ليست المرأة فقط من يجد صعوبات في العلاقات العاطفية، الرجل أيضاً حين يضع دائماً احتياجات الآخرين قبل احتياجاته، فلا يُسعفه تظاهره الدائم باللطف في الدخول في العلاقات أو التقرّب من الأشخاص الذين يرغب فيهم، حينها يجد نفسه أسيراً لما يسمى "متلازمة الرجل اللطيف"، وهو مصطلح حديث أوجد نفسه في السنوات الأخيرة في ساحة الثقافة الشعبية للمواعدة والعلاقات العاطفية.
ويُشير المصطلح إلى حالة نفسية حيث يعتقد الرجل في أثناء تعامله مع النساء أنه يستحق مكافأة أو اهتماماً رومانسياً في مقابل إظهاره اللطف للطرف الآخر، وهو جانب مظلم من شخصية الرجل يُخفي عقداً ومنطقاً غير سليم، وينبغي للمرأة الحذر منه وعلى الرجل أن يحرّر نفسه من هذا النمط المريض في علاقاته.
ما هي متلازمة الرجل اللطيف؟
تُطلق متلازمة الرجل اللطيف (Nice Guy Syndrome) على رجل يكون أو يعتقد أنّه غير جذّاب للجنس الآخر، يكون غير حازمٍ بطبعه، ويفشل في التعبير عن مشاعره ونواياه الحقيقية. يستخدم الرجل اللطيف أساليب اللطافة الزائدة والآداب الاجتماعية مع المرأة ظاهرياً على أمل أن تتطوّر العلاقة إلى عاطفية أو حميمية.
تكمن المشكلة الحقيقية في هذه الفئة من الرجال اللطفاء أنهم يميلون بشكل مَرضي إلى السعي وراء نيل استِحسان الآخرين، والبحث عن أعذار لعدم تمتعهم بالحظ في الحب على الرغم من شخصياتهم اللطيفة، حيث يُخبء شعورهم العالي بالاستحقاق عقد نقصٍ كبيرة وعدم تقبّل متجذّر لذواتهم كما هي.
وما يجعل من هذه الحالة النفسية لدى الرجل تُشكّل خطراً ونوعاً من الخداع هو ردة فعل الرجل العدائية التي قد تصل إلى الرغبة في الانتقام إذا ما فشل في تأمين العلاقة التي يريدها وواجه الرفض أو بقي في منطقة الأصدقاء (Friend Zone)، وما قد يفاجئ البعض هو أن هؤلاء الرجال اللطفاء ليسوا لطفاء بتاتاً.
هذا ما يؤكّده خبير علم النفس روبرت غلوفر (Robert Glover) الذي أحدث ثورة في بناء المفاهيم والنظريات المعروفة حالياً حول متلازمة الرجل اللطيف بمؤلفه "لا مزيد من السيد لطيف" (No More Mr. Nice Guy) الذي حقق نسب مبيعات عالية منذ أن نُشر سنة 2003.
ووفقاً للدكتور غلوفر، هؤلاء الرجال اللطفاء يقولون الأكاذيب دائماً ويخبرون الناس ما يريدون سماعه ويخفون نواياهم الحقيقية، كما يستخدمون شتّى طرق التلاعب غير المباشر لتحقيق مبتغاهم، أما الحقيقة المرّة بخصوص لطفهم وعطائهم الزائد هي أنهم ينتظرون الحصول على المكافآت لمعاملتهم الحسنة أو أي خدمات أو مساعدات يقدمونها، فهم لا يعطون أبداً دون مقابل سواء كان ماديّاً أو حسياً، وهذا هو مبدئهم الأساسي في الحياة ومربط الفرس في أجندتهم الشريرة لبلوغ أهدافهم بطرق ملتوية وغير واضحة المعالم.
اقرأ أيضاً: ماذا يُخفي لطفنا الزائد مع الآخرين.
علامات متلازمة الرجل اللطيف وأسبابها النفسية
يوضّح الدكتور غلوفر في كتابه "لا مزيد من السيد لطيف" وفي العديد من الحوارات التي يُقدّمها للمنصات الإعلامية أن سلوك الرجل اللطيف يبدأ في الطفولة كاستراتيجية مُضلّلة للتكيّف نتيجة استيعاب فكرة أن هناك شيء ما خطأ في شخصيته، وبالتالي فهو يُطوّر نموذج أو خارطة طريق في علاقاته كبالغ كنوع من آلية دفاعية أو مهارة للبقاء بأن يوفّر كل ما يحتاجه الآخرون حتى يضلّ محبوباً ومقبولاً.
وكان غلوفر قد وصف الرجل اللطيف في أحد لقاءاته بالحرباء، لأنه يرفع إصبعه لأعلى ويختبر الهواء، ثمّ ينظر إلى أي اتجاه تهب الرياح ثم يسير في هذا الاتجاه، في إشارة للرجل الذي يمضي حياته في محاولة معرفة ما يعتقد أن الآخرين يريدونه منه ومحاولة إخفاء أي شيء يعتقد أنه سيثير رد فعل سلبي.