بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الاكتئابية؛ تقدّم لهم مضادات الاكتئاب حلولاً تساعدهم على تخطّي الأزمة. لكن قد يكون الأمر محبطاً لبعض النساء اللواتي يعانين منه لأن هناك العديد من الدلائل العلمية التي سنتطرّق إليها في هذا المقال، تشير إلى أن علاج الاكتئاب يسبب تأخر الدورة الشهرية؛ بل ويسبّب توقفها أو عدم انتظامها إلى جانب تأثيرات أخرى سنتعرف إليها.
كيف تؤثر مضادات الاكتئاب في الدورة الشهرية؟
قبل التطرّق إلى الأساليب المختلفة التي يمكن أن تؤثّر من خلالها مضادات الاكتئاب في الدورة الشهرية، من المهم معرفة أن النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب والقلق يكنَّ أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الدورة الشهرية المتمثّلة في الدورة الشهرية غير المنتظمة أو القصيرة أو الغزيرة، وذلك وفقاً للمعلومات الصادرة عن مكتب صحة المرأة (OWH) بأميركا.
قد يعاني بعض النساء اللاتي يتناولن مضادات الاكتئاب من آثار جانبية وتغيرات في الأشهر الثلاثة الأولى بعد بدء علاج الاكتئاب؛ إذ تم ربط بعض مضادات الاكتئاب بالمستويات العالية من هرمون البرولاكتين (Prolactin) الذي يمكن أن يمنع حدوث الإباضة ويسبّب عدم انتظام الدورة الشهرية أو توقفها.
ووفقاً للمراجعة البحثية من بافلينا بافليدي (Pavlina Pavlidi) وزميلاتها من كلية الطب بجامعة كابوديستريان باليونان؛ يمكن أن تقلّل مضادات الاكتئاب من مستويات هرمون الإستروجين (Estrogen) ما قد يسبّب عدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها، فضلاً عن أعراض أخرى مثل تقلّب الحالة المزاجية؛ بينما يحدث ذلك بشكل طبيعي لدى النساء في سن التجدّد.
بينما يؤكد المختص في صحة المرأة، الطبيب خالد صادق (Khaled Sadek) إن التأثير السلبي لمضادات الاكتئاب في الدورة الشهرية مبنيّ على الأدلة التي أبلغت عنها النساء أكثر من البيانات المتعلقة بالعلاقة بين اضطراب الدورة الشهرية الفعلي ومضادات الاكتئاب؛ إذ يُقرّ بأنها أدلة ضعيفة.
ويضيف إن مضادات الاكتئاب أصبحت تُستخدم بشكل متزايد لعلاج الأعراض الشديدة لما يُعرف بمتلازمة ما قبل الحيض (PMS).
كيف أعرف أنه تأخر الدورة وليس حملاً؟
عادةً تكون أول علامة على الحمل هي غياب الدورة الشهرية، فإن تأخرّت دورتك الشهرية قد يعني ذلك أنك حامل.
لكن الاختلاف الرئيسي بين الاثنين يكمن في أن الدورة الشهرية لا تحدث بوجود الحمل، ويكون الغثيان أحد الأعراض المصاحبة له كمّا تؤكّد الممرضة من جامعة الطب الشمالية في توكسون الأميركية روبن غايلز (Robin Giles).
ما يستوجب الخضوع لاختبار الحمل لتأكيد شكوكك؛ إذ يمكنك إجراء اختبار الحمل المنزلي للكشف عن وجود هرمون الحمل (hCG) في البول، لكنه يمكن أن يعطي في بعض الأحيان نتيجة سلبية زائفة إذا تمّ إجراؤه في وقت مبكر جدّاً.
لذلك يُعدّ فحص الدم هو الإجراء الأمثل الذي يؤكّد وجود الحمل أو ينفيه، ويمكن أن تساعد هذه المعرفة النساء على تجنّب القلق غير الضروري أو منع الحمل غير المرغوب فيه.
أضرار مضادات الاكتئاب العامة
تُستخدم مضادات الاكتئاب لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات بما في ذلك الاكتئاب والقلق واضطرابات المزاج الأخرى، بالإضافة إلى دورها المخفّف لأعراض الاكتئاب. قد تكون لمضادات الاكتئاب أيضاً تأثيرات أخرى مثل زيادة الشهية وتغيرات الوزن وزيادة ضغط الدم، مع العلم بأنّ كل شخص يستجيب لمضادات الاكتئاب بشكل مختلف.
ويحدّد خبراء الصحة من مايو كلينيك (Mayo Clinic) التأثيرات الجانبية الأخرى في الأعراض التالية:
- عسر الهضم وآلام المعدة.
- الإسهال أو الإمساك.
- فقدان الشهية.
- الدوار.
- الأرق أو الشعور بالنعاس الشديد.
- الصداع.
- الشعور بالاضطراب أو القلق.
- الشعور بالمرض.
- فقدان الرغبة الجنسية.
- الصعوبة في بلوغ النشوة الجنسية.
- ضعف الانتصاب.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض أنواع الاكتئاب قد تستجيب بشكل أفضل لنوع واحد من مضادات الاكتئاب من استجابتها لنوع آخر. لذا من المهم استشارة طبيبك حول نوع مضادات الاكتئاب الأكثر فعالية بالنسبة لك، ومعرفة تأثيراتها الجانبية المحتملة مسبقاً.
اقرأ أيضاً: هل يؤثر القلق والتوتر في الدورة الشهرية؟
علاج تأثير الأدوية في الدورة الشهرية
قد يؤثّر الاكتئاب والقلق في التنظيم الطبيعي للدورة الشهرية أكثر من التأثيرات سابقة الذكر لمضادات الاكتئاب التي هي العلاج الأول لمتلازمة ما قبل الحيض وفقاً للطبيب خالد صادق.
لذلك تقترح الطبيبة ديانا تشيو (Diana Chiu) المضي قدماً في علاج الاكتئاب إذا ما اتضح تسبّبه في اضطرابات الدورة الشهرية بعد استبعاد أي أسباب محتملة أخرى لحدوث ذلك، فهناك العديد من أدوية الاكتئاب التي لا تؤثر في الدورة الشهرية. ويمكن للطبيب العام تقديم المساعدة وإحالة المريضة إلى مختص نفسي للاستفادة من الأدوية أو العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
متى يكون تأخر الدورة الشهرية خطِراً؟
هناك عدد قليل من السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن يكون فيها تأخر الدورة الشهرية خطِراً، فإذا تأخرت دورتك الشهرية لأكثر من أسبوع واحد قد يكون ذلك علامة مبكرة على الحمل.
متى يستدعي تأخر الدورة الشهرية زيارة الطبيب إذاً؟ تعتبر الاستشارية السريرية والطبيبة سارة جارفيس (Sarah Jarvis) الحالات الصحية الآتية سبباً للاستشارة الطبية:
- الإجهاد: هو أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للتأخير في الدورة الشهرية؛ حيث يمكن أن يؤثر في الجسم بعدة طرق بما في ذلك تغيير مستويات الهرمونات التي تتحكم في الدورة الشهرية، مؤدياً إلى دورة شهرية غير منتظمة أو أكثر إيلاماً أو حتى توقفها تماماً.
- متلازمة تكيس المبايض (PCOS): تُعتبر حالة شائعة لدى النساء ويمكن أن تتسبب في الدورة الشهرية الخفيفة أو انقطاعها التام في بعض الأحيان.
- وزن الجسم المنخفض: يمكن أن تسبّب الإصابة بأحد اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) في انخفاض مؤشر كتلة الجسم (BMI) عن 19. كما أن ممارسة الكثير من التمارين الرياضية يمكن أن تؤدي إلى النتيجة نفسها؛ إذ إن فقدان الكثير من الوزن قد يؤدي إلى توقف الدورة الشهرية.
- انقطاع الطمث الأولي (Primary Amenorrhea): ويشير إلى غياب ظهور الحيض لأول مرة لدى الفتيات اللاتي بلغن سن 15 سنة، ويرتبط ذلك باضطرابات وراثية أو عيوب خلقية.
- مشكلات تخص الغدة الدرقية (Thyroid Gland): تنتج الغدة الدرقية هرمونات قد تؤثر في الدورة الشهرية، يسبّب فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) إنتاج الكثير من تلك الهرمونات. أو أنه يتمّ إنتاج القليل منها في حالة الإصابة بقصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism).
تساعد مضادات الاكتئاب على موازنة مستويات الهرمونات في الجسم؛ وبالتالي استقرار الحالة المزاجية للشخص. غير أن عدم انتظام الدورة الشهرية؛ وتأخرّها أو حتى توقفها بسبب أي تأثيرات محتملة لهذه الأدوية قد يصعّب على النساء التخطيط لحياتهن اليومية بفعالية. لذلك إذا كنت قلقة، أو لاحظت تأثيرات مشابهة في دورتك الشهرية وأنت تتناولين مضادات الاكتئاب؛ من المهم استشارة الطبيب حول المخاطر المحتملة، فليس لمضادات الاكتئاب جميعها التأثير نفسه في الدورة الشهرية.