ما هي لغة الاحتضان في علم النفس؟

4 دقيقة
الاحتصان
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: بصفتنا كائنات اجتماعية فنحن لدينا حاجة متأصلة ومتجذرة إلى التواصل مع الآخرين؛ ومن أهم أشكال ذلك التواصل الاحتضان، والحقيقة إن هناك عدة أنواع مختلفة من الأحضان، وكل نوع من هذه الأنواع يحمل دلالات مختلفة. هناك حضن الدب الذي يدل على الحميمية والحب، وهناك الاحتضان من الخلف وهو شائع الحدوث في العلاقات الرومانسية وفي علاقة الأم بأطفالها ويدل على الحماية والأمان. علاوة على ذلك، هناك الاحتضان الجانبي بين المعارف والأصدقاء غير المقربين، والاحتضان المهذب الذي يُستخدم في المواقف المهنية والرسمية وعادة ما يأتي مصحوباً بتحية أو مصافحة مهذبة، وهناك احتضان جسر لندن الشائع بين المعارف البعيدين والاحتضان بالتربيت على الظهر وهو حميمي وصادق وذو معنى.

قد يبدو احتضان أحد أفراد الأسرة لدى عودته من البيت أمراً بسيطاً لكنه ليس كذلك، فبصفتنا كائنات اجتماعية، نمتلك حاجة قوية ومتجذرة إلى التواصل البشري. ويمكن القول إن الاحتضان يتجاوز فكرة الاتصال الجسدي؛ إنه لغة خاصة يعبر الشخص من خلالها عن الود والمحبة ويعزز العلاقات والتواصل مع الآخرين، ومن خلال هذا المقال سنتعرف معاً إلى أنواع الاحتضان المختلفة ودلالاتها.

6 أنواع للاحتضان

احتضان الدب 

هو احتضان طويل وعميق يدل على الحميمية. وفي أثناء هذا الاحتضان، يلف شخص ما ذراعيه بإحكام حول الشخص الآخر ويضغط بقوة، وأحياناً يرفعه عن الأرض. يُظهر هذا الاحتضان مشاعر الحب والفرح، وعادة ما يكون بين الأصدقاء المقربين أو أفراد العائلة الذين لم يلتقوا منذ مدة طويلة.

الاحتضان من الخلف 

في أغلب الأحوال، يكون هذا الاحتضان مفاجئاً، وعادة ما يحدث في العلاقات الرومانسية، وهو مهم للغاية لأنه يدل على الحب وعلى أن الشريك يشعر بمودة وحب صادق تجاه الطرف الآخر، علاوة على أن هذه الوضعية تعزز الترابط بين الزوجين بسبب التقارب الجسدي. علاوة على ذلك، يمكن أن يحدث هذا النوع من الاحتضان بين الأم وأطفالها.

الاحتضان الجانبي 

يحدث هذا الاحتضان عندما يعانق طرفان بعضهما بعضاً بذراعيهما حول الخصر أو الكتف. عادة ما يقفان جنباً إلى جنب، أحدهما يستخدم الذراع اليسرى والآخر يستخدم الذراع اليمنى، وهذا الاحتضان أكثر شيوعاً بين المعارف أو بعض الأصدقاء غير المقربين.

الاحتضان المهذب 

هو عبارة عن احتضان متحفظ ورسمي يُستخدم عموماً في المواقف المهنية أو الطارئة، ويتضمن احتضاناً سريعاً وخفيفاً، مع الحفاظ على مسافة فاصلة بين الأجساد، وغالباً ما تتبع هذا النوع من الاحتضان مصافحة أو تحية مهذبة.

احتضان جسر لندن

هو عبارة عن احتضان متباعد لأن الشخص يلمس الطرف الآخر بالجزء العلوي فقط من الجسد؛ بينما تكون الأجزاء السفلية من أجسادهما بعيدة. ويدل هذا الاحتضان على أن أحد الطرفين لا يريد احتضان الآخر ولكنه يجد نفسه مضطراً لذلك. على سبيل المثال؛ يحدث هذا الاحتضان عند مقابلة شخص لا تفضله أو أحد الأقارب البعيدين.

الاحتضان بالتربيت على الظهر 

هذا النوع من الاحتضان شائع بين الأصدقاء المقربين وأفراد العائلة وكذلك في العلاقات الرومانسية. وحين يربت أحدهم على ظهرك في أثناء العناق، فهذا يدل على أنه يتمنى لك التوفيق ويأمل من كل قلبه أن تظل بخير؛ ما يعني أن هذا الاحتضان ليس عادياً بل إنه النوع الأكثر ودية وهو أصيل وذو معنى.

اقرأ أيضاً: العلاج بالعناق: وصفة طبية مجانية لتعزيز صحتك النفسية

ما هي الفوائد النفسية للاحتضان؟

تؤكد المعالجة النفسية تحرير صافي إن الاحتضان حاجة فيزيولوجية مهمة جداً للكائنات الحية عموماً وللإنسان على نحو خاص؛ حيث تبدأ علاقة الإنسان مع الاحتضان منذ كان في رحم الأم وتستمر وتمتد باقي الحياة مع الأسرة والأصدقاء. ويؤدي الاحتضان الكثير من الفوائد النفسية؛ منها على سبيل المثال: 

الشعور بالأمان 

أجرى عالم النفس الأميركي هاري هارلو (Harry Harlow) تجربة علمية على القرود الحديثي الولادة؛ حيث عزلهم عن أمهاتهم البيولوجيات ووضعهم في قفص يوجد به خياران؛ أم بديلة مصنوعة من القماش لا تقدم أي طعام، أو أم معدنية مصنوعة من الأسلاك تقدم الطعام. وكان الهدف من التجربة هو معرفة أي منهما سوف يختار القرد؛ هل سيختار الأم المعدنية التي تقدم الطعام أم الأم المصنوعة من القماش الناعم التي يحتضنها القرد؟ وهذا الاحتضان يعزز شعوره بالدعم النفسي والأمان.

من المثير للاهتمام أن القرود الرضيعة أمضت وقتاً أطول مع الأم القماشية على الرغم من أنها لم تقدم  الطعام ولكنها كانت تقضي وقتها في احتضانها، وقد توصلت التجربة إلى نتيجة مفادها أن علاقة الأم والطفل لا تقتصر على مجرد تقديم الطعام؛ وإنما تمتد لكونها حاجة ماسة إلى الاحتضان من أجل الشعور بالأمان. وبصفتنا بالغين، نحن نحتاج أيضاً إلى الاحتضان لأنه يعزز شعورنا بالأمان.

اقرأ أيضاً: ما مدة العناق اللازمة لتخفيف قلقك وتقوية مناعتك؟

الإحساس بالسعادة 

يزيد الاحتضان تدفق هرمون الأوكسيتوسين المعروف باسم "هرمون الحب" في الجسم، ويؤدي هذا الهرمون دوراً رئيساً في عملية الولادة والمراحل التي تليها على نحو يسهم في تعزيز الترابط مع الطفل. علاوة على ذلك، فإنه ينشّط مراكز المتعة في الدماغ؛ ومن ثم يجعلنا نشعر بالسعادة، إلى جانب أن احتضان أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء يعزز إفراز الدوبامين الذي يُطلق عليه اسم "هرمون السعادة".

تخفيف حدة التوتر 

يقلل الاحتضان مستوى هرمون الكورتيزول؛ ما يؤدي إلى تخفيف حدة التوتر. ويمكن القول إن الاحتضان يؤدي وظيفة تطورية مهمة وذلك من أجل مساعدتنا على الشعور بالتحسن، فعلى الرغم من الوقت الذي لا نتعرض فيه يومياً إلى هجوم الدببة أو النمور في الغابات، لا زلنا نعاني التوتر والقلق اليومي؛ وذلك لأن أنظمتنا العصبية لا تستطيع التفريق بين التوتر الناجم عن مهاجمة النمور والدببة والتوتر اليومي، فمن المنطقي أننا سنحتاج إلى الاحتضان حتى تتحسن حالتنا النفسية ونشعر أننا بخير.

تحسين جودة النوم 

على الرغم من أن هرمون الأوكسيتوسين لا يؤثر تأثيراً بيولوجياً مباشراً في جودة النوم، فإن تأثيراته في تخفيف حدة التوتر والقلق مرتبطة بالتأكيد بتحسن النوم. علاوة على ذلك، فإن الاحتضان يخفّض مستوى هرمون الكورتيزول، وإطلاق الأوكسيتوسين يهدئ الجهاز العصبي؛ ما يؤدي في نهاية المطاف إلى الحصول على نوم أكثر عمقاً.

تعزيز العلاقات الاجتماعية 

يخلق الاحتضان لحظة من الاتصال الصادق والآمن؛ ما قد يعزز مشاعر الحب تجاه الآخرين ويقوي علاقاتنا الاجتماعية، ويعزز الشعور بالثقة.

المحتوى محمي