو عبارة عن حالة طبية تحدث عندما يستجيب الجهاز المناعي استجابة شديدة للعدوى، ما يسبب خللاً وظيفياً في الأعضاء ويؤدي إلى تلف أنسجة الجسم وأعضائه، وقد يؤدي إلى الوفاة في حال لم يُكتشف ويُعالج فوراً.
وأوضحت الباحثة المشاركة في الدراسة والمتخصصة في أمراض المناعة، جانيل آيرز (Janelle Ayres)، أن استراتيجية العلاج المثالية من أجل القضاء على العدوى هي قتل البكتيريا أو الفيروسات المسببة للعدوى، ولكن معظم الأدوية تقضي على مسببات المرض وتضر أنسجة الجسم، وقد اتضح من نتائج هذه الدراسة أن تناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية يعزز حماية الأنسجة والأعضاء.
ويمكن القول إن جهازك المناعي يبذل قصارى جهده من أجل حمايتك من العدوى، إلا أنه قد يبالغ برد فعله في بعض الأحيان، ففي حالة تسمم الدم أو الإنتان على سبيل المثال، تخرج الاستجابة الالتهابية عن السيطرة لدرجة أن جهاز المناعة يتلف أنسجة الشخص نفسه وأعضاءه، وقد حدث ذلك أيضاً في مرض كوفيد-19 الشديد، وفي هذه الحالة من المفترض أن يكون الحل هو قمع الاستجابة الالتهابية أو محاولة التحكم في رد فعل الجهاز المناعي، لكن فعل ذلك يمكن أن يجعل المرضى أكثر عرضة للإصابة بالعدوى مرة أخرى أو مواجهة عدوى جديدة، وهنا يجب إعطاء المرضى الأدوية المثبطة للمناعة قبل حدوث أي تلف في الأنسجة.
ولفهم ما قد تفعله مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية في هذا السياق، درس الباحثون الفئران المصابة بعدوى بكتيرية وقسموها إلى فئتين: واحدة معالجة مسبقاً بمضاد الاكتئاب والأخرى غير معالجة، ومن المثير للاهتمام أنهم وجدوا أن الفئران المعالجة مسبقاً بمضاد الاكتئاب كانت محمية من الإنتان وتلف الأعضاء المتعددة والموت، وعلى الجانب الآخر قاس الباحثون عدد البكتيريا في كل مجموعة من الفئران بعد 8 ساعات من الإصابة، وتبين أن الفئران المعالجة بمضاد الاكتئاب كان لديها عدد أقل من البكتيريا في هذه المرحلة، ما يدل على إصابة أقل حدة، وهذا يعني أن مضاد الاكتئاب له خصائص مضادة للميكروبات، ما سمح له بالحد من نمو البكتيريا.
ويؤكد المؤلف الرئيس للدراسة، روبرت جالانت (Robert Gallant)، أن النتائج كانت غير متوقعة، ومعرفة أن مضاد الاكتئاب قادر على تنظيم الاستجابة المناعية، وحماية الجسم من العدوى، وله تأثير مضاد للميكروبات، تعد خطوة كبيرة نحو تطوير حلول جديدة للعدوى والأمراض التي تهدد الحياة.
اقرأ أيضاً: دور الالتهاب والجهاز المناعي في الإصابة بالاكتئاب
كيف تعمل أدوية مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية المضادة للاكتئاب؟
عادةً ما تكون مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية هي الخيار الأول الذي يصفه الكثير من أطباء الصحة النفسية لعلاج الاكتئاب، وذلك لأن آثارها الجانبية أقل حدة مقارنة بمضادات الاكتئاب الأخرى، ويمكن القول إن هذا النوع من الأدوية يخفف أعراض الاكتئاب من خلال منع إعادة امتصاص السيروتونين أو تقليلها، والسيروتونين هو الناقل العصبي المرتبط بتحسين الحالة المزاجية والطاقة والأداء الجنسي والهضم والنوم، وهو موجود على نحو طبيعي في الأمعاء والدماغ والجهاز العصبي المركزي.
ومن خلال تقليل إعادة امتصاص السيروتونين، تعمل هذه الأدوية على زيادة مستويات السيروتونين في الجسم، ومن ثم تخفيف حدة الأعراض الاكتئابية، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على استخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية لعلاج الحالات التالية:
- اضطراب الاكتئاب الشديد.
- اضطراب القلق العام (GAD).
- نوبات الاكتئاب من الاضطراب ثنائي القطب.
- اضطراب الوسواس القهري (OCD).
- اضطراب الهلع.
- اضطراب ما قبل الحيض (PMDD).
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي).
ما هي أهم الآثار الجانبية لأدوية مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية؟
تختلف الآثار الجانبية لهذه الأدوية من فرد إلى آخر، وقد تتغير أيضاً بمرور الوقت أو مع جرعات أعلى، ومن أهم تلك الآثار الجانبية:
- مشكلات الجهاز الهضمي مثل الشعور بالغثيان والقيء.
- الارتعاش.
- اضطرابات النوم.
- فرط التعرق.
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- الإحساس بالصداع.
- تغيرات الوزن.
- تفاقم الشعور بالقلق.
- جفاف الفم.
اقرأ أيضاً: هذه الأدوية الشائعة قد تصيبك بالاكتئاب
7 نصائح يمكن أن تساعدك من أجل التغلب على الاكتئاب
يستنزف الاكتئاب طاقتك ويجعلك تحس بالحزن واليأس، ولكن على الرغم من ذلك عليك أن تقاومه، لذلك حاول قدر المستطاع اتباع النصائح التالية:
1. فكر في المشي حول المبنى الذي تسكن فيه
في الأيام التي تشعر فيها بعدم القدرة على الخروج من السرير، قد تبدو ممارسة التمارين الرياضية آخر شيء تريد فعله، لهذا لن أطلب منك ذلك، ولكن صدقني: سوف يساعد النشاط البدني على تخفيف أعراض الاكتئاب بسبب إطلاق هرمون الإندروفين الذي يحسّن الحالة المزاجية، ولهذا حاول أن تخرج من أجل المشي قليلاً فقط حول المبنى الذي تسكن فيه، وفي اليوم التالي يمكنك أن تذهب أبعد قليلاً.
2. افعل الأشياء التي كانت تسعدك في السابق
عندما تكون مكتئباً تظل الأفكار السلبية تدور داخل رأسك مراراً وتكراراً كأنها فيلم لا ينتهي أبداً، وفي هذا الوقت لن تتمكن من الشعور بالسعادة أو المتعة، وعلى الرغم من ذلك عليك كسر هذه الحلقة المفرغة. لا تجبر نفسك على الاستمتاع أو الإحساس بالسعادة، ولكن جرّب فعل الأشياء والأنشطة التي كانت تسعدك من قبل، حتى لو لم تتحسن أعراض اكتئابك على الفور، فسوف تشعر تدريجياً بمزيد من التفاؤل والنشاط مع تخصيص الوقت للأنشطة الممتعة.
3. قلّل مسببات التوتر
يمكن أن يؤدي التوتر إلى تفاقم مشاعر الاكتئاب، لذلك اكتشف الأشياء كلها في حياتك التي تسبب لك التوتر، مثل عبء العمل أو المشكلات المالية أو العلاقات السامة غير الداعمة، وابحث عن طرائق لتخفيف الضغط واستعادة السيطرة على زمام حياتك، على سبيل المثال، إذا كنت تحس بضغط العمل حاول أن تطلب إجازة أو رتّب مهام عملك وتجنّب الإرهاق.
4. ابق على تواصل مع الآخرين
عندما تكون مكتئباً، ستميل إلى الانسحاب والعزلة بحيث يكون التواصل حتى مع أفراد الأسرة المقربين والأصدقاء أمراً صعباً للغاية، لكن في الوقت نفسه سوف يكون من الصعب عليك مواجهة الاكتئاب بمفردك، حيث يؤدي التواصل مع الآخرين وطلب المساعدة دوراً أساسياً في التغلب على الاكتئاب، ولهذا حاول أن تبقى على تواصل مع الأصدقاء المقربين.
5. مارس الامتنان
يؤكد استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، أن الاكتئاب يؤدي إلى سوداوية التفكير، ويجعلك تشعر بأنك بلا قيمة؛ إذ تحس بأنك وحيد وعالق وغارق، لكن تريث قليلاً، إذ إن هذا هو تأثير الاكتئاب، والحياة ليست بهذا السوء وأنت لست بهذا العجز، لذلك حاول أن تبحث عن شيء يجعلك تحس بالامتنان حتى لو كان صغيراً؛ يمكنك على سبيل المثال أن تشعر بالامتنان لأن منظر غروب الشمس كان جميلاً، أو لأنك تحدثت إلى أحد أصدقائك، أو أن تكون ممتناً لكوب الشوكولاتة الساخنة لأنه كان دافئاً.
6. افعل عكس ما يخبرك به صوت الاكتئاب
هل تشعر بأنك عاجز أو ضعيف؟ وأن الأشياء السيئة تستمر في الحدوث وأن وضعك ميؤوس منه؟ في الحقيقة إن الاكتئاب يضع لمسة سلبية على كل شيء، بما في ذلك الطريقة التي ترى بها نفسك وتوقعاتك للمستقبل، ويطلب منك أن تستسلم للحزن واليأس، لذلك افعل عكس ما يطلبه منك، على سبيل المثال، إذا طلب منك عدم الخروج من المنزل، تحرك وأخرج.
7. حسّن عادات نومك
عندما تعاني الاكتئاب من الممكن أن تواجه مشاكل في النوم؛ سواء كنت تنام كثيراً أم قليلاً جداً، ومن أجل تقليل حدة أعراض اكتئابك حاول تحسين نمط حياتك عبر الحصول على قسط كافٍ من النوم. يمكنك على سبيل المثال، تعلّم عادات النوم الصحية؛ بأن تحاول الذهاب إلى النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه كل يوم، وتتجنب الشاشات قبل غضون ساعتين من وقت النوم، وتطوّر روتيناً مريحاً لوقت النوم، وتتأكد من أن غرفة نومك مظلمة وهادئة ودرجة حرارتها معتدلة.
اقرأ أيضاً: هل كثرة النوم من أعراض الاكتئاب؟